القضية الصحراوية ولم الشمل العربي !

35
القضية الصحراوية ولم الشمل العربي !
القضية الصحراوية ولم الشمل العربي !

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. تعتبر القمة العربية الحادية و الثلاثون التي أنعقدت في الأول والثاني من نوفمبر الجاري في الجزائر بمثابة المحطة الرئيسية التي قد تنطلق منها مراجعة أوضاع التلاوين السياسية الفلسطينية والذي سيقود إلى الدفع بعربة البحث عن الإجماع العربي وتوحيد الصف وإعادة النظر في المواقف العربية تجاه هذه القضية العربية المقدسة.

ومن خلال تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي أكد بأن “القمة العربية انطلاقة جديدة للعمل العربي المشترك “ليتضح التوجه الذي تسعى إليه الجهود المبذولة والاهداف التي يرغب العرب في تحقيقها والخروج من نفق الخلافات والتشرذم.

ويأتي هذا بعد سنوات من التصدع والفرقة والخلافات التي أدت في نهاية الأمر إلى الإنبطاح والتطبيع مع إسرائيل.

وجدير بالتذكير أن منظمة الجامعة العربية قد تجاهلت بشكل تام القضية الصحراوية رغم شرعيتها من الناحية القانونية وتطابقها حد التماهي مع القضية الفلسطينية، ووجودها جغرافيا في الحيز العربي الذي تأسست المنظمة للتعاطي مع قضاياه بالإضافة إلى أنها تشكل نقطة خلاف جوهرية بين المملكة المغربية والشعب العربي الصحراوي ممثلا في جبهة البوليساريو، كما أنها تمثل أساس التصدع في العلاقات بين أكبر بلدين عربيين في شمال غرب أفريقيا، المغرب والجزائر.

ولا يبدو تجاهل منظمة الجامعة العربية للقضية الصحراوية مبررا أو مستندا إلى منطق معقول، فالقضية واضحة من الناحية القانونية، والأمم المتحدة أوضحت بجلاء وبشكل دوري طبيعة النزاع والحل الذي ينبغي الإستناد إليه، كما أن الجمهورية الصحراوية الدولة التي أعلنتها جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الصحراوي والذي يتمتع بعضوية كاملة وعضو مؤسس للمنظمة القارية الإتحاد الأفريقي الذي يضم إلى جانبها العديد من الدول العربية، هذا فضلا عن مواقف الإتحاد الأوروبي وقرارت محكمة العدل الأوروبية التي تضع الجامعة العربية في موقف مخجل وغير قابل للفهم.

ومما يضفي أهمية على القمة الأخيرة وضرورة مراجعة موقفها من القضية الصحراوية مشاركة وعلى أعلى مستوى المنظمات القارية والدولية التي تعاطت مع هذه القضية بشكل إيجابي وواضح مثل الأمين العام للأمم المتحدة، والرئيس الحالي لمنظمة الإتحاد الأفريقي، ورئيس منظمة عدم الإنحياز.

تعرضت بلا شك قضية الصحراء الغربية للتهميش والإهمال واللامبالاة من طرف الدول العربية فرادى وجماعات والأنكى والأمر أنها لم تكن يوما ضمن جدول أعمال إجتماعات منظمة الجامعة العربية، وهذا الوضع المؤسف تجاوز الجامعة العربية إلى منظمات أخرى قارية ودولية بما فيها منظمة الأمم المتحدة ومجلسها للأمن الذي يعالج هذه القضية بشكل جلي واضح ويحدد سياقها وطبيعتها وما تستند إليه من قوانين وقرارات.

ومن المؤسف والمحزن أن تتناول هذه المنظمات والهيئات قضايا الشعوب ومصائرها بإزدواجية مقرفة للمعايير، حيث لا حضور ولا ظهور للشعب الصحراوي وقضيته.

ومن هنا يحق لنا التساؤل عن ماذا قدمت الجامعة العربية منذ تأسيسها لقضية الشعب الصحراوي؟في هذه القمة شكل غياب ملوك وأمراء التطبيع وخاصة الملك المغربي فرصة ثمينة لإدراج القضية الصحراوية ضمن جدول الأعمال ولو من باب المناقشة والدراسة ليكون ذلك بمثابة القطيعة مع الإهمال والتناسي الذي تتبناه المنظمة لهذه القضية العربية الأفريقية، ومن باب المنطق يمكن القول أن توحيد الصف العربي لا يمكن تحقيقه مادامت الصحراء الغربية وفلسطين في حالة حرب وتخضعان لإحتلالين يشتركان في صفات عديدة ومتطابقة تصنفهما كأعداء للوحدة العربية وحجر عثرة أمام التماسك العربي والأهداف والطموحات التي تحلم بها الشعوب العربية وحكوماتها.

وعند البحث والنبش في تاريخ هذه المنظمة فقد تأسست لأهداف سياسية وإستراتيجية ترمي إلى نصرة القضية الفلسطينية وصهر العالم العربي في وعاء وحدوي واحد ليشكل متانة وقوة للعالم العربي الذي يحظى بإمكانيات هائلة بشرية وإقتصادية وثقافية ودينية تؤهله ليكون قطبا عالميا يحظى بالإحترام اللازم والمكانة اللائقة، وبناءا على توجهاتها واهدافها وتعاطيها المطلق مع القضية الفلسطينة يمكن أيضا أن تكون القضية الصحراوية من بين القضايا التي ينبغي عليها معالجتها وتناولها.

إن الشعب الصحراوي لا يطلب المستحيل من هذه المنظمة ولكنه يطالبها بقليل من المنطق وصفاء المعايير والنظر إلى قضيتنا وفق نفس المبادئ والقوانين التي تنظر من خلالها للقضية الفلسطينية وغيرها من القضايا.

وفي تاريخ إجتماعاتها وقممها السابقة كانت دائما بمثابة تاريخ طويل من الإنهزام والتشرذم والفرقة وعدم الإنسجام، وبالمقابل فإن القمة الأخيرة التي انعقدة في أرض المليون والنصف المليون شهيد تأتي كمحاولة جادة وذات مصداقية لوضع نقطة نهاية لتلك الوضعية وقيادة العالم العربي نحو المكانة اللائقة بدءا بتوحيد الصف الفلسطيني وإنهاء تصدعاته مرورا بلم شمل العرب جميعا والسعي نحو بلورة مواقف موحدة ومنسجمة لديهم جميعا تجاه القضايا التي تختلف حولها وجهات النظر.

لقد مثلت الجزائر وبحق الصخرة الصلبة للموقف العربي الجامع الذي يأبى الخضوع والإستسلام والمتسمك بالمبادئ والمواثيق الدولية فضلا عن مبادئ وأهداف ثورة نوفمبر الجزائرية.

ولو أن الدول العربية كانت في مواقفها مثل الجزائر أو حذت حذوها لكانت النتائج مختلفة ولتحقق الكثير من الإنجازات التي تخدم العرب وقضاياهم.

ويمكننا أيضا القول أن الدول العربية حاليا ابعد ماتكون عن التوافق حول كل القضايا، كما انها تواجه تحديات اقتصادية وسياسية وغذائية وأمنية تتطلب تكاملا عربيا مشتركا فشلت القمم الماضية في تحقيقه، وقد تنجح هذه المرة اذا كانت النوايا بحجم التاريخ الذي اختير للقمة تاريخ اول نوفمبر المجيد.

والإرادة متوفرة للتغلب على كل تلك التحديات.

لقد عودت القمم العربية مواطني دولها على الخروج بقرارات دون تفعيل معظمها، لكن هذه المرة قد تغير نسق القمم العربية مع قمة الجزائر التي اختارت لها رمزية الفاتح من نوفمبر وما تحمله الذكرى من حمولة ثورية وتاريخ مرصع بالامجاد والبطولات والتضحية، فكان تزامنها بالذكرى الثامنة والستين للثورة الخالدة تأكيد على مواقف الجزائر الثابتة والتي لا تتزعزع ولا تقبل المساومة في دعم والمرافعة عن حركات التحرر وقضايا الشعوب المظلومة والمستعمرة.

أختتمت القمة وتكللت بالنجاح على المستوى الإقليمي والدولي بإعتبارها إستثناءا في تاريخ المنظمة واعادت القضية الفلسطينية الى صدارة الاهتمام العربي المشترك.

وستبقى تعزز الحلول السلمية للنزاعات في عالمنا العربي حتى يتحقق السلام العادل في الشرق والغرب معا .

بقلم الكاتب والاعلامي الاستاذ :بابا السيد لعروسي

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس