عبد السلام سكية
أفريقيا برس – الصحراء الغربية. تعيش أروقة مجلس الأمن الدولي في نيويورك منذ أيام على وقع نقاشات حادة وتحركات دبلوماسية مكثفة بشأن ما أصبح يُعرف بـ”الورقة الأمريكية غير الرسمية” المتعلقة بملف الصحراء الغربية وتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الإقليم، المعروفة اختصارًا بـ”المينورسو”.
تفاصيل الورقة الأمريكيةتشير مصادر دبلوماسية مطلعة إلى أن بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سلّمت وثيقة غير رسمية إلى ست دول، من بينها الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن إضافة إلى إسبانيا، تتضمن مقترحات تتصل بمستقبل البعثة الأممية وآفاق الحل السياسي في الصحراء الغربية.
الورقة – بحسب نفس المصادر – تتبنى موقف الرباط بشكل شبه كامل، وتستند إلى إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الصادر سنة 2020، والذي اعترف بما يزعم “سيادة المغرب على الإقليم” ويبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية تواصل هذا التوجه دون تعديل يُذكر، في خطوة تؤكد جبهة البوليساريو بشأنها أنها “انحياز واضح للمحتل المغربي”.
وتتحدث تقارير أممية عن تحركات منسقة بين الولايات المتحدة وفرنسا، مدعومة من لوبيات صهيونية وأخرى ممولة من الرباط وبعض الدول العربية، تهدف إلى إضفاء الشرعية على الوجود المغربي في الصحراء الغربية، في ظل اعتراضات واسعة داخل المنظمة الأممية.
انتقادات وتحذيرات
من جهتها، قالت وكالة الأنباء الصحراوية في نقاط نشرتها، الأحد، إن ما يجري “محاولة لشرعنة احتلال غير قانوني”، مؤكدة أن مجلس الأمن “ليس وكالة عقارية تبيع الأراضي وتوزعها”، وأن الصحراء الغربية “ليست للبيع”، كما جاء في بيان نُشر عقب تداول الورقة الأمريكية.
وأضافت المصادر ذاتها أن أي انحراف عن روح الاتفاق الأممي الموقع سنة 1991، تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، سيشكل “خيانة واضحة لمسؤوليات المجلس الدولية”، باعتباره الضامن لتنظيم استفتاء تقرير المصير الذي أنشئت من أجله بعثة المينورسو.
وحذرت من أن تمرير مثل هذه الورقة، إن حدث، سيقوّض أسس التسوية السلمية ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها.
الموقف الصحراوي: لا حوار خارج حق تقرير المصير
وتؤكد الوكالة لسان حال الجمهورية الصحراوية، أن جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي للشعب الصحراوي، أنها لن تشارك في أي مفاوضات أو عمليات سياسية لا تنطلق من الاعتراف بحق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.
وشددت على أن أي مسار لا يعترف بالطبيعة القانونية للقضية كقضية تصفية استعمار هو مسار مرفوض، داعية الأمم المتحدة إلى الالتزام بقراراتها السابقة التي أكدت حق الشعب الصحراوي في اختيار مستقبله بحرية.
كما جدّدت الجبهة رفضها لأي محاولة لتغيير مهام بعثة المينورسو أو تحويلها إلى بعثة مراقبة دائمة للوضع القائم، مؤكدة التزامها بالتعامل في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، باعتبارهما الجهتين الضامنتين للاتفاق الموقع مع المغرب قبل أكثر من ثلاثة عقود.
صمود صحراوي في وجه الضغوط
ويرى مراقبون أن التطورات الأخيرة أعادت إلى الواجهة الصراع القانوني والسياسي حول الصحراء الغربية، خصوصًا بعد مرور أكثر من خمسين عامًا من الكفاح الوطني الصحراوي الذي أفرز كيانًا مؤسساتيًا هو “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، المعترف بها من قبل الاتحاد الإفريقي وعدد من الدول عبر العالم.
ويؤكد الجانب الصحراوي أن هذا الواقع أصبح “حقيقة لا يمكن تجاوزها أو اختزالها بجرة قلم مهما كانت الجهة التي تمسك بالقلم”.
ويضيف أن النظام المغربي، بعد أن فشل في فرض أمر واقع على الأرض، لجأ إلى تعزيز تحالفاته مع قوى أجنبية والتطبيع مع إسرائيل مقابل دعم سياسي وأمني، وهو ما تعتبره البوليساريو “رهانًا على الاحتلال بدل السلام”، معتبرة أن المغرب خسر سيادته وكرامة شعبه حين جعل من قضية الصحراء أداة لضمان دعم خارجي لبقاء النظام.
دعوة إلى السلام العادل
وفي ختام موقفها، أكدت الجمهورية الصحراوية استعدادها الدائم للسلام والتعايش مع المغرب “على أساس الاحترام المتبادل للوحدة الترابية والسيادة لكل طرف”، مشيرة إلى أن وجود البلدين معًا في الاتحاد الإفريقي دليل على إمكانية تحقيق سلام دائم إذا ما احترمت القرارات الدولية.
كما أعربت عن رغبتها في إقامة علاقات تعاون وصداقة مع جميع دول العالم، بما فيها تلك التي “تدفع المغرب إلى الاستمرار في مغامرته بالصحراء الغربية”، محذرة من أن استمرار هذا النهج لن يؤدي إلا إلى زعزعة الاستقرار في منطقة شمال غرب إفريقيا وحرمان شعوبها من فرص التنمية والازدهار.
وبينما تستعد واشنطن لطرح الورقة رسميًا خلال الأيام المقبلة، يبقى مجلس الأمن أمام اختبار دبلوماسي حاسم بين احترام الشرعية الدولية أو الانحياز لمنطق القوة والاحتلال، في ملف يعتبر من أقدم وأعقد قضايا تصفية الاستعمار التي لا تزال عالقة في العالم، رغم عدالة القضية على كمل الأصعدة
المصدر: الشروق اونلاين
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس
            




