خلافا لما كان يتوقعه الكثيرون من سياسيين وفاعلين ورأي عام وطني بشأن تخصيص الملك محمد السادس خطاب الذكرى الـ64 لثورة الملك والشعب لقضايا داخلية، من قبيل محاسبة الوزراء المعنيين بالغضبة الملكية في مشاريع الحسيمة منارة المتوسط، فضل الملك الحديث عن السياسة الخارجية للمغرب، وخصوصا دبلوماسية المملكة في إفريقيا والمشاريع الإستراتيجية التي أعلن عنها قبل شهور في هذا الصدد.
خالد الشكراوي، خبير في الشؤون الإفريقية والعلاقات الدولية، يرى أن خطاب “20 غشت” مهم للغاية، ويأتي بعد خطاب عيد العرش الذي خُصص للسياسية الداخلية للبلاد، مشيرا إلى أن تخصيص ملك البلاد الخطاب لهذا الموضوع “منطقي”، بحكم أن ذكرى ثورة الملك والشعب مرتبطة أساساً بنفي المغفور له محمد الخامس إلى مدغشقر.
وقال الشكراوي ضمن تصريح لهسبريس: “خطاب الملك الأخير لديه ظروفه، ولا أعتقد أن الملك يحتاج لأن يعيد الكلام نفسه الذي قاله في خطاب عيد العرش، الذي أرسل من خلاله رسالة واضحة إلى من يهمهم الأمر: الحكومة والمسؤولون والإدارة المغربية، يجب أن تترجم على أرض الواقع، لا أن ينتظروا المزيد من الخطابات”.
واستغرب الخبير في العلاقات الدولية ممن يطالبون الملك بالحديث عن المواضيع التي تشغل بال المغاربة، من قبيل “حراك الريف”، وقال: “محمد السادس يعرف جميع هذه القضايا، ولكن إذا كان المسؤول المغربي يطالب بخطاب من هذا القبيل، فأعتقد أنه لا يعرفه”، لافتا إلى أن خطاب العرش بخصوص تحمل الحكومة لمسؤوليتها كان حاسماً، بمعنى “انتهى الكلام، وعلى من يهمهم الأمر أن يتحملوا مسؤولياتهم؛ لأن منهم من ربط فشله في تدبير منصبه بالسياسة الإفريقية للمغرب”.
وخلص المتحدث إلى أن خطاب ثورة الملك والشعب “هو عبارة عن حوار مع المجتمع المغربي لتوضيح ما تم إنجازه في إطار السياسة الخارجية المرتبطة بعمق إفريقيا، خصوصا المبادرات التي قام بها الملك في الفترة الأخيرة، ولتصحيح بعض المغالطات التي يروجها أيضا بعض السياسيين، من قبيل أن المغرب يصرف أموالا باهظة على إفريقيا، بدل صرفها على المغاربة”.
وأشار الشكراوي في هذا السياق إلى أن المغرب لا يتوجه بأمواله نحو إفريقيا، وإنما في إطار شراكات ومشاريع استثمارية، وقال: “يمكن أن نختم بالقول إنه خطاب يرد على المنابر السياسية والصحافية الشعبوية التي تتحدث عن السياسة الإفريقية للمغرب في إطار غير واع”.
وكان العاهل المغربي قد أكد أن توجه المغرب نحو القارة الإفريقية يعتبر وفاء للتاريخ المشترك ووحدة المصير، وثمرة لتفكير واقعي بعيد المدى، معرجا على عناية المملكة بالقارة منذ بداية الاستقلال.
وأبدى الملك اهتمامه بالقارة السمراء من خلال العدد الكبير لزياراته الرسمية التي قام بها إلى العديد من البلدان الإفريقية، بلغ 50 زيارة إلى أزيد من 29 دولة إفريقية، منها 14 دولة منذ أكتوبر الماضي.
وتطرق الخطاب الملكي إلى شراكة المغرب مع البلدان الإفريقية متمثلة في خطة رابح ــ رابح من خلال المشاريع التنموية الكبرى، مثل أنبوب الغاز ومركبات إنتاج الأسمدة في نيجيريا وإثيوبيا، وبرامج التنمية البشرية.
ونفى الملك محمد السادس أن يكون هدف المغرب هو الرجوع إلى الاتحاد الإفريقي فقط، مشددا على أن عودة المملكة إلى المؤسسة الإفريقية هي بداية ملحمة جديدة من العمل.