أفريقيا برس – الصحراء الغربية. نشرت جريدة الخبر ية في عددها ليوم الأحد مقالا للدبلوماسي الصحراوي، ماءالعينين لكحل، تناول فيه موقف رئيس الحكومة الاسبانية الأخير من قضية الصحراء الغربية، معتبرا أن هذا الموقف ليس خطيرا فقط على مسلسل تسوية النزاع بل وخطير على أمن واستقرار المنطقة ككل والشرعية الدولية بشكل عام.
وفي ما يلي النص الكامل للمقال:
خيانة اسبانية جديدة للصحراء الغربية ومدريد تستسلم لابتزاز المخزن
في خطوة غريبة، وغير مسبوقة على الأقل منذ خيانة اسبانيا للشعب الصحراوي سنة 1975، خرج رئيس الحكومة الاسبانية، بيدرو سانشيز، بتصريح دعم فيه مقترح الحكم الذاتي المغربي معتبرا اياه “القاعدة الأكثر جدية، وواقعية وذات مصداقية لحل النزاع” في الصحراء الغربية، أي بلغة أوضح، اعترف سانشيز للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية، واعتبر الحل في المقترح المغربي غير الشرعي أساسا، على اعتبار أن نظام الرباط لا يملك أي شرعية أو سيادة ليمنح مثل هذا الحكم لأرض لا يملكها.
وعليه، يكون سانشيز قد خضع نهائيا لضغوطات الرباط، وأخرج اسبانيا، الدولة المسؤولة عن معاناة الشعب الصحراوي منذ تخليها عن واجبها في تصفية الاستعمار من البلد، أخرجها بشكل مخزي من معادلة البحث عن الحل، مادامت مثل الولايات المتحدة الأمريكية، تفتقد لشرعية الحياد، ولمصداقية احترام القانون الدولي، وتميل إلى الطرح المغربي الذي يضرب بعرض الحائط بهذه الشرعية وبجميع مقتضيات القانون الدولي ذات الصلة بحق الشعوب في تقرير المصير، وحق الشعوب في السيادة على أراضيها.
لكن، بالمقابل، وقفت جميع القوى السياسية والنقابية الاسبانية، بيمينها ويسارها، بل وحتى من وسط الائتلاف الحاكم، في وجه هذا التغيير الخطير في الموقف الاسباني، وطالب الجميع باحترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، كما طالبوا بأن تحافظ الدولة الاسبانية على موقفها السابق، في دعم جهود الأمم المتحدة الرامية لحل النزاع في إطار الشرعية الدولية.
وعلى كل حال، ورغم ان هذا الموقف الاسباني المخزي لا يستطيع إعطاء المغرب ما لا يستحق، لأن مدريد لا تملك هي أيضا أية سيادة على الصحراء الغربية، لتمنحها لمن تريد. إلا أن مسؤولية اسبانيا تتمثل في أن تصحح الخطأ، والجريمة التاريخية التي ارتكبتها مع سبق الإصرار والترصد ضد الشعب الصحراوي خلال السبعينات، أما وقد أثبتت طيلة عقود أنها دولة ضعيفة، وهشة، وقابلة للاستسلام لأبسط الضغوط المغربية، والخضوع لابتزاز المخزن لحكوماتها المتعاقبة بملفات الهجرة، والمخدرات، والارهاب، والتهديد بالتوسع على حساب سبتة ومليلية وجزر الكاناري، فلا الصحراويون سيستفيدون من أية جهود تبذلها هذه الدولة، ولا الشرعية الدولية ستستفيد من كونها القوة المستعمرة السابقة.
الشعب الصحراوي وقيادته، يدركان جيدا حجم التورط الاسباني في فعل الخيانة المتكررة والمتواصلة ضد الصحراء الغربية من قبل جميع الحكومات الاسبانية، بيمينها ويسارها، منذ 1975، لكنهما متمسكان رغم ذلك بالعلاقات التاريخية، والثقافية، والسياسية، والانسانية التي تربط الشعب الصحراوي، وبقوة، بجميع الشعوب الاسبانية، وقواها الحية، ويدركان أيضا أن حكومة سانشيز ستدفع ثمن هذه الخيانة المعيبة عاجلا وليس آجلا، لأن أي حكومة اسبانية تستسلم بهذه الطريقة المهينة لضغوطات المخزن هي خطر ليس فقط على الشرعية الدولية، بل وحتى على المصالح الاسبانية الأكثر استراتيجية، ولا تستحق البقاء.
إن موقف سانشيز يهدد وبشكل مباشر، على سبيل المثال لا الحصر، مصلحة اسبانيا في وحدتها الترابية، وفي سلامتها من الأطماع المغربية التي ستسلتفت مباشرة للجارة الشمالية بمجرد أن تنجح، لا قدر الله، في ابتلاع الصحراء الغربية. كما يهدد هذا الموقف مصداقية وصورة اسبانيا، المهتزة أصلا، كبلد عاجز عن حماية سيادة قراراته السياسية التي تتأثر بشكل عجيب بالتهديدات المغربية، بملفات يعلم الجميع أنها تهديد لأمن واستقرار المنطقة والعالم، ولا يجب بتاتا التساهل معها، فكيف بالخضوع لها.
وأخيرا، يهدد هذا الموقف أيضا مصداقية الدولة الاسبانية لدى الكثير من دول العالم، التي تربطها علاقات جيدة مع اسبانيا، ولكنها تريدها أن تتحمل مسؤوليتها بشكل أكثر موثوقية وصرامة، تجاه قضية الصحراء الغربية، التي باتت نوعا من المحك، أو المؤشر على تصنيف الدول إلى دول تحترم القانون الدولي ومبادئ حقوق الانسان والشعوب، ودول لا تعير أي اهتمام لهذه المبادئ وتريد بث الفوضى، وقانون الغاب في العلاقات الدولية، مثل المغرب، و”اسرائيل”، وأي دولة أخرى تمارس الاعتداء العسكري على الغير مهما كانت المبررات، مالم تكن تدافع عن نفسها ضد الاعتداء.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس