
افريقيا برس – الصحراء الغربية. يهتم الدكتور جيكوب موندي، الاستاذ المحاضر حول دراسات السلام والنزاعات، والشرق الأوسط والدراسات الاسلامية، بالخصوص بدراسة الشؤون الأمنية والاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقد كتب ونشر مئات الدراسات والمقالات الأكاديمية حول مختلف القضايا المتعلقة بهذه المواضيع، مع التركيز بالخصوص على بلدان تونس، المغرب، الجزائر والصحراء الغربية، بما في ذلك إصداره كتابا اشترك في كتابته مع البروفيسور الأمريكي المعروف، ستيفنز زونز سنة 2010وفي الحوار التالي، أجاب الدكتور موندي عن أسئلة هيئة تحرير حول مختلف القضايا المرتبطة بقضية الصحراء الغربية وتطوراتها الأخيرة، حيث عبر عن استغرابه من الصمت المريب لمجلس الأمن الأممي عن الحرب الجديدة الدائرة في المنطقة، مذكرا أن مجلس الأمن، وبسبب فرنسا واسبانيا بالخصوص، قد اعتمد دائما أسلوبا غير طبيعي في معالجته لقضية الصحراء الغربية، التي ينبغي حسبه أن تكون قد عولجت كقضية اعتداء عسكري واحتلال مغربي، وليس كقضية تعالج تحت البند 6 من ميثاق الأمم المتحدة كما هو الحال الآن.
وقد دار الحوار على الشكل التالي:
لقد مرت حتى الساعة 4 أشهر تقريبا منذ ان اعترف الرئيس السابق، ترامب، بالاحتلال المغربي غير الشرعي للصحراء الغربية مقابل تطبيع العلاقات المغربية ال”اسرائيل”ية. كيف سيكون موقف إدارة بايدن في نظركم من هذه “الصفقة”؟ ولماذا تأخذ مراجعة هذا الموقف كل هذا الوقت الطويل؟جيكوب موندي: لست متأكدا أين ستقف إدارة بايدن من مسالة “إعلان” ترامب.
أعتقد أن المراجعة تأخذ وقتا طويلا لأن هناك العديد من الاعتبارات الأوسع (مثلا ارتباطها بالعلاقات الأمريكية ال”اسرائيل”ية، وعلاقات أمريكا مع الإمارات العربية)، كما أنني متأكد أن المغرب قد أوضح بشكل جلي بأن مجالات العلاقات الأمريكية المغربية الرئيسية ستتعرض للخطر في حالة إلغاء بايدن للإعلان حول الصحراء الغربية. وفوق كل ذلك، من المرجح أن يهدد المغرب التعاون العسكري المتعلق بشراء الأسلحة.
أنتم أحد الخبراء الكبار في نزاع الصحراء الغربية، وبما أنكم أجريتم عددا من الدراسات والمقالات الأكاديمية حول مختلف جوانبه، بما في ذلك عبر مشاركتكم في تأليف كتاب حديث وشامل عن القضية الصحراوية. إلى أين يتجه النزاع في الصحراء الغربية في رأيكم بعد الفشل الواضح للأمم المتحدة في ختم جهودها التي دامت ل 30 سنة بنجاح؟ وهل تظنون أنه كان بالإمكان تفادي استئناف الحرب؟ او أنه لم يكن هناك مفر منها؟
من الصعب معرفة إلى أين يتجه النزاع في الصحراء الغربية الآن حيث أصبح الوضع أكثر ديناميكية عكس ما كان عليه الحال لسنوات. فمنذ 2005 كانت عملية السلام مجمدة بالكامل. وكانت هناك فرصة في تحقيق اختراق ما عندما كان هورست كوهلر يقود المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو بدعم قوي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
ولا أظن أنه لم يكن بالإمكان تفادي الحرب، بل كان بالإمكان تفاديها لو أن مجلس الأمن الأممي كان يمتلك الإرادة في تحميل المغرب مسؤولية عرقلة عملية السلام خلال ال15 سنة الأخيرة. موقع SH24H:اعتمد مجلس السلم والأمن الأفريقي قرار جديدا حول القضية بعد اجتماعه الأخير يوم 9 مارس 2021.
كيف تقرؤون هذا القرار؟ وهل تعتقدون أن بإمكان الاتحاد الأفريقي النجاح في حل النزاع حيث فشلت الأمم المتحدة؟
هناك فرصة ضئيلة في أن يستطيع الاتحاد الأفريقي لعب دور الوساطة في النزاع حول الصحراء الغربية بما أن المغرب يؤكد أنه لن يقبل إلا الوساطة الأممية. المغرب يستعمل الاتحاد الأفريقي عندما يناسبه ذلك، ويرفضه عندما يقف الاتحاد عكس مصالح الرباط.
مالذي ينبغي حسب رأيك على الصحراويين القيام به لإرغام المنتظم الدولي، ولاسيما الأمم المتحدة وفرنسا، على الانصات إلى صوتهم؟هل هناك مبادرات، أفعال، وقرارات كان على الصحراويين القيام بها أو يستطيعون القيام بها الآن لوضع حد لهذا الاحتلال؟
على حركة الاستقلال في الصحراء الغربية تركيز جهدها على الصراع القانوني الدولي. فكما أظهرت الانتصارات المحققة مؤخرا في الاتحاد الأوروبي، وفي جنوب أفريقيا وغيرها، سيفشل المغرب تقريبا في كل مرة عندما يتم تحديه قانونيا. وبطبيعة الحال ستكون هناك مخاطرة أحيانا، لكنها ستكون جديرة بأن تؤخذ.
وصفتم في مقال أكاديمي لكم منذ عقد تقريبا أن التواجد والغزو المغربي في الصحراء الغربية هو حالة اعتداء عسكري. هل تعتقدون انه كان من الواجب معالجة قضية الصحراء الغربية في هذا الإطار القانوني وليس تحت البند 6 من ميثاق الأمم المتحدة؟
تماما. نحن نعرف جميعا أن مجلس الأمن الأممي لم يتعامل قط مع الصحراء الغربية بطريقة تقر بخطورة القضية، سواء في 1975، عندما هدد الحسن الثاني اسبانيا بالحرب، أو منذ 1991، عندما تم إنشاء البعثة الأممية لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية.
ينبغي ايضا تسجيل أن الفصل 6 من ميثاق الأمم المتحدة يتعامل مع “فض النزاعات بشكل سلمي”، في حين ان لا وجود لنزاع ثنائي هنا، إلا إذا كان ذلك يعني أن مجلس السلم والأمن الأممي يعترف بالجمهورية الصحراوية كطرف في النزاع حول الصحراء الغربية. وكما نعلم جميعا، قضية الصحراء الغربية هي قضية احتلال من قبل المغرب، بالإضافة إلى كونها قضية تصفية استعمار، اساسا على اعتبار أن اسبانيا هي القوة المديرة.
لماذا في نظركم كانت الأمم المتحدة دائما غير مستعدة لإدانة الانتهاك المغربي السافر لوقف إطلاق النار ولاحتلاله المنطقة العازلة بالكركرات؟
في كل الأحوال، سكوت مجلس الأمن الأممي حول الحرب الجديدة في الصحراء الغربية هو أمر صادم. فمنذ أن أوقفت الأمم المتحدة عملية الاستفتاء سنة 2000، كان وقف إطلاق النار هو المبرر الوحيد لبقاء بعثة المينورسو. الآن، وقف اطلاق النار انتهى، في حين أن المجلس لم ينبس ببنت شفة. هذا أمر لا يمكن فهمه. والمغرب ينفي أن تكون هناك أي حرب في الصحراء الغربية، في حين أن المجلس شريك متورط في هذا النفي عبر استمراره في الصمت.
ولماذا لم يأخذ المنتظم الدولي العودة للحرب على محمل الجد حتى الساعة؟جيكوب موندي: مع أجواء جائحة فيروس كورونا العالمية، أعتقد أن المنتظم الدولي منشغل للغاية بحيث لن يولي اهتمام للصحراء الغربية.
مشكلة كبيرة أخرى تتمثل في أن إحدى الطرفين ـالمغرب ـ ينفي بشكل تام أن هناك مواجهات عسكرية. وإلى أن يتمكن الصحفيون الدوليون من الذهاب إلى جبهات القتال، ليقفوا على الوضع بأنفسهم، وليعودوا بأشرطة فيديو، ستبقى هذه المشكلة حبيسة بين “وجهتي نظر”.
لماذا كانت الامم المتحدة متسامحة بشكل كبير مع رفض المغرب تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام إلى الصحراء الغربية؟
كما ناقشنا قبل ذلك، تتم معالجة قضية الصحراء الغربية في إطار البند 6 من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يتطلب موافقة الطرفين ـالمغرب وجبهة البوليساريوـ في كل المجالات. فلكل من المغرب والجبهة معايير محددة للمبعوث الشخصي الذي يقبلانه. والمشكلة تكمن في إيجاد مرشح يستطيع أن يحل محل شخص مثل كوهلر، وهو الرئيس الأسبق.
وبسبب استراتيجية المغرب التي تتميز بالعرقلة، كيف تنتظرون أن يقبل أي شخص هذا المنصب؟ هل تعتقدون أنه آن الأوان لتعديل مجموعة الأمم المتحدة لأصدقاء الصحراء الغربية بما أن أفريقيا غير ممثلة في هذه المجموعة؟
إن مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية (المشكلة من الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، اسبانيا وروسيا) ترفض بشكل كبير إشراك دول أخرى في هذا الملف، خاصة الاتحاد الأفريقي.
وبطبيعة الحال، المغرب وفرنسا لن يقبلوا ابدا إعطاء الاتحاد الأفريقي مقعدا ضمن هذه المجموعة تماما مثلما تمنع فرنسا واسبانيا الاتحاد الأوروبي من اتخاذ سياسة موحدة حول الصحراء الغربية، الشيء الذي تحدته المانيا مؤخرا.
ومن المثير للاستغراب أن بعثة الامم المتحدة للصحراء الغربية قد أنشئت عمليا اعتمادا على خطة لمنظمة الوحدة الأفريقية، كما أن للوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي الآن) مراقبون في الصحراء الغربية منذ بداية التسعينات إلى أن طردهم المغرب.
ماهي سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه شمال أفريقيا؟
ليس من الواضح ما إذا كانت إدارة بايدن ستحاول اتخاذ سياسة موحدة بشأن شمال أفريقيا. وعلى الأرجح أن الإدارة ستقوم بكل بساطة باتخاذ مواقف وردود افعال على الأزمات والفرص أثناء وقوعها في ليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب والصحراء الغربية. ويبنغي الإدراك أن الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن لها أي مقاربة موحدة لشمال أفريقيا منذ نهاية التسعينات.