أفريقيا برس – المغرب. وجدت الحكومة المغربية الجديدة الطريق معبداً من أجل تمرير مشروع موازنتها العامة، بكل سهولة، إذ لم يعارضها سوى 67 نائباً برلمانياً، فيما حظيت بتأييد 206 برلمانيين، ولم يسجل امتناع أي نائب عن التصويت خلال الجلسة التي جرت أول السبت في مجلس النواب. وبذلك، حصل الجهاز التنفيذي على تزكية المؤسسة التشريعية للشروع في تطبيق برنامجه وفق الموازنة المصادق عليها.
وأعلنت حكومة عزيز أخنوش، أمين عام التجمع الوطني للأحرار، أنها قبلت 31 تعديلاً على مشروع الموازنة لسنة 2022 من أصل 129 تعديلاً تم التقدم بها على الجزء الأول من المشروع، فيما جرى سحب 20 تعديلاً.
وقالت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، إن الحكومة لم تلجأ في أي وقت من الأوقات للفصل 77 من الدستور، معتبرة أن هذا الأمر يعكس «الأجواء الإيجابية التي طبعت أشغال لجنة المالية والتنمية الاقتصادية».
وينص الفصل 77 المذكور على أنه «يسهر البرلمان والحكومة على الحفاظ على توازن مالية الدولة. وللحكومة أن ترفض، بعد بيان الأسباب، المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان، إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة إلى قانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية، أو إلى إحداث تكليف عمومي، أو الزيادة في تكليف موجود».
رفض فرض ضريبة على الثروة
ورفضت الحكومة تعديلاً يقضي بإحداث ضريبة على الثروة، تقدمت به النائبة فاطمة الزهراء التامني، عن تحالف فدرالية اليسار، في الجلسة العمومية التي خصصها مجلس النواب من أجل المصادقة على مشروع الموازنة العامة 2022.
تعديل فدرالية اليسار الذي هم المادة 118 من المشروع يقضي بفرض ضريبة على ثروات الأغنياء، وقالت التامني: «آن الأوان للحكومة أن تفكر في فرض الضريبة على الثروة» وفق ما أورد موقع «اليوم 24».
البرلمانية عن فدرالية اليسار أوضحت أن تعديل حزبها يهم فرض ضريبة على الودائع والحسابات البنكية والعقارات والأسهم والسندات، التي تتراوح قيمتها ما بين 10 ملايين درهم، إلى 100 مليون درهم فما فوق، كما يتراوح سعرها ما بين 0.5 و0.75 و1 في المئة.
وأكدت برلمانية فدرالية اليسار، وهي تبرر مقترحها، على أن هذا الإجراء من شأنه أن يتيح مساهمة كبار الأغنياء في دعم خزينة الدولة، داعية إلى التوقف عن استهداف جيوب المواطنين والموظفين العاديين، والنظر في المقابل في مساهمة أصحاب الثروات الكبيرة في تنمية البلاد؛ يؤكد المصدر المذكور.
وسارع فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزارة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، بإعلان رفض حكومة عزيز أخنوش لهذا المقترح، كاشفاً أن الضريبة المفروضة على الشركات هي ضريبة على الثروة وهي تهم الأغنياء، والتي قفزت نسبتها من 37 إلى 42 في المئة، قائلاً: «التعديل غير مقبول».
البرلمانية فاطمة الزهراء التامني عادت لتشدد على أن الغرض من مطالبة فدرالية اليسار بإحداث ضريبة على ثروة أغنياء المغرب هو إضافة مداخيل مالية جديدة إلى خزينة الدولة، من شأنها أن تنمي البلاد وتدعم القدرة الشرائية للمواطنين، والمقترح الذي أوضحت التامني، أنه لن يكلف أصحاب الثروات الشيء الكثير، في الوقت الذي يتيح فيه مداخيل إضافية من شأنها أن تساهم في دعم خزينة البلاد.
وأجابت وزيرة الاقتصاد والمالية على تدخلات الفرق والمجموعة النيابية في مجلس النواب، بالقول: «تفاعلاً مع مداخلاتكم التي تركزت حول ارتفاع الأسعار والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، لا بد من التأكيد أولاً بأن الحكومة قد جعلت من القطاعات الاجتماعية والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين على رأس توجهات هذا المشروع».
وذكرت أنه على غرار باقي دول العالم فقد بدأ ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ منذ نيسان/ أبريل 2021 وهذا بعد اتجاه سلبي لتطور الأسعار خلال سنة 2020 على مستوى العالم، مشيرة إلى أن مؤشر الأسعار عند الاستهلاك في أيلول/ سبتمبر الماضي بلغ 5.4 في المئة بالولايات المتحدة و3.4 بالمئة في منطقة اليورو.
وبشكل عام، تقول الوزيرة المغربية، فإن العوامل التي أدت إلى الارتفاع الحالي للأسعار عند الاستهلاك في العالم والمغرب تبقى مرتبطة بالظرفية ولديها طابع ظرفي يعود أساساً للانتعاش الاقتصادي الذي يعرفه العالم بشكل أقوى مما كان متوقعاً، وللارتفاع الكبير الذي عرفته أسعار الطاقة، إلى جانب الاضطرابات المستمرة في سلاسل التوريد العالمية وحركة الملاحة الدولية؛ حسب ما جاء في تقرير لوكالة الأنباء المغربية.
وأبرزت الوزيرة أن التحسن الذي شهدته المغرب، سواء من خلال الموسم الفلاحي الماضي الاستثنائي الذي تميز بوفرة في الإنتاج أو من خلال تدخلات الحكومة فيما يتعلق بالمراقبة والتتبع، قد مكن من توفير السلع ومن تحقيق استقرار كبير على مستوى الأسعار، باستثناء عدد محدود من الموارد المستوردة من الخارج.
وبالنسبة للمنتجات المحلية مثل الخضر والفواكه والحبوب، تشير الوزيرة، فإن الأسعار إن لم تكن مستقرة فقد عرفت انخفاضاً على مستوى العديد من المنتجات.
أما بالنسبة للمواد المدعمة، والمتمثلة في الدقيق المدعم والسكر وغاز البوتان، فقد شددت نادية فتاح العلوي على أنها لن تعرف أي تغيير، موضحة أن استقرار أسعار هذه المواد يبقى مضموناً من خلال «صندوق المقاصة» الذي يتدخل من أجل تعويض الفارق بين هذه الأسعار وأسعار السوق الدولية.
وفي هذا السياق، أكدت أن اللجنة بين الوزارية المكلفة بالأسعار تعمل بصفة منتظمة منذ أسابيع، وستكثف جهودها لتجاوز هذه الظرفية من خلال محاربة كل الهوامش غير المبررة لتحديد الأسعار واتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتحقيق الهدف الأسمى الذي تحرص الحكومة عليه والمتمثل في الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.
تعليق الرسوم الجمركية
وذكرت، في هذا الإطار أن الحكومة قررت تعليق الرسوم الجمركية من أجل ضمان استقرار أسعار القمح، كما ستخصص تعويضاً إضافياً للمستوردين للحفاظ على أسعار جميع مشتقات القمح على المستوى المحلي.
وأفادت أن الحكومة خصصت أيضاً ما يناهز 8 ملايير درهم كزيادة في كتلة الأجور، خصصت أساساً لأداء المتأخرات المتعلقة بترقية الموظفين لسنتي 2020 و2021 .
و أشارت إلى الحكومة ستقوم بالتنزيل التدريجي لتطبيق الضرائب الداخلية على الاستهلاك المطبقة على المنتجات والآلات، والأجهزة والتجهيزات التي تشتغل بالكهرباء، وخفض مقادير الضريبة الداخلية على الاستهلاك المطبقة على الآلات الإلكترونية والبطاريات المخصصة للمركبات.
وذكرت أن حكومة أخنوش وافقت على التعديل الذي يقترح تمكين الجمعيات العاملة في مجال مكافحة آثار الكوارث الطبيعية من الاستفادة من الإعانات الممنوحة من الحساب المرصود لأمور خصوصية المسمى «صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية» وتخصيص حصيلة الضريبة على الاستهلاك المطبقة على الآلات الإلكترونية والبطاريات المخصصة للمركبات لفائدة «صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي».
وأكدت الوزيرة المغربية أن الحكومة ستولي أهمية كبيرة لمواكبة الجهات لتسريع تنفيذ برامج التنمية الجهوية.
وقالت إن الأمر يتعلق خاصة بالمشاريع والبرامج ذات الأولوية، التي سيتم تمويلها في إطار عقود – برامج بين الدولة والجهات، مضيفة أنه سيتم العمل كذلك على التسريع بتطبيق ورش اللاتمركز الإداري.
كما أشارت الوزيرة إلى أن الحكومة حريصة على توطيد خيار الجهوية كخيار دستوري وديمقراطي، ليس كنهج سياسي وإداري للمملكة فقط، لكن أيضاً كبديل تنموي لتعثر السياسات العمومية المركزية والممركزة في القضاء على التفاوتات المجالية في ما يخص الاستثمارات والولوج إلى الخدمات العمومية الأساسية، وبالتالي انعكاس ذلك على التوزيع العادل للثروة بين الجهات.
وخلصت العلوي إلى أنه لأجل ذلك سيتم العمل على نقل اختصاصات واسعة من الدولة إلى الجهة، بالموازاة مع تحويل الموارد المادية والبشرية الكافية لذلك، وعلى نحو يضمن الاستقلالية في التدبير المالي والإداري للجهة، ويجعل من هذه الأخيرة قطباً تنموياً حقيقياً ورافعة للتنمية البشرية والارتقاء الاجتماعي وشريكاً أساسياً للدولة. ويتوفر المغرب على 12 جهة، وهي تضم مجموعة من الأقاليم.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس