حزب معارض يتهم الحكومة بالاصطفاف إلى جانب اللوبي المالي على حساب المواطنين البسطاء

10
حزب “التقدم والاشتراكية” يتهم الحكومة المغربية بالاصطفاف إلى جانب اللوبي المالي على حساب المواطنين البسطاء
حزب “التقدم والاشتراكية” يتهم الحكومة المغربية بالاصطفاف إلى جانب اللوبي المالي على حساب المواطنين البسطاء

أفريقيا برس – المغرب. وجه قيادي حزبي ووزير سابق انتقادات حادة للحكومة المغربية الحالية التي يرأسها عزيز أخنوش، أمين عام حزب “التجمع الوطني للأحرار”، معتبرا أنها قريبة من “لوبي” المصالح الاقتصادية والمالية، وبعيدة عن شعار “الدولة الاجتماعية” الذي رفعته في بداية ولايتها منذ حوالي ثمانية شهور.

محمد نبيل بنبعد الله، في كلمة ألقاها السبت، باسم المكتب السياسي لحزب “التقدم والاشتراكية” المعارض، أمام اللجنة المركزية (أعلى هيئة تقريرية)، قال إن الحكومة المغربية “ماهرة فعلا في التبرير، تارة بتقلبات الوضع الدولي، وتارة بإرث الحكومات السابقة. في حين أن الحقيقة تكمن في كون الحزب الذي يقود الحكومة الحالية كان جزءًا من هذا الإرث، بإيجابياته وسلبياته، وكان، أكثر من ذلك، مصدرا أساسيا للقرارات الاقتصادية والمالية الرئيسية على مدى سنوات عديدة”.

وأضاف “حتى لو افترضنا جدلا أن الحكومات السابقة جانبت الصواب في أمور بعينها، فما الجدوى من الحكومة الحالية إذا لم تبادر إلى تصحيح المسار، عوض التباكي والتشكي؟”.

وتابع بنعبد الله في الكلمة التي اطلعت عليها “القدس العربي” قائلا: “لا نعرف، اليوم، إلى متى سيطول انتظار الرأي العام للحكومة من أجل أن تفصح عما تنوي القيام به، اقتصاديا واجتماعيا. ولا متى ستشرع في تنفيذ النموذج التنموي الجديد الذي محاوره الاستراتيجية للتحول هي: اقتصاد منتج ومتنوع قادر على خلق قيمة مضافة ومناصب شغل ذات جودة؛ ورأسمال بشري معزز وأكثر استعدادا للمستقبل؛ وفرص لإدماج الجميع وتوطيد الرابط الاجتماعي، ثم مجالات ترابية قادرة على التكيف وكفضاءات لترسيخ أسس التنمية”.

واستدرك محمد نبيل بنعبد الله قائلا “دعونا نكون واقعيين: هل يجدر بنا أن نتوقع الإصلاح من حكومة تصطف في صف اللوبيات المالية على حساب البسطاء؟ حكومة يخترقها تضارب المصالح، بشكل صريح، لا سيما في مجال المحروقات”.

وأعطى مثالا على ذلك برفض الحكومة، بشكل عمدي وممنهج، لكل النداءات والأصوات التي تدعو إلى إعادة تشغيل مصفاة “لاسامير” لتكرير البترول في مدينة المحمدية (القريبة من الدار البيضاء) وتقوية القدرات التكريرية والتخزينية.

وأوضح “إذا كنا ندافع عن لاسامير، فلأننا نحمل هاجس أمننا الطافي الذي تكمن فيه المصلحة الوطنية. ولأننا نسعى إلى تفادي استيراد المواد البترولية مكررة بفاتورة طاقية أغلى، ولأننا نريد تأمين المخزون الذي يمكن أن نستورده في حالات انخفاض الأسعار، ولأن الجميع يدرك أن أسعار الطاقة تؤثر في كافة أسعار المواد الاستهلاكية الأخرى”.

كما تساءل القيادي الحزبي “لماذا ترفض الحكومة المساس بالضرائب المفروضة على استهلاك المحروقات، وهي التي صارت تدر على الخزينة موارد إضافية كبيرة ترفض الحكومة مناقشة سبل ووجهات إنفاقها، في حين عمدت دول أخرى إلى تخفيض هذه الضرائب؟”.

وأردف متسائلا “لماذا رفضت الحكومة التدخل لفرض اعتدال شركات المحروقات في هوامش ربحها الفاحش والمقدر بعشرات الملايير من الدراهم؟”.

وأجاب أن كل شيء واضح الآن. فالحكومة التي تدعي تبنيها لشعار “الدولة الاجتماعية” غير مبالية، في الواقع، بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، حيث المواطنات والمواطنون يئنون وحدهم تحت وطأة الغلاء وفقدان الشغل وندرته، وتحت وطأة الجفاف الذي يضرب تحديدا المجال القروي (الأرياف) في الصميم، وفق تعبيره.

وأكد أن الحكومة التي تنعت نفسها بأنها “سياسية وقوية”، وأنها حكومة الكفاءات وابتكار الحلول، بعيدة كل البعد على أن تكون فعلا كذلك، في وقت المغرب فيه محتاج إلى أن تكون هذه الحكومة فعلا سياسية وقوية.

وقال “نعترف بأن أي حكومة اصطدمت بظروف معقدة واستثنائية كهذه، كانت ستجد صعوبات. لكن هذه الصعوبات، ليس مقبولا أن تتحول إلى مصدر للتبرير، بل إنها نفسها هي ما يبرر الحاجة القوية إلى حكومة سياسية قوية، فعالة، ومبدعة للحلول. كما أنه ليس مقبولا من الحكومة غلق الآفاق وإطلاق تصريحات مفادها أن لا شيء يمكنها فعله للتخفيف من وطأة غلاء المعيشة على المغاربة”.

ولاحظ أن الحكومة الحالية لم تعط أي مؤشرات على أنها ستشرع في مباشرة الإصلاحات الهيكلية، من قبيل الإصلاح الجبائي، وإنقاذ صناديق التقاعد، وإعمال دولة القانون في المجال الاقتصادي.

وذكر أمين عام “التقدم والاشتراكية” أن الإصلاح الوحيد الذي تتقدم فيه، تنظيميا فقط، هو ورشة “الحماية الاجتماعية”، مشددا على أن المعارضة ليست وحدها من يتساءل عن إجراءات وقرارات هذه الحكومة، بل أوساط مختلفة في المجتمع. “فالحكومة التي كان يفترض أن تكون جزءا من الحلول صارت جزءا من المشاكل، بضعفها وصمتها وغيابها”، وفق قوله.

وذهب إلى القول إن عامل ضعف الحكومة المغربية ينضاف الآن إلى العوامل الموضوعية الصعبة، مما يزيد في تعقيد أوضاع المقاولة، وأوضاع الشغل، وتدهور القدرة الشرائية، وتعمق الفقر والهشاشة.

بالمقابل، يوضح القيادي الاشتراكي، نجد حكومات بلدان أخرى، تعيش نفس الظروف، قد اتخذت حزمة قرارات وإجراءات، في شكل مخططات متكاملة على أساس رؤية شمولية، للتخفيف من وطأة الأزمة على الناس.

وقال “لقد صبرنا، كمعارضة، على الحكومة، في الشهور الأولى التي تلت تنصيها. لكن اليوم ليس لديها أي مبرر لعدم إجراء الإصلاحات واتخاذ القرارات الضرورية؛ ولا حق لها في الاختباء وراء التبريرات”.

الحزب يستنكر قيام “عناصر مأجورة” باقتحام مقره

في السياق، استنكر حزب “التقدم والاشتراكية” المغربي المعارض قيام مجموعة من العناصر التي وصفها بـ”المشبوهة والمسَخَّرة” بمحاولة “فاشلة” لاقتحام مقره العام في الرباط، السبت، باستعمال العنف والاستفزاز والاعتداء اللفظي والجسدي.

وأوضح في بيان اطلعت عليه “القدس العربي” أن الأمر يتعلق “بعناصر مأجورة لا تمتُّ بأي صلة إلى حزب التقدم والاشتراكية، اللهم إلا بضعة عناصر تمّ إبعادها من الحزب، في وقت سابق، لأسباب أخلاقية، وبالنظر إلى تصرفاتها المشينة والمسيئة إلى قيم ومبادئ وأخلاقيات حزب التقدم والاشتراكية”.

وأضاف البيان أن مناضلي الحزب عالجوا هذا “الاعتداء الأرعن”، و”هذه التصرفات الخطيرة”، بيقظة وتبصر وحكمة وضبط للنفس، مما منع هذه “العناصر المشبوهة” من تنفيذ مخطط اقتحام أبواب المقر بغرض التخريب وإفساد اجتماعٍ رسمي للحزب.

وأفاد أنه يتوفر على كل الدلائل والبراهين الموَثَّقة قضائيا بالصورة والصوت على الاعتداء، معلنا أنه يحتفظ لنفسه بحق اللجوء إلى كافة المساطر القانونية والقضائية، دفاعاً عن حرمة الحزب، وحتى لا تتكرر مثل هذه الأعمال النكراء والبئيسة التي لن تؤثر أبداً في المسيرة النضالية للحزب، وفق تعبير البيان.

وكان حزب “التقدم والاشتراكية” عقد الدورة التاسعة للجنته المركزية (أعلى هيئة تقريرية فيه) السبت في مقره الوطني في الرباط. وأوضح البيان أن النجاح الكبير لهذه الدورة تُوّج بمصادقة اللجنة المركزية، بالإجماع، بعد نقاش مستفيض وغني على التقرير السياسي الذي تناول الأوضاع العامة على الصعيد الوطني، تقدم به الأمين العام محمد نبيل بنعبد الله، باسم المكتب السياسي، وكذا على المقرر التنظيمي ومختلف لجان تحضير المؤتمر.

وبذلك، يضيف البيان، يكون حزب “التقدم والاشتراكية” قد أعطى الانطلاقة الفعلية لعمليات تحضير مؤتمره الوطني الحادي عشر، والذي قررت اللجنة المركزية انعقاده في منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من السنة الجارية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس