أفريقيا برس – المغرب. دخل الإعلام الفرنسي على خط الأزمة الحادة بين باريس والرباط، فجعل من قضية الصحراء موضوعا لمعاكسة المغرب الذي ما فتئ يطالب قصر “الإليزيه” باتخاذ موقف واضح من القضية، وتبني خطة “الحكم الذاتي” التي تقترحها السلطات المغربية حلا للنزاع.
وفي هذا الصدد، بثت النسخة الإسبانية لقناة “فرانس 24” برنامجا مدته خمس دقائق تحت عنوان: “كيف نشأ النزاع في الصحراء الغربية؟”.
واعتبرت صحيفة مغربية أن الإعلام الفرنسي لا يفوّت أي فرصة لـ”تشويه صورة المغرب والإضرار بوحدة أراضيه”، حيث تحدثت قناة “فرانس 24” الإسبانية عن “استغلال المغرب لموارد الصحراء، عن طريق شراكات أجنبية لتمويل ما تدعي أنه احتلال الصحراء”.
وتحت عنوان “ابتزاز برعاية رسمية”، كتبت صحيفة “الأخبار” المغربية في افتتاحيتها لعدد السبت/ الأحد، أن القناة المذكورة “تتبنى بشكل أعمى أطروحة انفصاليي البوليساريو ورعاتهم في الجزائر؛ وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول أسباب تكرار هذا الاستهداف الإعلامي الممنهج، وما إذا كان الأمر سيكون نفسه لو كانت العلاقات بين الرباط وباريس على ما يرام”. وأكدت أن “هذه ليست أخطاء مهنية أو عابرة، بل هي سلاح برعاية رسمية لابتزاز المغرب والضغط عليه لمراجعة اختياراته الاستراتيجية الجديدة”.
وتابعت قائلة: “على خلاف التصريحات الرسمية الأخيرة لرئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، التي حاول من خلالها تغطية الشمس بالغربال، انحازت القناة الإعلامية التابعة لوزارة الخارجية الفرنسية لرواية البوليساريو الانفصالية، بل عملت على تسويقها في دول أمريكا اللاتينية بدون احترام لأدنى شروط المهنية الإعلامية، وهذا ما يعكس سياسة “كوي وبخ” (بما يفيد سياسة العصا والجزرة) التي تمارسها باريس تجاه كل دولة تريد أن تكون ندا شريكا لا خادما تابعا”.
وذهبت الصحيفة المغربية في افتتاحيتها إلى القول إن “ما ينبغي أن يستوعبه قصر الإليزيه جيدا، أن قضايا المغرب العادلة لن تتأثر بألاعيب ودسائس الإعلام الرسمي وغير الرسمي، لسبب بسيط أنها مرتبطة بمصير وطننا وجودا وعدما”.
وخلصت إلى أنه “عوض أن يختار حكام فرنسا في الدولة العميقة مخاطبة المغرب برسائل غير ودية عبر قناة 24، عليهم أن يتحلوا بقدر من الشجاعة ليتحدثوا بألسنتهم حتى يمكن للمغرب الرسمي أن يرد عليهم بما يناسب في الوقت المناسب”.
في سياق متصل، لاحظت صحيفة “هسبريس” الإلكترونية المغربية، أن معالم الأزمة بين المغرب وفرنسا ما زالت محاطة بكثير من التحفظ الصادر عن كلا البلدين؛ فلا يبدي أي طرف رغبة في التصادم المباشر، على الرغم من بروز نقاط خلافية عديدة، آخرها تصويت البرلمان الأوروبي، وقبلها أزمة التأشيرات ورغبة المغرب في خروج باريس بموقف صريح من الصحراء.
ووفق المصدر نفسه، لم تستطع كريستين كولونا، وزيرة الخارجية الفرنسية، خلال جلسة المساءلة في مجلس النواب، الخروج بموقف صريح أو بتعبيرات جدية تجاه المغرب، مكتفية بطرح ضرورة الهدوء بين البلدين في هذه الفترة، وقيامها بزيارة سابقة إلى الرباط لتبديد الخلافات القائمة.
وسأل عدد من النواب الوزيرة الفرنسية عن معلومات نشرتها مؤخرا “جون أفريك”، نقلا عن مصدر رسمي في الحكومة المغربية، لم تسمه المجلة، قال فيها إن “العلاقات ليست ودية ولا جيدة، لا بين الحكومتين ولا بين القصر الملكي والإليزيه”.
ردت كولونا بالقول إن هذا التصريح مصدره مجهول، وأضافت: “إذا قرأنا تصريحات لا تروق لنا في الصحافة، فهي من مصادر مجهولة. وبالتالي، لا تستدعي تعليقا محددا”. كما شددت وزيرة الخارجية على التزامها بـ“ممارسة التهدئة” بدليل أنها سافرت بنفسها إلى المغرب في كانون الأول/ ديسمبر، في زيارة أتاحت استئناف “علاقات قنصلية طبيعية”.
وزارت كاترين كولونا المغرب للإعداد للزيارة الرسمية للرئيس الفرنسي، التي تم تأجيلها مرات عديدة بسبب الوضع المتوتر بين البلدين، بعدما كان مقررا لها أوائل عام 2023، قبل أن ترتبك العلاقات مجددا عقب اعتماد البرلمان الأوروبي قرارا غير ملزم في ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان في المغرب.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس