الصحراء الغربية – افريقيا برس. ينتاب الصحراويون غضب شديد وندم على اليوم الذي أوقفوا فيه صوت بنادقهم ضد المملكة المغربية لنقضها عهدها من أجل السلام وإراقة دماء الاشقاء، ويشعرون بخيبة أمل كبيرة في المجتمع الدولي الذي وثقوا فيه إلى حد النخاع من أجل رعاية عملية سلام تنهي الاحتلال اللاشرعي لأرضهم الذي ناهز أزيد من خمسة واربعين سنة.
فلقد أكدت الثلاثون سنة الماضية منذ وقف اطلاق النار، رغم تنازلات الصحراويين الكبيرة وحجم المعاناة التي لحقت بهم جراء حالة الانتظار والترقب الطويلة، أن النظام المغربي لن يقبل بالحل العادل إلا إذا فرض عليه. كما أكدت هذه السنين ايضا أن المنتظم الدولي توجهه قوى دولية لا يهمها سوى مصالحها، أما اهتمامها بالحق والعدل والمعاناة فترتفع درجته أو تنخفض حسب ما ستجنيه من أرباح، مثلما كان الهدف من وراء تواجد الامم المتحدة في الصحراء الغربية، الذي هو وقف اطلاق النار، والحرص على استمراره لضمان عدم عرقلة تنفيذ مخططات تلك القوى الاستبدادية التي توجهها.
جاء قرار الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، نهاية اكتوبر العام الماضي، والقاضي بمراجعة تعاطيها مع العملية السلمية برمتها التي ترعاها الامم المتحدة، لوضع حد لهذه اللعبة، ولفت انتباه الكل أن استتباب السلام مرهون بالاحترام الكامل للحقوق المشروعة للشعب الصحراوي التي يكفلها ميثاق الامم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الافريقي وقراراتهما. وكان المؤتمر الخامس عشر لجبهة البوليساريو، الذي انعقد نهاية العام الماضي، قد تبنى هذا القرار، كما جددت القيادة الصحراوية عزمها على تطبيقه خلال الدورة العادية الثانية للأمانة الوطنية يوليو الماضي.
إن ما نعيشه لا يخرج عن تمادي بعض القوى الدولية النافذة في ظلمها للشعوب، وعلى رأسها فرنسا، التي دفعت المملكة المغربية منذ اليوم الاول الى احتلال أجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية، سعيا منها لتعزيز نفوذها وهيمنتها وسرقة خيرات الشعوب. لكن الذي يجب أن لا يغيب عن أذهان الجميع أن الصحراويين يمتلكون الآن من عناصر القوة ما هو كافي لهزيمة عدوهم. وإذا كانوا بالأمس، بأعدادهم القليلة ووسائلهم وامكانياتهم المحدودة، قد الحقوا هزائم نكراء بالجيشين المغربي والموريتاني آنذاك، وفرضوا على المملكة المغربية التخلي عن حلمها في “المغرب الكبير”، فاليوم، بدون شك، وقد تضاعف عددهم، وازدادوا إصرارا على مواصلة كفاحهم، وتنامت قدراتهم، وتعاظمت مكاسبهم، وكبر شأنهم واتسعت علاقاتهم، وتعددت جبهات المواجهة، وتصدع حلف اعدائهم، فإنهم قادرون على حسم المعركة لصالحهم، بإذن الله، والتي سوف لن تكون بردا وسلاما على النظام المغربي ومصالح المملكة المغربية ومن يقف ورائها من قوى الظلم والاستبداد.
إن من يظن أن الثلاثين سنة الماضية قد أضعفت قوة الصحراويين أو أثرت على صمودهم وعزمهم على مواصلة كفاحهم التحريري فهو خاطئ وأعمى البصيرة. صحيح انهم انتظروا طويلا، لكن مقابل ذلك حصلوا على كل مقومات الدولة التي لا يستهان بها، خاصة قوتها العسكرية، في فرض خياراتها دون مساعدة من الامم المتحدة ومبعوثيها الذين لا يستحيون من المتاجرة بقضايا الشعوب وامتصاص دمائها والاستمتاع بمعاناتها.
هناك فقط خياران لا ثالث لهما؛ اما السلام الدائم، وهذا يشترط في استتبابه احترام الحقوق المشروعة للشعب الصحراوي وعلى رأسها الاعتراف بدولته وبدورها المحوري في خلق التوازن والاستقرار في المنطقة. واما المواجهة المسلحة، التي سينقلب فيها كل شيء رأسا على عقب، لا طريق للكركرات ستبقى مفتوحة، ولا حركة في البر أو البحر أو الجو سيكون مسموح بها، ولن يسمع إلا صوت البنادق، في ظل المستوى العالي للجاهزية القتالية لجيش التحرير الشعبي الذي لا يجهل أحد بسالة وشجاعة مقاتليه الذين تضاعف عددهم.
وبالتأكيد إن ما سيحدث على الجبهة العسكرية سيكون له انعكاسات قوية على بقية الجبهات سواء منها الديبلوماسية، والاعلامية، والانتفاضة والمعركة القانونية، وسيرفع من مكانة الدولة الصحراوية داخل الاتحاد الافريقي وخارجه، وستتوالى الانتصارات وما لذلك من تأثير على المعنويات العامة وشحذ العزائم. في تلك الحالة، سيكون الشرط الوحيد لوقف اطلاق النار هو الانسحاب الفوري للقوات والادارة المغربيتين والاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.