تقارب أحزاب سياسية يحمي “سوق التحالفات” قبل حلول الانتخابات

14

متخلصين من الخطوط الحمراء، لم يعد حزبا الأصالة والمعاصرة (رمزه الجرار) والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (رمزه الوردة) يصعدا من لهجتهما إزاء حزب العدالة والتنمية (رمزه المصباح)؛ فقد أفرزت التحولات الأخيرة تغيرات مست بالدرجة الأولى حزب “الجرار” الذي عبرت قياداته غير ما مرة عن إغلاقها باب “مواجهة الإسلاميين”، فيما اتجه لشكر، الكاتب الأول لحزب “الوردة”، إلى التشبث بوصف حزب “المصباح” بـ”الوطني”.

وعقب انضمام حزبي الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي إلى صف المهادنة، التي يراوحها حزبا الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري منذ مدة، يبقى الصدام الأكبر الآن بين حزب التجمع الوطني للأحرار (رمزه الحمامة) وحزب العدالة والتنمية؛ فإلى حدود اللحظة تغيب بوادر التلاقي بعد الاستحقاقات المقبلة رغم مشاركة الطرفين في تجربتين حكوميتين متواليتين.

والنقاش الدائر بخصوص “التقارب” لا يلغي استمرار الصدام؛ فـ”البام” تواصل ضمنه أطراف عديدة الاحتفاظ بـ”عقيدة الماضي”، فيما أصوات اتحادية كثيرة ما تزال ترى في التحالفات مسألة مستبعدة، مفضلة رمي الحبل على الغارب، وانتظار ما ستجود به الانتخابات. في المقابل، يعيش “البيجيدي” سجالا داخليا حادا بين مناصري “تحالف طنجة” مع “البام” وبين من يعتبرونه “خفة سياسية”.

في هذا السياق، قال محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية، بالمحمدية، إن “القاعدة العامة تقول إن التحالفات بالمغرب هي بعدية وليست قبلية، أي ينتظر الجميع إلى حين كشف نتائج الانتخابات”، مشيرا إلى أن “الزمن السياسي مليء بالمفاجئات، ويمكن للمعطيات أن تتغير في أية لحظة”.

وأضاف زين الدين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “أحزابا كانت متنافرة جدا باتت تتقارب، والمثال هنا هو حزبا العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة”، مسجلا أن التنظيمات السياسية تعيش وضعية هشة، “فالبام يعاني من أزمة داخلية، فيما استنزفت التجربة الحكومية الطويلة قوى حزب البيجيدي”، مؤكدا في المقابل أن “التجمع الوطني للأحرار خلق مشاكل عديدة لمختلف القوى خلال الحكومة الحالية”.

وأوضح الأستاذ الجامعي أن “الجانب الشخصي، كما في الخصام، يحضر كذلك في تقرب حزب من آخر”، موردا أن “تبادل الاتهامات لا يكون غالبا بين الأحزاب، بل بين القيادات والأشخاص”، معتبرا أن “المشهد سيحمل تحالفات غير متوقعة، خصوصا مع فقدان التجمع الوطني للأحرار البوصلة، واحتضار الاتحاد، وتحول التقدم والاشتراكية إلى حزب ميكروسكوبي”.

وأكمل زين الدين بأن “الأحزاب تراهن على بعضها البعض في ظل ضعفها الكبير”، وأبدى مساندته لخلاصة جون واتربوري، السوسيولوجي الأمريكي، بخصوص استحالة نشوء تحالفات على أسس إيديولوجية، مؤكدا أن “الأمر يكون على الدوام مرتبطا بمصالح نفعية”.