نقطة نظام.. الحزب الأبيض

14

في الوقت الذي نواصل فيه نقاشنا البيزنطي حول السياسي والتقنوقراطي، ويحاول البعض جرّنا إلى الاختيار بين التنمية والديمقراطية، لننظر إلى ردود الفعل الأولى التي صدرت عن جيراننا الشماليين، بعد شروعنا في محاولة بسط السيادة القانونية على مياه سواحل الصحراء.

فقبل أن تتحرّك الدبلوماسية والبيروقراطية و«الدولة العميقة»، خرجت إلينا أحزاب اليمين واليسار محذرة مما اعتبرته مساسا بمصالح جزر الكناري التابعة لإسبانيا. أما عندنا، فصمت القبور يسود الأرجاء.

هل نحتاج إلى التذكير، مرة أخرى، بأن بناء الدول القوية والمحصنة يمرّ أولا بتحرير السياسة والسياسيين؟ هل مازلنا بحاجة إلى التنبيه إلى ضرورة الكف عن اقتلاع الأحزاب السياسية والمؤسسات التمثيلية من جذورها الاجتماعية، وعزلها ومحاصرتها، ثم الشروع في لعنها بدعوى تقصيرها وانعدام كفاءتها؟

إن من المخجل حقا أن نجد أنفسنا، في نهاية العشرين الثانية من الألفية الثالثة، نتلقى الدروس من أقرب جيراننا، وقد أقدمنا على خطوة سيادية من حجم شمل مياه سواحلنا بولايتنا القانونية، عبر جلسة ألقى فيها وزير تقنوقراطي خطابا مسكوكا أمام نواب برلمانيين كأن فوق رؤوسهم الطير.

إن الدفاع عن المصالح الوطنية العليا وتحصينها يتطلّبان حدا أدنى من الانخراط والمشاركة، وهاتان الكلمتان لا تتحققان سوى بواسطة أحزاب حقيقية نابعة من المجتمع ومؤمنة بالديمقراطية.

هل يحتاج الأمر إلى دليل؟ لنتطلّع فقط إلى جيراننا الشماليين، لندرك كيف ينفع «الحزب الأبيض» في اليوم الأسود.