ازمة دبلوماسية بين تونس والمغرب.. ظاهرها الصحراء وباطنها التطبيع

15
ازمة دبلوماسية بين تونس والمغرب.. ظاهرها الصحراء وباطنها التطبيع
ازمة دبلوماسية بين تونس والمغرب.. ظاهرها الصحراء وباطنها التطبيع

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. لم تكن دعوة تونس لممثل الصحراء الغربية لحضور القمة اليابانية الإفريقية سوى الشماعة التي علق عليها المغرب أسباب القطيعة بين البلدين، ولعل من نافلة القول التذكير بمشاركات سابقة لممثل الصحراء في قمم إفريقية ودولية كان محمد السادس شخصيا حاضرا فيها وكان مقعده منها قريبا من إبراهيم غالي، وتأتي هذه القطيعة رغم عدم إعتراف تونس بالجمهورية الصحراوية التي تنال عضوية كاملة في الإتحاد الإفريقي، وبالعودة إلى تاريخ العلاقات التونسية المغربية نجد أنها قد بلغت أوج إزدهارها زمن الرئيس الراحل بورقيبة القريب جدا من المعسكر الغربي ثم تراجعت زمن الراحل بن علي الذي تميز عهده بالتنسيق مع العقيد الشهيد معمر القذافي في جل القضايا الإقليمية والدولية لتصل الآن إلى نقطة القطيعة مع نظام قيس سعيد غير المرغوب فيه أمريكيا، كأن المسافة مع النظام المغربي تحددها الإيديولوجيا لا الصحراء، وأذكر هنا كلمة للراحل أحمد بن بلة عن حرب الرمال يوضح فيها أن الأسباب إيديولوجية وليست حدودية كما تم التسويق لها فالحرب دارت بين نظام ملكي أقرب إلى محمية أمريكية وبين جمهورية إشتراكية تتجه نحو الجنوب وتتلقى دعما إقتصاديا وعسكريا غير محدود من عبد الناصر عدو الإمبريالية ومن كاسترو وكل الأنظمة الثائرة في وجه الإستعمار وأذنابه.

القطيعة لا تعود إلى الموقف من الصحراء فلم يصدر إلى حد كتابة هذه الأسطر ما يشير إلى إعتراف رسمي تونسي بحق الشعب الصحراوي في أرضه وإنما تعود إلى رفض تونس الولوج إلى مستنقع الإتفاقات الإبراهيمية التي إنخرطت فيها بعض أكشاك الخليج، ومن الجدير بالذكر ان نظام المخزن بملكه الحالي والسابق قد اقام علاقات سريه وعلنيه مع الكيان المسخ منذ عقود، وقد ضرب عرض الحائط بمشاعر الشعب المغربي المناصر لقضية الأمة في فلسطين، ونذكر هنا بزيارة سفاح قانا للملكة المغربية في 22 يوليوز عام 1986، ففي ذلك اليوم التقى بيريز بالملك الحسن الثاني في مدينة إفران السياحية لتطفو إلى العلن عقود من التخابر والتنسيق بين النظام المغربي والعصابة الصهيونية، وهو ” اي النظام المغربي” يمارس التضليل ويتعاون امنيا واقتصاديا مع امريكا والكيان الصهيوني منذ زمن طويل ولم تكن الإتفاقات الإبراهيمية سوى ملحق وشماعة لاعلان النظام المغربي علنيا علاقاته العسكرية والاقتصادية مع العدو الصهيوني.

كان الرهان من عرب المحميات الأمريكية أن تونس ستنجر إلى التطبيع بسبب أزماتها الاقتصادية وحاجتها لتمويل ميزانيتها من البنوك الدولية لكن الدستور التونسي جاء على عكس ما توقعه هؤلاء وأشار في توطئته إلى ‘’حق الشعب الفلسطيني في أرضه السليبة وإقامة دولته عليها بعد تحريرها وعاصمتها القدس الشريف’’ كان لافتا في توطئة الدستور الجديد الحضور الصريح لمبدأ الانتصار للشعب العربي في فلسطين صاحب الحق في أرضه وفي القلب منه القدس لا شرقية ولا غربية.. وهذا الانتصار للحق الفلسطيني بات جزءا من الدستور في سابقة غير مدونة نصا في دستور أي دولة عربية أخرى، حتى وإن احتوى دستور الجمهورية العربية السورية في مقدمته مصطلح ” جبهة المواجهة مع العدو الصهيوني”. هنا بدأت القطيعة مع المحميات الأمريكية في الوطن العربي وفي الجناح المغاربي منه تحديدا وكما إندلعت حرب الرمال تحت أسباب ومسميات تخفي الخلاف الإيديولوجي تندلع هذه المعركة الدبلوماسية بين نظام أعلن منذ اليوم الأول عن أنه في حالة حرب مع العدو الصهيوني ونظام تربطه بالعصابة الصهيونية علاقة تمتد إلى عمر الكيان.

أمام النظام المغربي خياران لا ثالث لهما، إما الكيان الصهيوني أو علاقات ود مع جيرانه العرب، والتنسيق العسكري مع الكيان هو بمثابة إعلان حرب على الجزائر وتونس وليبيا وجميعها ترفض رفضا قاطعا الإنخراط في إتفاقيات محمد بن زايد التي حملت إسم الإتفاقات الإبراهيمية، وعلى المستوى الشعبي يفقد المغرب تعاطف العرب إزاء قضية الصحراء خصوصا مع ثنائية المعايير بين ملف سبتة ومليلة المغربيتان وبين ملف الصحراء التي لم تلعب المغرب دورا في تحريرها من الاحتلال الإسباني حين تكفل العقيد الشهيد معمر القذافي والهواري بومدين بدعمها سياسيا وماديا وعسكريا، سبتة ومليلة مغربيتان أكثر من الصحراء لكن الحديث عنهما لا يوافق هوى ساكن البيت الأبيض، وبأي منطق يتحدث المغرب عن صحرائه السليبة وينكر حق الفلسطينيين في إستعادة وطنهم السليب. هي رؤية عدمية تمتطي صهوة التطبيع ولن تقود إلا إلى مزيد من الإحتقان بين المغرب وجيرانه العاضين على الحق بالنواجذ، وسيدرك النظام المغربي بعد فوات الأوان أن الإتفاقات الإبراهيمية ليست سوى ساحة رقص في “عرس بغل” (استعارة للدلالة على الحفل الكاذب).

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس