أفريقيا برس – المغرب. في ظل الحراك المهني والحقوقي المتصاعد الذي تعرفه مهنة التوثيق العدلي، احتضنت مدينة طنجة، يومي 17 و18 يوليوز 2025، ندوة وطنية علمية ترافعية تحت عنوان: « القانون المنظم للتوثيق العدلي: بين مشروعية المطالب وسؤال الحكامة »، بمبادرة من المجلسين الجهويين للعدول باستئنافيتي طنجة وبني ملال، وبشراكة مع الهيئة الوطنية للعدول، وبتنسيق مع المجالس الجهوية للقنيطرة، وجدة، مراكش وخريبكة.
وشكّلت هذه التظاهرة الفكرية، التي شارك فيها عدد من القضاة، المحامين، الأساتذة الجامعيين وممثلي المهنة، محطة جديدة ضمن مسار الضغط والترافع الهادف إلى تعديل قانون 16.03 المنظم لخطة العدالة، بما ينسجم مع روح دستور 2011 وتوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد سليمان إدخول، رئيس الهيئة الوطنية للعدول، أن الهيئة، رغم عدم امتلاكها لوظيفة تشريعية، تساهم بقوة في النقاش العمومي عبر تقديم توصيات ومذكرات مطلبية في إطار المقاربة التشاركية التي تعتمدها وزارة العدل.
ودق إدخول ناقوس الخطر بشأن ما وصفه بـ« الاختلالات الجوهرية » في القانون الحالي، خاصة ما يتعلق بتحمل العدلين معًا للمسؤولية الجنائية عن الوثيقة العدلية، في خرق لمبدأ شخصية العقوبة، بالإضافة إلى إشكالات رسمية الوثيقة ونظام التزكية في بعض العقود كعقود الزواج والطلاق.
من جهته، اعتبر إدريس الطرالي، رئيس المجلس الجهوي للعدول باستئنافية بني ملال، أن مطالب العدول ليست ظرفية أو فئوية، بل تعكس جوهرًا دستورياً وحقوقياً قائلاً: « إنها معركة وجود: إما أن نكون أو لا نكون ». وانتقد ما سماه بـ« التمييز التشريعي » بين مهن التوثيق، والذي يكرّس مظاهر « الحكرة التشريعية »، داعياً إلى مراجعة شاملة لقانون 16.03 في أفق تحقيق العدالة المهنية وتكافؤ الفرص.
بدوره، أوضح سعيد الصروخ، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة وعضو المكتب التنفيذي، أن اختيار موضوع الندوة لم يكن عفوياً، بل يعكس شعوراً عاماً لدى العدول بوجود تهميش مقصود لمطالبهم، قائلاً: « إما أن الجهاز الوصي يفتقد لحلقة تواصل فعالة، أو أنه يتعمد تجميد المطالب وتجاوزها دون إصلاح حقيقي ». كما نبّه إلى ضرورة ملاءمة مشروع قانون 22.16 المطروح حالياً على البرلمان مع مستجدات مدونة الأسرة المنتظرة.
وخلصت الندوة إلى مجموعة من التوصيات الداعية إلى التسريع في المسار التشريعي، ورفع التمييز القائم بين مهن التوثيق، مع التأكيد على ضرورة إعمال الحكامة الجيدة، وتحقيق عدالة مهنية تحفظ كرامة العدول وتُعيد لمهنتهم مكانتها كمرفق عمومي يُمارَس بتكليف من الدولة.
وفي ختام أشغالها، وجّه المشاركون رسالة مباشرة إلى وزارة العدل والمؤسسة التشريعية، مفادها أن مهنة التوثيق العدلي تمر بمنعطف حاسم، وأن أي إصلاح لا يُنصف العدول لن يُكتب له النجاح. كما تعهدوا بمواصلة الترافع والتأطير والضغط بكافة الوسائل المشروعة من أجل تحقيق إصلاح حقيقي يُنهي حالة التهميش، ويضمن للمهنة مسايرة التحولات التي يعرفها المجتمع والدولة المغربية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس