مع اشتداد الأزمة الإقليمية والدولية التي فجّرها الاتفاق الليبي التركي للدفاع المشترك، وظهور بوادر لاحتمال انفلات الوضع من السيطرة، وتحوّله إلى حرب مباشرة بين الدول الداعمة للطرفين الرئيسين للأزمة الليبية الداخلية، باتت تساؤلات كبيرة تطرح حول موقف المغرب، الذي ظل إلى وقت قريب يعتبر واحدا من الفاعلين الكبار في إدارة الملف الليبي.
فقبل لجوء الحكومة الليبية المنبثقة من اتفاقية الصخيرات إلى طلب المساعدة التركية لصد الهجوم الذي تقوم به قوات الجنرال خليفة حفتر، والساعي إلى السيطرة على العاصمة وإحكام قبضته على البلاد، كانت وفود ليبية قد حلّت بالمغرب، ولا شك أنها طلبت دورا مغربيا أكبر لإنقاذ الموقف.
فالمملكة لم تكن أبدا محايدة في الأزمة الليبية الداخلية، وعبّرت أكثر من مرة عن دعمها الواضح لحكومة السراج المعترف بها دوليا، وتحمّلت في سبيل ذلك توترات وأزمات صامتة مع حلفائها المقربين، بدءا من فرنسا ووصولا إلى دول المشرق العربي التي تدعم حفتر. وإذا كان المغرب قد اتخذ هذا الموقف، فلأنه معني بشكل مباشر وله مصالح إقليمية من واجبه الدفاع عنها.
لكن، وبعد اضطرار حكومة طرابلس إلى طلب الدعم العسكري التركي، وتصعيد الموقف بشكل ينذر باحتمال انفلاته من السيطرة، خفت الدور المغربي وتراجع، ما أفسح المجال للكثير من التساؤلات حول قدرة الدبلوماسية المغربية على إدارة مصالح المملكة في المحيط الإقليمي القريب.