المغرب: قيادي إسلامي ينتقد التوقيع على «قرض فرنسي» لتطوير التعليم… وإعلامي يتساءل عما إذا كانت «حكومة صاحب الجلالة» تحولت إلى «حكومة توني بلير»

6
المغرب: قيادي إسلامي ينتقد التوقيع على «قرض فرنسي» لتطوير التعليم… وإعلامي يتساءل عما إذا كانت «حكومة صاحب الجلالة» تحولت إلى «حكومة توني بلير»
المغرب: قيادي إسلامي ينتقد التوقيع على «قرض فرنسي» لتطوير التعليم… وإعلامي يتساءل عما إذا كانت «حكومة صاحب الجلالة» تحولت إلى «حكومة توني بلير»

أفريقيا برس – المغرب. تسارع فرنسا الزمن من أجل تدارك فترة جمود علاقاتها مع المغرب، ولذلك تلجأ إلى أسلوبها المعتاد المتمثل في إغراق البلد بالديون والقروض، خدمة لمشروعاتها الفرنكوفونية التي تذكّر بالماضي الاستعماري.

وبعدما كانت حكومة أخنوش تلوّح منذ شهور بورقة التوجه نحو الإنكليزية في المنهاج التعليمي، فضلاً عن إبرام اتفاقات مع بريطانيا، في إطار ما تطلق عليه «تنويع الشراكات» عادت مجدداً لاحتضان «الصديق القديم» فعقدت اتفاقية مع «الوكالة الفرنسية للتنمية» من أجل تمويل برنامج دعم خريطة طريق إصلاح منظومة التعليم الذي يمتد إلى غاية 2026. وجاءت الاتفاقية على شكل «قرض» بمبلغ إجمالي قدره 134,7 مليون يورو. وأوردت مصادر محلية عن وزير التعليم المغربي، شكيب بنموسى، قوله إن التمويل يستهدف بالخصوص مؤسسات التعليم الإعدادي، بهدف خفض نسبة الهدر المدرسي (تغيّب الطلاب عن الدراسة) بما يشمل الدعم المدرسي والتربوي والاجتماعي، فضلاً عن تحسين الكفاءة اللغوية، وخاصة الفرنسية، بدعم من الوكالة الفرنسية للتنمية.

ووجّه الأكاديمي المغربي خالد الصمدي انتقاداً لهذه الاتفاقية، متسائلاً: «هل عجز المغرب عن تمويل إصلاح منظومته التربوية حتى يمد يده إلى فرنسا لطلب العون والمدد بمليار درهم، وهو البلد الذي يطلق المشاريع الكبرى بملايير الدراهم، ويخصص للتعليم سنوياً ما يقرب من ثمانين مليار درهم؟».

وأضاف في تدوينة على «فيسبوك» أن البلاغ الصادر في الموضوع «ينصّ على أن مبلغ القرض سيخصص لدعم تعليم اللغة الفرنسية، باعتبارها لغة مدرسة ولغة تدريس، وهذا الهدف يقتضي أن يكون المبلغ تمويلاً غير مسترجع وليس قرضاً، لأن نفعه لفرنسا، فكيف نقترض من فرنسا لتمويل تدريس لغتها والتدريس بها في المدارس العمومية المغربية؟».

خالدي الصمدي الذي سبق له أن تولى منصب وزير للتعليم العالي في حكومة سعد الدين العثماني الأولى (ما بين 2017 و2019) تابع تدوينته بالمقارنة التالية: «تصوروا أن فرنسا تقترض من إنكلترا لاستعمال القرض في تدريس اللغة الإنكليزية والتدريس بها في المدارس الفرنسية!». وانتقد رهن إدارة منظومة التعليم في المغرب باستمرار مد اليد إلى الأجنبي «الذي يستغلها فرصة لفرض أجنداته على حساب خيارات البلد الدستورية والاستراتيجية». كما لاحظ أن القرض الفرنسي الجديد يأتي مع استمرار تنفيذ هندسة لغوية في المنظومة التعليمية خارج ما ينص عليه القانون الإطاري الذي اعتمد مبدأ «التناوب اللغوي» بين اللغات الوطنية واللغات الأجنبية في تدريس المواد العلمية والتقنية، والقطع مع «الأحادية اللغوية».

وأكد القيادي الإسلامي أنه «مهما كان القرض أو المنحة، فإن خيارات البلد في تعزيز لغاته الرسمية عن طريق تعزيز تدريسها والتدريس بها، والانفتاح الموزون على اللغات الأكثر تداولاً في العالم، غير قابلة للمساومة وقرار لا يمكن رهنه لأجنبي بحال».

وتحت عنوان «حكومة صاحب الجلالة» أم «حكومة توني بلير»؟! تطرق الإعلامي عبد الرحيم أريري، في افتتاحية العدد الجديد من أسبوعية «الوطن الآن» التي يديرها، إلى الخدمات التي تقتنيها الحكومة المغربية من الخارج، وأغلبها خدمات لمكاتب الدراسات الأجنبية؛ فاعتبر أن اللجوء لهذه المكاتب حتى في قضايا عادية لا تستوجب خبرة أجنبية (آخرها صفقة مع مكتب توني بلير لإنجاز دراسة حول السياسة العمومية) يكشف ليس فقط احتقار حكومة أخنوش للخبراء المغاربة، بل يبين مدى تجذر عقدة الأجنبي لدى وزراء المغرب، مما يتسبب في نزيف رهيب للعملة الصعبة، وفق تعبيره.

وأردف قائلاً: «إن كان الأمر كذلك، لماذا لا يلجأ المغرب إلى الاستغناء عن الحكومة والتخلي عن تعيين الوزراء، والاستعانة بحوالي 30 أو 32 خبيراً أجنبياً لتسيير الشأن العام بالمغرب؟ فأحسن أجرة لخبير دولي متمرس لا تتجاوز 30 ألف دولار أمريكي شهرياً».

ولاحظ كاتب الافتتاحية أنه «إذا افترضنا أن المغرب أقال حكومة أخنوش وتخلى عن كافة وزرائها وعيّن 30 خبيراً دولياً أجنبياً مكان الوزراء، فإن الكلفة التي ستتحملها الخزينة العامة لا تتجاوز 0,72% من مجموع ما تسدده الخزينة العامة المغربية كل عام للخدمات الأجنبية، وضمنها خدمات مكاتب الدراسات الأجنبية. وبالتالي سنوفر ليس فقط مصاريف الانتخابات وأجور الوزراء والبرلمانيين وباقي المنتخبين».

وفي رأي عبد الرحيم أريري: «من العار أن يشقى مغاربة العالم ليل نهار ويتحملون عذابات الغربة وجحيم العنصرية لتوفير مدخرات وتحويل 115 مليار درهم من العملة الصعبة للمغرب، وبدل أن يوظف هذا المبلغ بما يخدم المصلحة العامة، تقوم الحكومة بتبذير 13% من تحويلات مغاربة العالم من العملة الصعبة على مكاتب دراسات أجنبية».

وختم افتتاحيته بالإشارة إلى أنه إذا استمر الوضع على هذا المنوال، فمن الأحسن أن نردم لفظة «حكومة صاحب الجلالة» ولفظة «حكومة الكفاءات» لتحل محلها لفظة «حكومة توني بلير» ولفظة «حكومة مكاتب الدراسات الأجنبية».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس