كنزة الغالي: السفيرة التي قادت أشبال الأطلس للمجد

3
كنزة الغالي: السفيرة التي قادت أشبال الأطلس للمجد
كنزة الغالي: السفيرة التي قادت أشبال الأطلس للمجد

أفريقيا برس – المغرب. خلف كل نجاح، تقف غالبًا امرأة تلعب دورًا حاسمًا، قد تكون أمًا تغرس الثقة، أو زوجة تقدم الدعم، أو قدوة تبعث الإلهام. وبالنسبة للاعبين المغاربة الشباب تحت سن العشرين، المتوجين أبطالًا للعالم في سانتياغو، تجسدت هذه الشخصية في سفيرة المغرب بتشيلي، كنزة الغالي.

منذ انطلاق منافسات كأس العالم في أمريكا الجنوبية، حرصت الغالي على مؤازرة أشبال الأطلس في كل محطة. على شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، ظهرت السفيرة وهي تحتفل بانتصار المنتخب على فرنسا الذي أهّله إلى النهائي، مرتدية القميص الوطني الأحمر وسترة خضراء. كانت المرأة الوحيدة داخل غرفة الملابس، تقفز وتغني بحماس «أوه ماما ميا!» بينما يردد اللاعبون «مبروك علينا، هادي بداية مازال مازال».

وفي مشهد مؤثر بعد المباراة، قالت للصحفيين والدموع تلمع في عينيها فرحًا: «نحن أمة من التحديات… وقد تغلبنا على جميعها»، مضيفة بثقة: «سنرفع الكأس». امتد دعم الغالي إلى جماهير المنتخب التي قدمت من مختلف أنحاء العالم لحضور النهائي بين المغرب والأرجنتين. فقد استقبلت مئات المشجعين القادمين من الدار البيضاء وواشنطن ومكسيكو وبرازيليا وبوينس آيرس، وفتحت مقر إقامتها لاستضافتهم على مأدبة غداء ودية قبل التوجه إلى الملعب، في مبادرة رمزية جمعت بين الدبلوماسية والروح الوطنية.

وبين ضيوفها، كانت الغالي تتنقل بابتسامتها المعهودة، تشجعهم وتثني على حضورهم الذي وصفته بأنه «انعكاس للروح الجماعية للمغرب». حوّلت ضيافتها مقر السفارة إلى فضاء للفخر الوطني والتلاحم العاطفي، موحّدةً الجالية المغربية قبل النهائي التاريخي. دبلوماسية بخبرة واعتزاز وطني

كما في مونديال قطر 2022 حين خطفت أمهات اللاعبين الأضواء، شهدت كأس العالم لأقل من 20 سنة حضورًا نسائيًا مميزًا تجسد في كنزة الغالي، التي رافقت الأشبال في مسيرتهم نحو المجد. فالسفيرة التي تمثل المغرب في تشيلي منذ عام 2016 تُعد من أقدم الدبلوماسيين المعتمدين هناك وعميدة السلك الدبلوماسي، تجمع بين الكفاءة الدبلوماسية والفخر الوطني في أبهى صوره.

احترام كبير لهذه السيدة العظيمة كنزة الغالي، سفيرتنا العزيزة في تشيلي، التي منذ بداية هذه المنافسة كانت حاضرة في الملعب لدعم مواهبنا الشابة. برافو مدام وشكرًا على كل شيء..????? pic.twitter.com/RLg9ji5iyO

— kalima (@KarimnajiKarim) 16 أكتوبر 2025

الدبلوماسية والأستاذة والأم، كنزة الغالي، نسجت مسارًا استثنائيًا يمتد من الأكاديمية إلى السياسة، ومن العمل الاجتماعي إلى التمثيل الدبلوماسي. وُلدت في مدينة وجدة ونشأت وسط عائلة كبيرة تضم اثني عشر شقيقًا وشقيقة، وسرعان ما برزت بذكائها ونشاطها وشغفها بالمسرح والرياضة والتعلّم. في سن الخامسة عشرة فقط، تزوجت من أستاذها في اللغة العربية، على شرط جريء وضعته بنفسها: أن تواصل دراستها دون انقطاع.

حصلت الغالي على إجازة في الفيلولوجيا الإسبانية وكانت الأولى في المغرب في تخصصها، قبل أن تنال دكتوراه في اللغة والحضارة الإسبانية في إطار برنامج مشترك بين كلية الآداب بالرباط وجامعة مدريد المستقلة، ركّزت فيها أبحاثها على الهجرة والنساء العابرين للحدود. وقد نالت تميزها الأكاديمي اعترافًا ملكيًا خاصًا، حين استقبلها الملك الحسن الثاني ضمن نخبة من المتفوقين المغاربة في القصر الملكي.

لم تتوقف مسيرتها العلمية عند هذا الحد، إذ واصلت التكوين لتحصل على ماستر في الهجرة والتنمية المستدامة، ودبلوم الدراسات المعمقة في الأدب الإسباني من جامعة محمد الخامس، ثم التحقت بجامعة برشلونة المستقلة لإتمام ماستر في حوار الحضارات والأديان.

قبل انخراطها في السلك الدبلوماسي، شغلت الغالي مناصب سياسية بارزة؛ فقد كانت نائبة لرئيس بلدية فاس، ونائبة لرئيس مجلس النواب المغربي، ومثّلت البرلمان المغربي في مهام رقابية وتشريعية بعدة مؤسسات في أمريكا اللاتينية، من بينها منظمة Fofrel في نيكاراغوا، والبرلمان الأندي، وبرلمانات غواتيمالا وبنما. كما تدرّس منذ عام 2011 في جامعة الحسن الثاني بالمحمدية، وتعد من الوجوه البارزة في المجتمع المدني، إذ شاركت في تأسيس الشبكة الدولية «النساء والهجرة» في إيطاليا.

في تشيلي، تجسّد كنزة الغالي صورة المرأة المغربية الحديثة؛ امرأة مثقفة، دبلوماسية ذات خبرة، وأم لأربعة أبناء وجدة لأربعة أحفاد، تجمع بين الكفاءة المهنية، والذكاء العاطفي، والفخر الوطني الذي يرافقها في كل خطوة من مسيرتها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس