أفريقيا برس – المغرب. لم يُخالف المؤتمر الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض في المغرب التوقعات، إذ جرى اليوم انتخاب إدريس لشكر بأغلبية مطلقة بعد أن صادق المؤتمر على ملتمس يقضي بالتمديد له لولاية رابعة على رأس الحزب.
ويرى مراقبون أن الحزب، صاحب شعار “الوردة”، يسير على نهج بقية الأحزاب المغربية التي تُكرّس لزعامات طويلة الأمد، متجاهلًا الأصوات المعارضة لتمديد ولاية لشكر والمطالبة برحيله عن قيادة الحزب.
ونال ملتمس التمديد أصوات الأغلبية، ليتم تعديل المادة 217 من القانون الأساسي والمادة 212 من القانون الداخلي، وهو تعديل يشمل جميع الأجهزة الحزبية من المكتب السياسي إلى الفروع. ووفق تبرير المؤتمر، فإن الخطوة جاءت “استجابةً لمطلب واسع عبّرت عنه الهيئات التنظيمية والمجالية والقطاعية”، معتبرين أن لشكر “بصم المرحلة الأخيرة من تاريخ الاتحاد بمسار قيادي استثنائي”.
المؤتمر، الذي يُرتقب أن يختتم أعماله الأحد بإصدار بيان ختامي واستكمال انتخاب أو تمديد ولاية باقي الأجهزة، تصدّر عناوين المنابر الإعلامية المحلية، كما استأثر باهتمام واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا بين الإعلاميين والمراقبين.
ورغم الزخم الإعلامي، اعتبر الكاتب والباحث ياسين حكان الحدث “خبرا غير مهم”، قائلاً في تدوينة ساخرة: “المناضل الكبير إدريس لشكر مستمر على رأس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعد التصويت عليه بالإجماع في المؤتمر الوطني لولاية رابعة، وبذلك يقوم بدفن كل تاريخ الحزب”.
وختم تدوينته بتهنئة ساخرة للمناضل وأعضاء الحزب، معزّيا في الوقت نفسه “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”.
أما الصحافي الحسن أيت بيهي، فاعتبر التمديد للكاتب الأول والمكتب السياسي والمجلس الوطني والفروع “تأسيسا لعرف جديد في تدبير الشأن السياسي”، متسائلًا بسخرية: “لم لا التمديد للبرلمان ولفريقكم البرلماني وأعضاء الجماعات؟ تمددوا، فبتمددكم تساهمون في تمدد حزب الكنبة”.
وأضاف: “ويقولون لماذا لم يعد الشباب يثق في الأحزاب؟ وكأن الاتحاد أصيب بالعقم”.
من جانبه، قدّم الصحافي والباحث أحمد الأرقام قراءة مختلفة، قائلا: “انتهى مؤتمر الاتحاد الاشتراكي 12 بالتمديد لكل القيادة من الكاتب الأول إلى كاتب الفرع، في حلّ فطن إليه من أُطلق عليه لقب (البيلدوزر) لشكر، لأنه يتقن دروب السياسة والحجاج والتموقعات”.
وأشار إلى أن لشكر “يظهر في اللحظة المناسبة بدهاء سياسي، ويعرف كيف تتم الاصطفافات بتجربته الطويلة، إذ ترك الجميع على راحتهم بمنطق أنهم اشتغلوا وحققوا المرتبة الرابعة في الانتخابات الماضية، فلمَ لا يستمرون أملاً في مراتب أفضل مستقبلاً؟”.
وفي المقابل، انتقد الصحافي المغربي المقيم في فرنسا محمد واموسي الحزب بشدة بعد إعادة انتخاب لشكر، قائلاً: “المغرب فعلاً صاعد… لكن مصعد الاتحاد الاشتراكي هو العاطل”.
وأضاف: “الاقتصاد يحاول، الشأن الاجتماعي يترنح، المؤسسات تتجدد… وحده مصعد الاتحاد الاشتراكي عالق في نفس الطابق منذ 2012، لأن إدريس لشكر يحتفظ بالمفتاح، ومنذ 13 عامًا والكرسي يرفض أن يفرّ منه”.
وفي تدوينة على صفحة “اليسار المغربي”، طُرح تساؤل لافت: “هل حصل إدريس لشكر على الضوء الأخضر من دوائر معينة لخلافة نفسه للمرة الرابعة على رأس الاتحاد الاشتراكي؟”.
واعتبرت الصفحة أن السؤال مشروع “في ظل مؤشرات عدة تدل على ذلك، ليس أقلها شعار المؤتمر الوطني الذي ينتهي بتحقيق أبدية إدريس لشكر في رئاسة الحزب”.
وأضافت أن شعار المؤتمر “مغرب صاعد… اقتصاديا، اجتماعيا، مؤسساتيا” هو شعار “يرمي إلى التملق لدوائر اتخاذ القرار، في ظل الاحتقان الذي تعرفه قطاعات واسعة من المجتمع، خصوصًا الشباب الذين يعانون من البطالة وغياب الأفق”، معتبرة أن الحزب “بات يُكرّس استمرار تهميش دوره السياسي كقوة تمثيلية للمواطنين”.
وختمت الصفحة بالقول: “إن الاتحاد الاشتراكي برفعه شعار (المغرب الصاعد) يسعى للاعتراف بجوهرانية الدولة وباستقلاليتها عن الإرادة الشعبية، وهو شعار يُظهر ما وصل إليه الحزب في ظل القيادة الخالدة”.
وتوزعت باقي التدوينات بين السخرية والاستياء؛ فهناك من رأى أنه “من الصعب على من اعتاد كرسي الزعامة أن يفارقه”، فيما اعتبر آخرون أن ما حدث “يكرّس نفور الشباب من السياسة، ويؤكد أن الأحزاب لا تصلح إلا لتفريخ المتملقين وخدمة المصالح الشخصية”.
وظهر إدريس لشكر في مقطع فيديو بعد إعادة انتخابه، بدا فيه متعبا وهو يرد على تحية المناضلين بتحية مقتضبة، واعتبر بعض المتابعين أن “الفرحة انتهت في الولاية الثانية”، بينما علّق أحدهم ساخرا بآية: “لا تلومني ولوموا أنفسكم”.
في المقابل، برزت أصوات دافعت عن قرار التمديد، من بينها عضو بلدية الرباط موسى العريف الذي قال: “إنه شأن داخلي يخصّ الاتحاد الاشتراكي قبل أيّ طرف آخر، سواء أعجبنا القرار أم لا، يبقى الحزب حرًّا في اختياراته”.
وأضاف: “مسيرة الرجل ليست بسيطة، والاتحاد الاشتراكي حزب عريق يحمل إرثا نضاليا كبيرا، ولا يمكن اختزال الموضوع في انتقادات سريعة أو ما يُسمّى بـ(انتقادات البيجامة)”.
وختم بالقول: “ما نحتاجه اليوم هو أن نصنع البدائل السياسية الحقيقية بدل الاكتفاء بالانتقاد من بعيد، فالإصلاح يبدأ دائما من داخل البيت قبل خارجه”.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، غلبت كفة الانتقاد، إذ اعتبر البعض أن “الزمن متوقف عند الوجوه نفسها التي لا تغادر الكراسي إلا لتعود إليها”، وأن “الأحزاب التي تحنّط نفسها في رموز أبدية لا ترى في التجديد سوى خطر على امتيازاتها”، بينما خلص آخرون إلى أن ما جرى كان “تحصيل حاصل، فالاتحاد يتمدد كما يتمدد زعيمه”.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس