إسلاميو المغرب غاضبون من نظرائهم الموريتانيين بسبب “البوليساريو”

13

نددت قيادة حزب “العدالة والتنمية” المغربي ذي المرجعية الإسلامية، بلقاء رئيس حزب “تواصل” الموريتاني، أمس الجمعة، بقيادي في جبهة “البوليساريو” الساعية للانفصال في الصحراء الواقعة في الجنوب المغربي.

وأصدرت الأمانة العامة لحزب “العدالة والتنمية”، الذي يقود الحكومة المغربية، وبعض قيادييه، بيانات وتصريحات تعبّر عن الغضب من استقبال رئيس حزب “التجمع الوطني للإصلاح” (تواصل) الموريتاني محمد محمود ولد سيدي، لمحمد سالم ولد السالك الذي تقدّمه الجبهة الانفصالية كوزير للخارجية. وجاء تعليق الحزب المغربي نظراً لاشتراكه مع “تواصل” الموريتاني في الانتماء إلى الحركة الإسلامية.

وكان القيادي في جبهة “البوليساريو” الانفصالية، التي تتخذ من منطقة تندوف الجزائرية مقراً لها، قد التقى أيضاً رئيس حزب “اتحاد قوى التقدم” محمد ولد مولود.

لكنّ ما أجج الغضب المغربي هو البيان الذي أصدره الناطق الرسمي باسم حزب “تواصل” سيدي ولد عبد المالك، ونشره عبر حسابه في “فيسبوك”، عقب إعلانه لقاء رئيس الحزب بالقيادي في جبهة “البوليساريو”، بالقول إنّ اللقاء كان “فرصة للتعبير عن التشبث بالعلاقة المتينة التي تربط الشعبين الموريتاني والصحراوي، وتأكيد الحرص على تعزير العلاقة بين الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية تواصل”.

وعمّم نائب الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” المغربي سليمان العمراني، توضيحاً على الصحافة، يقول فيه إنّ حزبه “فوجئ إلى جانب باقي مكونات الشعب المغربي وقواه الحية وعموم الرأي العام الوطني، بالخبر الذي تداولته مختلف المنابر الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي، والمتعلق باستضافة رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح الموريتاني (تواصل) لمسؤول في الكيان الانفصالي بوليساريو، وهي الخطوة التي أثارت استغرابنا ولا تنسجم سياقياً ومع العلاقات التاريخية بين الحزبين”.

وأضاف العمراني أنّ “حزب العدالة والتنمية إذ يعبر عن رفضه التام والمطلق لهذه الخطوة الخاطئة والمؤثرة سلباً على علاقات حزبينا، ليرجو أن تقوم قيادة حزب (تواصل) بتصحيح ما ينبغي تصحيحه”.

وجاء هذا التصريح الرسمي من نائب الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، بعدما توجّهت أنظار المراقبين في المغرب إلى حزب رئيس الحكومة باعتباره أقرب الأحزاب المغربية إلى “تواصل” الموريتاني، ومطالبة بعض الأصوات بإصداره موقفاً وطنياً ينأى به عن أي موقف إيديولوجي يجمعه بالحزب الموريتاني الذي لامس قضية حساسة بالنسبة للمغرب.

من جانبه، قال القيادي البارز في حزب “العدالة والتنمية”، وعضو أمانته العامة عبد العلي حامي الدين، في تغريدة على “تويتر” إنّ الرئيس الجديد لحزب “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” الموريتاني (تواصل) “أقدم على خطأ سياسي جسيم باستقبال من يسمى بوزير خارجية الجمهورية الوهمية، وهو موقف غريب من حزب يتأسس على مرجعية قيمية تؤمن بالوحدة وتنبذ الفرقة والتشتت ونزعات الانفصال”.

وأضاف حامي الدين أنّه “موقف غريب من حزب تجمعه علاقات أخوية متينة مع المغرب، ويرتبط معه بروابط عميقة تتجاوز مخلفات الحرب الباردة، وتستحضر مستلزمات التعاون والاندماج بين دول المنطقة في أفق بناء الاتحاد المغاربي الكبير وليس في أفق شرذمته”، معرباً عن أمله في أن تتدخل القيادات التاريخية لحزب “تواصل” “لوقف هذا الاختراق وتغليب أصوات العقل والحكمة والوحدة والمصير المشترك”.

وذهب أحد القادة التاريخيين للحركة الإسلامية المغربية التي يتحدر منها حزب “العدالة والتنمية”، الوزير السابق محمد يتيم، إلى وصف ما قام به الحزب الموريتاني بـ”السقطة” التي تأتي “في الوقت الذي حرص فيه المغرب على إحاطة العلاقة مع الشقيقة موريتانيا بكامل العناية والاحترام وتجنب أي شكل من أشكال الإساءة،

كما حدث عندما صدر تصريح مسيء إلى الشقيقة موريتانيا من إحدى القيادات الحزبية المغربية”، في إشارة منه إلى تصريحات للأمين العام السابق لحزب “الاستقلال” المغربي حميد شباط، والتي ردّ عليها المغرب رسمياً عبر وزارة الخارجية، التي أصدرت وقتها (في بداية 2017)، بياناً شديد اللجة ضد المسؤول السياسي المغربي.

وبعد ساعات قليلة من التصريحات التي صدرت عن قيادات الصف الأول لحزب “العدالة والتنمية” المغربي، أصدر الحزب الموريتاني بياناً توضيحياً قال فيه إنّه “يحترم للجميع حقه في اتخاذ الموقف الذي يراه مناسبا والتعبير عنه بالطريقة التي يراها مناسبة”، لكنه لا يقبل لأي جهة أن “تحدد لنا مواقفنا ولا طرق التعبير عنها، مؤكدين للجميع حرصنا على علاقة متوازنة أساسها الاحترام والسعي الدؤوب لما فيه مصلحة أوطاننا ومنطقتنا وأمتنا”.

ومهّد حزب “تواصل” لرده هذا بالقول إنّ رئيسه محمد محمود ولد سيدي، استقبل في مكتبه، الجمعة، “وزير الخارجية الصحراوي، محمد سالم ولد السالك، الذي كان في زيارة لموريتانيا منذ أيام، بناء على طلب منه، حيث سلم حزبنا، على غرار الأحزاب الوطنية الأخرى، دعوة لحضور مؤتمر الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب منتصف الشهر القادم”.

وفي إشارة منه إلى ردود الفعل الغاضبة التي صدرت عن حزب “العدالة والتنمية” المغربي، قال بيان الحزب إنّ الاستقبال “كان موضع تعليقات من شخصيات وجهات وطنية وأجنبية نحترمها جميعا ونقدر لها حقها في التعبير واتخاذ المواقف التي تتناسب وخياراتها وقناعاتها ونرجوا أن تبادلنا الاحترام احتراما والتقدير تقديراً”.

ووضعاً للأمور في نصابها، حسب تعبير بيان “تواصل”، عبّر هذا الأخير بواسطة أمانة الإعلام والاتصال، عن حرصه على “علاقة قوية ومتوازنة مع مختلف الأطراف المعنية بالنزاع في الصحراء الغربية ومنهم الأشقاء في المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، وقد ظل يعبر لهذه الأطراف وبشكل دائم أن علاقته بأي منها ليست على حساب الطرف الآخر”.

وأضاف البيان أنّ “تواصل” معني بعلاقة مع الجميع، داعياً إلى البحث عن “حل عادل ومنصف للقضية التي يسبب عدم حلها معاناة طالت أكثر من اللازم”. وشدد البيان على أنّ الحزب ظل حريصاً منذ تأسيسه على استقبال وفود وشخصيات دبلوماسية وحزبية “من المملكة المغربية الشقيقة ومن الأشقاء الصحراويين”.