سالم: الشهيد لحبيب رفض استقبال بعثة الأمم المتحدة خارج الصحراء الغربية

18
الشهيد عبد الله لحبيب رفض استقبال بعثة الأمم المتحدة خارج الأراضي المحررة اعتزازا بالسيادة الوطنية ورفضا للتنازلات المجانية
الشهيد عبد الله لحبيب رفض استقبال بعثة الأمم المتحدة خارج الأراضي المحررة اعتزازا بالسيادة الوطنية ورفضا للتنازلات المجانية

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. ليس من باب التزلف ولا حتى المجاملة ان أبدا بشكر طاقم وكالة الأنباء المستقلة، من جهة، على كل مجهوداتهم لا سيما مثل هذه الندوات التي تُبقي الشهداء احياء بإبراز مآثرهم لجعلهم نموذجا وقدوة، ومن جهة أخرى إتاحتهم أياي هذه الفرصة للمساهمة ولو بالنزر في إبقاء درب الشهداء، التي هي طريق الشهيد ” الحاج ” عبدالله لحبيب، نيّرا لمن أراد إتباعه.

إننا لا نتذكر الشهداء لنتباكى عليهم وحسب كما اننا لا نُقيم الندوات لسرد فضائلهم بغرض تعدادها وفقط، بل نقوم بكل ذلك، وقبل كل شيء، لأجل دراسة رؤاهم وتحليل تصوراتهم وإتباع نهجهم والتمسك بعهدهم، لذا فإنني سأركز في مداخلتي هذه على نقطتين إثنتين هما:أولا: رؤية الشهيد وتصوراته لتطوير الوزارة والسير بها نحو الأفضل.

ثانيا: ما حققه الشهيد في سعيه لتطبيق رؤيته وتجسيد أفكاره وتصوراته.

ولكن وقبل الخوض في تلك النقطتين يجب الإشارة إلى حدثين بارزين يخُصانه وقع أحدهما قبل رحيل الشهيد بأشهر أثناء إنعقاد المؤتمر الخامس عشر للجبهة، والآخر بُعيد إنتقاله إلى الرفيق الأعلى بأيام معدودة، وقد حرِصتُ على إبرازهما والتذكير بهما لإعتقادي الراسخ وإيماني العميق بأنهما يعطيان مفاتيح لا غنى عنها لفهم الظروف التي عمل بها الشهيد والصعوبات التي كابدها أثناء وبعد عمله على رأس وزارة الدفاع الوطني، من جهة، وكذا جُرأته منقطعة النظير على إحقاق الحق ووضع الكُلِ الموضع المُستحَق.

فأما الأول فهو كون الشهيد رحمه أول عضو قيادي في تاريخ الجبهة تُشن ضده حملة ضارية قادها أطر من المؤسسة العسكرية بما فيهم أعضاء من الأمانة الوطنية بغرض منعه من عضوية الأمانة الوطنية، وأما ثانيهم فهو قيام أحد رفاقه في الأمانة الوطنية، أياما معدودة بعد إستشهاده، بنشر تدوينة قليلة اللياقة يُطالب فيها الرئيس بإعادة إطار ما إلى مَهمةٍ كان الشهيد قد عزله منها.

لقد كانت رؤية الشهيد لتطوير وتفعيل الوزارة واضحة وكانت اساليبه وأدواته لتحقيق ذلك لا تقل وضوحا وقد لعبت خلفيته العسكرية وكونه أحد القلائل الذين لم يزاولو أي عمل خارج وزارة الدفاع، من جهة وتقلده أغلب المهمات وإرتقاءه سلم الترقيات فيها، من جهة أُخرى، ساهم كل ذلك في بلورة رؤية الشهيد للوزارة حاضرها ومستقبلها وقد كان شغله الشاغل وهمه الأول هو المقاتل وكان يدرك تمام الإدراك ان تطوير الوزارة والإرتقاء بها يجب ان يبدأ بالمقاتل وأن ينتهي به، غير أنه آمن أن أولى خطوات التطوير يجب أن تبدأ بفصل الوزارة عن السياسة وخلق جيش تنصهر فيه روح النضال والمسؤولية والرفاقية، التي ميزت المقاتل الصحراوي، تنصهر مع إحترافية الجيوش الحديثة وإنضباطها فقدم للأمانة الوطنية للجبهة خطة مرنة متعددة الخيارات هادفة إلى الشروع الفعلي في فصل مؤسسة الجيش عن السياسة.

وإذ أن المقام لا يتسع لتعداد كل أعمال الشهيد وإنجازته على طريق ترقية المقاتل والوزارة إلا أنه يمكنني تعداد بعض كبائر أعمال الفقيد وإنجازاته:_ محاربة التسيب وهدر الإمكانيات وتوفير الأموال الطائلة جراء ذلك وهو ما نتج عنه تكفل الوزارة لوحدها وبإمكاناتها الذاتية من الحفاظ على إستمرارية برنامج ” الترميم وإعادة الجاهزية ” الشامل لكل النواحي العسكرية والذي فاقت المبالغ المخصصة له المليارات رغم تقاعس الحكومة عن إلتزاماتها تجاهه.

_ إعادة هيكلة الوزارة بإستحداث مديريتين مركزيتين ومقر عام.

_ تحويل الناحية العسكرية السادسة من ناحية إدارية في الخلف إلى ناحية قتالية مع ما يتطلبه ذلك من توفير للإمكانيات القتالية واللوجستية.

_ إنشاء المدرسة العسكرية للنساء وتخريج أولى دفعاتها.

_ إنشاء المدرسة الوطنية للأشبال حيث تمكنت المدرسة من إعادة الكثير من الطلاب الى مقاعد الدراسة النظامية بعد أن كانوا ضحية التسرب المدرسي.

_ تحسين متواصل لمستوى إعاشة المقاتل.

_ زيادات متواصلة للراتب.

_ ترقية الإدارة وإيصال الضبط مستويات غير مسبوقة.

_ إنجاز مشاريع كبرى مثل المجمع الإداري والمراكز الخلفية.

وقد كان الشهيد رحمه اللّٰه يدرك تمام الإدراك ان الحرب قادمة لا محالة، لذلك فقد إستحدث نظام إستطلاع وتأمين على مستوى كافة النواحي العسكرية.

وإذا كان الشهيد عبدالله مثال المقاتل الشهم والجندي المحترف فإنه كان أيضا رجل الدولة الذي يعرف كيف يتعامل مع المسؤولين الأجانب ولا يمكنني هنا إلا الإشارة إلى رفض الشهيد لقاء قائد القوات الأممية ” منورسو ” إلا داخل الأراضي المحررة رغم اللإلحاحات المتكررة لهذا الأخير.

لقد تميز الفقيد بالعدل وحب المجتهدين والمنضبطين وتقديرهم ومنحهم ما يستحقون من حقوق ويكفي للتدليل على ذلك بإستذكار الشهيد سالم لحبيب شداد، فقد كان الشهيد سالم مجرد قائد فصيلة في الناحية السابعة عند تعيين الشهيد عبدالله قائدا لها، فلما رأى قتالية سالم وإنضباطه ونقاءه وإستعداده الدائم لتنفيذ أصعب المهام جعل يدفع بترقيته حتى أوصله قيادة الناحية السابعة ذاتها.

رحم اللّٰه الشهيد وكل الشهداء ولا جانبنا طريقهم إنه سميع مجيب.

جمال محمد سالم

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس