وقفة احتجاجية غاضبة على حضور صهيوني في مؤتمر علمي بالرباط

1
وقفة احتجاجية غاضبة على حضور صهيوني في مؤتمر علمي بالرباط
وقفة احتجاجية غاضبة على حضور صهيوني في مؤتمر علمي بالرباط

أفريقيا برس – المغرب. لم تمر الجلسة الافتتاحية للمنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا، المنعقدة بالرباط، دون احتجاج على حضور “علماء” اجتماع إسرائيليين. فعلى الرغم من أن الجمعية الدولية لعلم الاجتماع كانت قد علقت، قبل أسبوع، عضوية “الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع”، إلا أن مصادر من داخل “المنتدى الدولي” كشفت بأن “علماء” اجتماع إسرائيليين يحضرون أشغال المنتدى الدولي تحت غطاء جنسياتهم الأخرى التي يحملونها.

نظمت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع وقفة احتجاجية أمام مسرح محمد الخامس بالرباط يوم الأحد 6 يوليو 2025 على الساعة 17.00، تزامنا مع عقد الجلسة الافتتاحية لـ “المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا” الذي شهد حضور “علماء” اجتماع صهاينة. لكن الوقفة الاحتجاجية حوصرت وأُبعِد المحتجون عن جنبات المسرح، فيما تعرض بعضهم لإصابات متفاوتة، خاصة قمر عضو الجبهة بطنجة، وكذا غسان ابن وازي عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان وعزيز غالي الرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الانسان. كما أصيب مواطنون آخرون برضوض متفاوتة بسبب الدفع والإسقاط، حيث قامت قوات القمع بدفع المحتجين لإبعادهم عن جنبات مسرح محمد الخامس إلى نهاية الشارع.

علماء “جامعات الإبادة”

وقد رُفعت خلال هذه الوقفة شعارات تندد بحضور الصهاينة في المؤتمر وبوطيء أقدامهم أرض المغرب وتصفهم بمجرمين صهاينة وبكونهم جزءا من جيش الاحتياط الصهيوني المجرم، وبصفتهم ينتمون إلى “جامعة الإبادة” التي تزود الجيش الصهيوني بكل الوسائل العلمية ليستعملها في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.

وخلال هذه الوقفة ألقيت كلمة باسم حركة مقاطعة إسرائيل “بي دي اس” وباسم الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، ألقاها سيون أسيدون الناشط الحقوقي المغربي من أصول يهودية والمناهض للصهيونية، أكد فيها بأن «الحاضرين في المؤتمر ليسوا بعلماء بل هم مجرمون كباقي الصهاينة». وأكد أسيدون على أن كلا من «الجبهة وحركة “ب د س” تدينان حضور هؤلاء الصهاينة الى المغرب».

جدير بالتنويه أن بعض علماء الاجتماع من المؤتمرين العرب ومن العالم قد غادروا مسرح محمد الخامس حيث كان المنتدى منعقدا، وانضموا إلى الوقفة الاحتجاجية حاملين الكوفيات الفلسطينية ورددوا الشعارات (بالنسبة للعرب منهم) مع المحتجين.

وفي تصريح لـ “أفريقيا بريس”، قال محمد الغفري المنسق الوطني للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضه التطبيع: «تعرضت الوقفة التي دعت إليها الجبهة المغربية، احتجاجا على انعقاد الجلسة الافتتاحية للمنتدى الدولي الخامس للسوسيولوجيين بمسرح محمد الخامس بالرباط، للحصار ثم للقمع. فللأسف يحضر هذا المنتدى “علماء” اجتماع صهاينة، وهو ما يحملنا بشكل طبيعي كجبهة مناهضة للصهيونية إلى الدعوة للاحتجاج على حضور هؤلاء الصهاينة في بلادنا، سيما أنه أتى متسترا بقناع “العلماء”، في الوقت الذي نعلم جيدا بأن الكيان الصهيوني لا يوجد فيه مدنيون، بل فيه جيش رسمي وجيش للاحتياط. وثانيا إن هؤلاء “العلماء” ينتمون إلى جامعات الإبادة». وعن سؤال حول المقصود بجامعات الإبادة، يوضع محمد الغفري بأن «البحث العلمي في الكيان الصهيوني يجري توظيفه واستغلاله واستثماره من طرف الجيش في إبادة الشعب الفلسطيني، ولذلك نرفض هذا الحضور بصفتنا جبهة مغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، وبصفتنا مغاربة، وأيضا باعتبارنا جزءا من أحرار العالم. وفي هذا الإطار خرجنا اليوم لإدانة حضور الحركة الصهيونية، كجزء من خريطة الاحتجاج العالمي الذي جعل الانتماء المسيحي والسني والشيعي أو البوذي أو اليهودي واللاديني يتم تجاوزه بعد 7أكتوبر. فالحد فاصل بالنسبة لأحرار العالم: إما أن تكون مع الحركة الصهيونية أو مع المقاومة. وأحرار العلم يجسدون انحيازهم للمقاومة من خلال رفعهم للعلم الفلسطيني وحملهم للكوفية الفلسطينية، سواء في شوارع نيويورك، أو واشنطن، أو لندن، أو باريس، أو بون، أو روما، أو الدار البيضاء، أو الرباط، أو القاهرة، أو عمان، أو في اليمن، أو في سيدني، أو في طوكيو…»

عزلة أكاديمية للكيان

جدير بالتذكير أن الجمعية الدولية لعلم الاجتماع قررت قبل أسبوع، تعليق عضوية “الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع”، لعدم اتخاذها “موقفا يدين الوضع المأساوي في غزة” التي تتعرض لحرب إبادة متواصلة. وتأتي هذه الخطوة على خلفية رفض واسع من أكاديميين وحقوقيين، لمشاركة إسرائيل في المنتدى الدولي للجمعية الذي ينعقد حاليا بالرباط، وإعلان انسحابهم بسبب المشاركة المحتملة. وكان أكاديميون مغاربة وأجانب أعلنوا مقاطعتهم للمنتدى العالمي الخامس لعلم الاجتماع، الذي ينعقد في جامعة محمد الخامس (حكومية) بالعاصمة المغربية بين 6 و11 يوليو الجاري، احتجاجا على احتمال مشاركة أكاديميين إسرائيليين في فعالياته.

وكانت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (وهي منظمة غير حكومية) دعت الأكاديميين المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، إلى الضغط على الجمعية الدولية لعلم الاجتماع لإلغاء مشاركة الأكاديميين الإسرائيليين. وأهابت الحملة، في بيان، بالباحثين إلى “إلغاء كافة أشكال التعاون الاقتصادي والتجاري والأكاديمي مع إسرائيل، التي تُسهم في ترسيخ وجودها غير القانوني ونظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وكنتيجة للعزلة الدولية التي تحاصرهم، اعتبر أكاديميون إسرائيليون أن قرار الجمعية الدولية لعلم الاجتماع القاضي بتجميد عضوية رابطتهم فيها، يعتبر “خطوة مشروعة تندرج في سياق الاحتجاج على حجم الدمار غير المسبوق في غزة ومسؤولية الحكومة الإسرائيلية عنه”.

وعبّرت الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع، في بلاغ تعليقا على هذا القرار صدر الخميس الماضي، عن “قلقها إزاء العدوان الإسرائيلي على غزة”، معتبرة أن قرار تعليق عضويتها “لا يأخذ بعين الاعتبار وضع علماء الاجتماع الإسرائيليين، الذين يعملون تحت ضغط سياسي متزايد، ومساحة ديمقراطية آخذة في التقلص”. من جهة ثانية، زعمت الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع أن هذا القرار “قد يضعف أحد آخر المساحات المتبقية للمقاومة النقدية داخل المجتمع الإسرائيلي”، كما أنه “قد يقوي عن غير قصد جهود اليمين [الإسرائيلي] في قمع الحرية الأكاديمية”.

وتأسفت جمعية علماء الاجتماع الإسرائيليين للواقع، الذي أدى إلى قرار الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تعليق عضويتها الجماعية. موضحة: “إننا نشارك القلق العميق والأسى إزاء حجم الدمار والموت والمعاناة الإنسانية الرهيبة، التي لحقت بسكان غزة على يد الحكومة الإسرائيلية”. وأضافت في بيانها: “كما نشارك الأمل في إنهاء العنف والحرب، وفي التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، وإيجاد حل سياسي عادل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني”.

وكشفت جمعية علماء الاجتماع الإسرائيليين أن العديد من أعضائها يشاركون، في منتدى الرباط، بصفتهم علماء اجتماع ومواطنين، في جهود مستمرة للاحتجاج والتوثيق ومعارضة سياسات وأفعال حكومتهم، والتي تشمل “البيانات العامة، والمشاركة في المظاهرات، والتعليم والبحث الذي يتحدى السرديات السائدة، والتضامن مع الزملاء والمجتمعات المستهدفة. وذلك في ظل القيود المفروضة على النقد من داخل الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني الإسرائيلي”، بحسب نص البلاغ ذاته.

مشاركة “مستترة” في المنتدى

منطقيا، وبعد تعليق الجمعية الدولية لعلم الاجتماع لعضوية “الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع”، يفترض عدم مشاركة “علماء اجتماع” الكيان الصهيوني في أشغال المنتدى. وفي وقت يسود لبس شديد هذا الموضوع، غادر علماء اجتماع مشاركون في أشغال المنتدى مسرح محمد الخامس، حيث كانت تجري وقائع الجلسة الافتتاحية للمنتدى، لينضموا إلى المحتجين على المشاركة الإسرائيلية. ولم يكن هؤلاء المشاركون المتضامنون مع فلسطين فقط عربا، بل كانت سحنات بعهم آسيوية (صينيون أو يابانيون) وأيضا غربيون، حرصوا على إعلان رفضهم للحضور إلى جانب “أكاديميين” إسرائيليين وبالمقابل سجلوا تضامنهم مع فلسطين إلى جانب النشطاء المغاربة. وربما فاجئهم حضور “علماء” اجتماع الكيان بينهم ضمن أشغال المنتدى الأكاديمي الدولي.

مصادر من داخل “المنتدى الدولي” كشفت لـ “أفريقيا بريس” بأن “علماء” اجتماع إسرائيليين يحضرون أشغال المنتدى بالفعل، لكن تحت غطاء جنسياتهم الأخرى التي يحملونها حيث يخفون هويتهم الإسرائيلية. وحول هذا الموضوع، عبرت الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، من جهتها، عن عدم ترحيبها بأي منتم للكيان الإسرائيلي في المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا الذي تستضفيه مدينة الرباط حاليا، مشيرة إلى أن “استضافة الرباط لهذا الحدث لا تتحقق إلا بضرورة احترام القيم المغربية والمواقف المرتبطة بها، وخاصة ما تعلق بالقضايا الحيوية للمغرب وذات الصلة”. وأوضحت الهيئة في بيان لها أن “الممارسات الهمجية المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين، والتي تتوخى منها السلطات الإسرائيلية إبادة مادية ومعنوية للوجود الفلسطيني، تدفعنا في الهيئة المغربية للسوسيولوجيا إلى عدم الترحيب بأي منتم لهذا الكيان الغاصب”.

بينما دعت الحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، من جهتها، إلى “استمرار مقاطعة المنتدى الخامس للسوسيولوجيا رغم تعليق الجمعية الدولية لعلم الاجتماع عضوية إسرائيل فيها”. وأوضحت الحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل يوم الأربعاء 2 يوليو 2025 الماضي، في بلاغ توصل “أفريقيا بريس” بنسخة منه، أن تجميد عضوية جمعية علم الاجتماع الإسرائيلية من قبل اللجنة التنفيذية للجمعية الدولية لعلم الاجتماع “لا يعني بالضرورة عدم مشاركة ممثلي جامعات الإبادة في المنتدى الخامس”. وكشفت الحملة بأن “برنامج المنتدى الدولي لعلم الاجتماع المنعقد حاليا بالرباط، ما زال يتضمن 17 مداخلة لباحثين ينتمون إلى مؤسسات إسرائيلية، مما يدل على عدم استجابة الجمعية الدولية لعلم الاجتماع للمطالب الداعية إلى منع مشاركة الأكاديميين الإسرائيليين”. واستنكرت الحملة “استمرار إدراج مداخلات الباحثين الإسرائيليين، ضمن البرنامج الرسمي للمنتدى دون إصدار أي بيان يُلغي مشاركتهم أو يُدين المؤسسات التي وصفتها بأنها “متواطئة بحكم الواقع مع نظام الاستعمار الاستيطاني، والفصل العنصري (الأبارتايد)، والإبادة الجماعية في فلسطين”، معتبرة ذلك “عملا تطبيعيا محضا مع الكيان الصهيوني”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس