الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.. جرح لم يندمل بعد

1
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.. جرح لم يندمل بعد
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.. جرح لم يندمل بعد

أفريقيا برس – المغرب. يعيش حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، باعتباره أحد أبرز الأحزاب السياسية التي لعبت دوراً طليعياً في تاريخ المغرب، وضعية كارثية تجعل صورته هشّة وممارساته مرتبكة ونحن نشهد انسحاب واستقالة العديد من قياداته السياسية الكبيرة، على خلفية ما بات يعيشه الحزب من تراجعات كبيرة على مستوى التنظيم وطبيعة الممارسات السياسية وأبعادها الديمقراطية.

تاريخياً، يعد حزب « الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية » بمثابة الحزب الذي طالما أدى دوره الحقيقي على مستوى خلق معارضة حقيقية عبر عملية المراقبة وخلق بدائل سياسية ديمقراطية بها يضمن الحزب مبدأ الشفافية وتكريس الديمقراطية، باعتبارها آلية من آليات التحديث السياسي في العالم. لذلك، انتهج الحزب منذ سبعينيات القرن الماضي مشروعاً حداثياً تنويرياً لا أحد يستطيع أنْ ينكر القيمة الكبيرة التي قدّمها للوطن وذلك من خلال عدد كبير من التضحيات الجسيمة التي قدمها مناضلون خلال مراحل سياسيّة معيّنة.

بمعنى أنّ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبيّة، لم يكن يوماً حزب شخص أو جماعة أو عشيرة، لأنّ هذا الأمر يعد بمثابة ضرب حقيقي للديمقراطية، بعدما يصبح الحزب في يد شخص واحد ويتم تلقائياً إجهاض كلّ أفكار ومواقف ومقترحات باقي المكتب السياسي وأعضاء الحزب بشكل كامل. على هذا الأساس، تطالعنا بشكل شبه يومي انتقادات كبيرة من قياديين سابقين في الاتحاد الاشتراكي يوجهون نقداً لاذعاً إلى الطريقة التي يُسيّر بها حزب الاتحاد الاشتراكي والصورة التي أصبح عليها داخل فسيفساء المشهد السياسي.

على هذا الأساس، يعتبر العديد من الباحثين في المجال السياسي، على أنّ ما يعيشه الحزب يُقدّم صورة دقيقة على ما وصل إليه اليسار في المغرب. إذْ يعتبرون أنّ تجربة التناوب التوافقي التي عاشها المغرب عام 1998 أثّرت بشكل كبير على سيرة اليسار داخل التجربة السياسية المغربيّة. ومنذ تلك اللحظة انتسجت صداقات وتواطؤات بين المؤسسات الرسمية والأحزاب السياسية كان ضحيتها اليسار الذي لم يعد يملك أيّ رؤية أو هدف لتكريس قيم اليسار ومواقفه داخل المجتمع. بهذه الطريقة أصبحت صورة الحزب مجرّد غطاء خارجي يستغل فيه الحزب تاريخه الكبير كمحاولة لبناء شرعية داخل الحاضر السياسي.

وعلى الرغم من حرص الأمين للحزب في كلّ لقاء سياسي أو إعلامي تذكير المغاربة بتاريخ الحزب وبرنامجه وتضحياته ومواقفه، يجد المرء نفسه أمام عزوف سياسي كبير عن الحزب، خاصة بعد انسحاب العديد من القيادات السياسية والأسماء الثقافية التي طالما لعبت دوراً أساسياً في تكريس صورة الحزب وجعله من الأحزاب السياسية المعارضة التي تمتّعت بنفوذ كبير داخل في تاريخ المشهد السياسي في البلد.

في حديثه لـ le360 يرى شقران أمام، المحامي والرئيس السابق للفريق الاشتراكي بمجلس النواب أنه ونحن أمام « موعد انعقاد المؤتمر ينبغي ان يكون هناك نقاش عميق وحركية لافتة تحضيرا لهذه المحطة المفصلية في حياة الاتحاد. لكن للأسف هناك جمود مقلق، وترتيبات هاجسها الأساسي وضع شروط استمرارية الكاتب الاول لولاية جديدة عبر صيغ لا معقولة وتمس في العمق صورة الاتحاد وتاريخه والمبادئ التي يناضل من أجل ترسيخها ».

وعن سؤال رغبة إدريس لشكر في الترشّح لدخول لولاية رابعة يقول أمام بأنّ الأمر « لا يتعلق برغبة الكاتب الاول فقط، بل بمحيطه الضيق الذي تخدم الاستمرارية المزعومة مصالحه، دون أي اعتبار لمصلحة الحزب وذلك من أجل إعادته لوضعه الطبيعي داخل المجتمع. وهنا أعتقد أن واجب الاتحاديات والاتحاديين في مختلف مواقعهم الحد من النزيف القائم وقطع الطريق أمام المهزلة التي يتم طبخها بقواعد قانونية بئيسة لا تشرّف الاتحاد والاتحاديين بزعم المصلحة الفضلى للحزب».

من ثمّ يرى القيادي السابق أنّ «صورة الاتحاد ومكانته لدى المواطنين في تدني مستمر، لكن الأمر مرتبط بالأساس بالقيادة الحالية ولصيق بها، لأن الكثيرين يربطون بين استرجاع الاتحاد لعافيته ومصداقيته ببروز قيادات جديدة قادرة على تحمل مسؤولياتها وفق قيم ومبادئ الاتحاد وليس حسابات المواقع والبحث عن المقاعد الانتخابية بأي ثمن. هناك أمل في هذا الباب والقيادة الحالية مطالبة بأن تكون ضمن مسار ارادة التغيير والتجديد لمصلحة الاتحاد لا العكس».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس