عائلات “جيل زد” تطالب بإطلاق سراح معتقلي الحراك

1
عائلات
عائلات "جيل زد" تطالب بإطلاق سراح معتقلي الحراك

أفريقيا برس – المغرب. تتواصل في المغرب سلسلة المحاكمات المرتبطة باحتجاجات ما بات يُعرف بـ”جيل زد 212′′، حيث ما تزال الأحكام بالسجن تصدر تباعا في العديد من المدن، من بينها مكناس وتازة، في وقت تتصاعد فيه أصوات تطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية هذه الأحداث.

وبحسب “الفضاء المغربي لحقوق الإنسان”، بلغ عدد المدانين المئات من البالغين، فيما ناهز مجموع الأحكام الصادرة في حقهم مئات السنوات من السجن النافذ، تراوحت بين سنة واحدة و15 سنة، بالإضافة إلى 162 قاصراً صدرت في حقهم أحكام ابتدائية.

وفي هذا السياق، أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف في مراكش سلسلة من الأحكام في ملفات مرتبطة بأحداث “جيل زد”. وقد تباينت القرارات بشكل لافت بين البراءة والتشديد، إذ انتهت الجلسة بصدور أحكام بالبراءة لفائدة ستة متابعين، مقابل إدانات متفاوتة في ملفات أخرى بلغت في أقصاها خمس سنوات سجناً نافذاً.

أحكام بالسجن وغرامات ودفع تعويضات

وخلال هذه الجلسة، قضت المحكمة في عدة ملفات بأحكام متنوعة، أبرزها: أربعة أشهر سجناً نافذاً وغرامة بقيمة 2000 درهم (حوالي 21,600 دولار) في حق خمسة متهمين، وشهران سجناً نافذاً وغرامة 1500 درهم (حوالي 16,300 دولار) ضد متابعَين اثنين، بينما تلقّى شخص واحد حكماً بسنة سجناً نافذاً. كما أصدرت أحكاماً بالسجن لثلاث سنوات في حق تسعة متهمين، وخمس سنوات سجناً نافذاً بحق أربعة آخرين.

ولم تقتصر العقوبات على السجن والغرامات، بل شملت أيضاً إلزام عدد من المدانين بأداء تعويضات مالية تضامنية بلغت 200 ألف درهم (حوالي 21,600 دولار) لفائدة الدولة، إضافة إلى 560 ألف درهم (حوالي 54,000 دولار) موزعة على هيئات ومؤسسات قالت إنها تضررت من الأحداث، من بينها “المفتشية العامة للقوات المساعدة”، وعدد من الأبناك، إلى جانب الهلال الأحمر المغربي والمجلس الإقليمي للحوز.

وتندرج هذه الأحكام ضمن سلسلة ممتدة من المتابعات التي طالت عشرات الشباب عقب موجة الاحتجاجات التي حملت اسم “جيل زد”، وهي موجة أعادت النقاش العمومي إلى الواجهة حول حدود حرية التعبير والتظاهر، وكذا طبيعة تعامل السلطات مع الاحتجاجات في الفضاء العام.

ورافق هذه المحاكمات ارتفاع وتيرة البيانات الحقوقية والدعوات السياسية المطالبة بمراجعة التشريعات المنظمة للاحتجاج السلمي، فضلاً عن المطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية هذه الأحداث.

وبالتزامن مع المسار القضائي لهذه الملفات، خرجت عائلات المعتقلين ونشطاء حقوقيون إلى الشارع في وقفات احتجاجية تزامنت مع جلسات المحاكمة، حيث رفع المشاركون شعارات تطالب ببراءة المتابعين، وبتحقيق المطالب الاجتماعية التي خرج من أجلها الشباب إلى الشارع، وعلى رأسها تحسين خدمات الصحة والتعليم، وتوفير فرص الشغل، وضمان السكن اللائق. وعرفت بعض الوقفات احتقانا بسبب تزايد الإحساس بالغبن، وفق تعبير المحتجين.

بدورها، أصدرت المحكمة الابتدائية في كلميم (جنوب البلاد) أحكاماً تتراوح بين 3 سنوات و15 سنة سجناً في حق مجموعة من الأفراد الذين ثبت تورطهم في أحداث شغب وتخريب شهدتها المدينة، وارتبطت بدورها بـ “جيل زد”. وتنوّعت التهم الموجّهة للمدانين بين تخريب الممتلكات العامة والخاصة، وعرقلة حركة السير، ورشق عناصر الأمن بالحجارة، والمشاركة في تجمعات غير مرخصة.

وكانت مظاهرات الحراك الشبابي انطلقت في المغرب، أواخر أيلول/سبتمبر المنصرم، بمبادرة من حركة تنشط على منصات التواصل الاجتماعي، وتواصلت الاحتجاجات السلمية في عدة مدن لمدة عشرة أيام، وشهد يومان منها مواجهات مع رجال الأمن، وإلحاق أضرار بمنشآت إدارية ومحال تجارية وسيارات ومركز للدرك. وأسفرت المواجهات عن مقتل ثلاثة محتجين وإصابة المئات منهم ومن رجال الأمن.

انتقادات للنهج الأمني الصارم

وانتقدت منظمات حقوقية “النهج الأمني الصارم” الذي تعاملت به السلطات مع المتظاهرين، غير أن النيابة العامة أكدت أن تدخلات قوات الأمن تمت وفقاً للقانون. كما أثارت موجة الاعتقالات قلق الهيئات الحقوقية، وأصبحت شعاراً إضافياً للمحتجين الذين رفعوا في مظاهرات لاحقة لافتات تطالب بالإفراج عن المعتقلين. ونددت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” بهذه الاعتقالات ووصفتها بأنها عشوائية، بينما طالب حراك “جيل زد 212” بالإفراج عن جميع الموقوفين على خلفية الاحتجاجات.

في سياق متصل، أعلنت 60 شخصية مغربية، من بينها حقوقيون وأكاديميون وإعلاميون، تأييدها لمطالب شباب جيل “زد”، مؤكدين دعوتهم لرحيل حكومة عزيز أخنوش، ومطالبين بإجراء تحقيقات جديدة في تداعيات أحداث العنف التي رافقت بعض الاحتجاجات الأخيرة. وفي بيان موجّه إلى العاهل المغربي محمد السادس، أكد أصحاب النداء أن مطلب رحيل الحكومة ينبغي تنفيذه عبر الوسائل الدستورية الملائمة.

كما طالبوا بالإعلان عن انفراج حقوقي فوري، من خلال الإفراج عن جميع معتقلات حركة “جيل زد 212” وكافة المعتقلين السياسيين ومعتقلات الرأي في المغرب، بدءًا بمعتقلي “حراك الريف”، وكذا إيقاف كل المتابعات القضائية ذات الدوافع السياسية.