أفريقيا برس – الصحراء الغربية. يبدو أن الإجابة عن سؤال تكرر كثيراً هذه الأيام أصبح أمرا لابد منه، وهو سؤال يطرح عن غيرة أحيانا ومزايدةً أحايين أخرى، ويتمثل هذا السؤال في: “لماذا لا تساند الجماهير الصحراوية الجسورة سلطانة؟”، ويمكن الإجابة عن هذا بسؤال أو أسئلة أخرى: “هل توافدت الجماهير على منازل عائلات ونسوة بالعشرات تم اعتقالهن ورميهن في المعتقلات، سنوات السبعينات والثمانينات القرن الماضي وحتى بداية القرن 21؟ وهل تقدمت الجماهير نحو مناضلات تم إخضاعهن آنذاك للإقامة الجبرية في الطنطان وغيرها من المدن؟”.
إذا كان الجواب هو أن الجماهير لم تتوافد بالعشرات أو المئات في الحين على منازل النساء والآباء الذين تم اعتقالهم خلال تلك السنوات الماضية، واستشهد بعضهم في المعتقلات، وهذه هي الحقيقة، فإن ما حدث سابقاً هو ما يحدث اليوم لمعركة الجسورة سلطانة ووعري؛ إذن هل ما يصفه البعض مزايدةً (برودة أهل المنطقة) شيء يجب التوقف عنده هكذا كمستجد يتحمل مسؤوليته ذاك أو ذيك؟ وهل هي (برودة ضمير) طرأت على مجتمع تحت الإحتلال، أم أنها مزايدة رخيسة؟، فبدل أن تكون سنوات التقسيم القسري عامل يزيد الشوق بين الضفتين، حدث العكس تماماً وانقلبت الطبيعة العاطفية المعروفة بين الشعوب المقسمة، وفَعَلَ “طول الميل” الأفاعيل واستُحدث التراشق والمزايدات الخاوية للأسف الشديد.
جرائم الإحتلال مستمرة، والإحتلال هو نفسه، والثابت أن الجماهير لم تتوافد بالمئات أو العشرات على منازل نسوة تم اعتقالهن والتنكيل بهن واغتصابهن لسنوات في معتقلات مگونة وآگدز والبيسيسيمي والبير… إلخ، والثابت أيضا أن “الانتقام العنيف” جاء بعد ذلك بسنوات في مواقع وتواريخ مختلفة، من العيون لحزام الفوسفاط، لمراكز الشرطة التي تم حرقها، للجلادين الذين استشهد معتقلين على أيديهم في الثمانينات ولكنهم دفعوا الثمن في الألفينات، مروراً بلحمة أگديم إزيك التي حدث فيها ما حدث ويعرفه الجميع.
فالجلاد جطيو مثلا، الذي قتل الشهيد محمد الخليل عياش، بعد رفض الأخير ترديد جملة “عاش الملك”، في معتقل البير ثمانينات القرن الماضي، دفع ثمن ذلك في ألفية القرن 21، بعد إصابته بحروق من جسمه ونجى من الموت بأعجوبة مرات، وغيره كثيرون من الجلادين، ولكن يبدو أن ذاكرتنا الجماعية ضعيفة لدرجة أننا لا نعود لدروس التاريخ لنجد الأجوبة.
الجماهير كما هي، سواء في نهاية القرن 20 أو اليوم في سنة 2021 من القرن 21، هي جماهير تنتقم لكل ذلك مع تراكم تلك المعاناة سواء اليوم أو غداً، ولنا في التاريخ العبر، فسلطانة ووعري ووالدتهم الكريمة سيُنتقم لهم كما تم الإنتقام لمن قبلهم من أبناء وبنات هذا الشعب، ولو بعد حين.
بقلم: مبارك سيدأحمد مامين
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس