قراءة قانونية في قرار مجلس الأمن 2792

1
قراءة قانونية في قرار مجلس الأمن 2792
قراءة قانونية في قرار مجلس الأمن 2792

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. بقلم: كارلوس رويث ميغيل، أستاذ القانون الدستوري بجامعة سانتياغو دي كومبوستيلا الإسبانية ترجمة: ليمام محمد عالي سيد البشير

بحسب تحليل البروفيسور كارلوس رويث ميغيل أستاذ القانون الدستوري بجامعة سانتياغو دي كومبوستيلا الإسبانية، فإن السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة يقر بنفسه بأن القرار المتعلق بالصحراء الغربية لا يعترف بخطة الحكم الذاتي المغربية، بل ينبغي أن يكون بدايةً لعملية حل النزاع.

وإذا كان هذا ما يقوله مُعدّ القرار نفسه، فإن ذلك كافٍ لتوضيح طبيعته.

وافق مجلس الأمن على مشروع القرار بشأن الصحراء الغربية، الذي قدّمته الولايات المتحدة، بأغلبية 11 صوتًا مؤيدًا، وامتناع ثلاث دول عن التصويت (روسيا، الصين، وباكستان)، ورفض دولة واحدة المشاركة في التصويت (الجزائر).

*تحليل عاجل*وافق مجلس الأمن على مشروع القرار بشأن الصحراء الغربية الذي قدّمته الولايات المتحدة، مع امتناع روسيا وباكستان عن التصويت.

ومن المفترض أن يكون هذا هو مشروع القرار الذي تمّت الموافقة عليه.

أولًا، أفترض أن النص المُعتمد هو المسودة التي سُرّبت أمس، والتي وصفها البعض بأنها “مزيفة”.

سأعلّق على محتوى النص أولًا، ثم أُحلّل التصويت.

*أولًا: في مضمون القرار*أول وأهم ما يجب قوله هو أن هذا القرار لا يُقرّ خطة “الحكم الذاتي” المغربية.

وبناءً على ما تقدّم، يؤكد القرار ويُبقي على خطة التسوية سارية المفعول، ولهذا السبب تحديدًا يمدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لمدة عام واحد.

القرار يؤكد القرارات السابقة، أي تلك التي صدرت بعد الموافقة على خطة التسوية، ويمدّد ولاية بعثة المينورسو.

وعلى عكس ما حدث مع خطة التسوية التي وافق عليها مجلس الأمن، فإن الخطة المغربية لم تُعتمد.

ماذا سيحدث إذًا لخطة “الحكم الذاتي” المغربية؟ يطلب مجلس الأمن من الأطراف التفاوض على أساسها، وهذا يكشف أن الخطة لم تُعتمد رسميًا.

التغيير في هذا القرار، مقارنةً بالقرارات السابقة، هو أن مجلس الأمن، وإن لم يُوافق على الخطة المغربية، يطلب صراحةً من الطرفين التفاوض على أساسها.

فهل هذا ما أراده المغرب؟ جزئيًا فقط.

لقد أوقف المغرب المفاوضات عام 2008، التي بدأت في مانهاست، متمسكًا بضرورة إعطاء الأولوية لخُطته على خطة جبهة البوليساريو.

وقد أُقرّت الآن هذه الأولوية، لكن المغرب أراد أكثر من ذلك، وهو ما لم يحصل عليه.

ماذا أراد؟ أراد المغرب، كما نصّ عليه مشروع القرار الأول الذي قدّمته الولايات المتحدة (وسُرّب في 18 أكتوبر/تشرين الأول)، أن يكون مقترحه “الأساس الوحيد” للمفاوضات.

وهكذا، ينجح المغرب في إعطاء مقترحه “أولوية” في المفاوضات، لكنه لا ينجح في جعله “الأساس الوحيد” للتفاوض.

علاوة على ذلك، ورغم أن المقترح الصحراوي لم يُستبعد، فإن المغرب حرص على عدم ذكره، كما كان الحال منذ عام 2007.

وفي رأيي، اختارت جبهة البوليساريو توقيتًا غير مناسب لتقديم “مقترحها الموسّع”، والدليل على ذلك أنه لم يُذكر في النص النهائي للقرار.

القرار المعتمد، كما هو الحال في المسودة الأولى المقدّمة من الولايات المتحدة (المُسربة في 18 أكتوبر/تشرين الأول)، يُشير إلى ضرورة احترام “حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية”.

ولذلك، فليس صحيحًا أن التغييرات في المشروع الأولي اقتصرت على الإشارة إلى هذا الحق.

كما لا يُغلق القرار الباب أمام أي مقترحات أخرى غير الخطة المغربية، إذ “يدعو الأطراف إلى تقديم مقترحات تدعم حلاً نهائيًا مقبولًا من الطرفين”.

وهذه العبارة ذات أهمية كبيرة؛ لأنها تعني أن الخطة المغربية لا تُعتمد إلا بقبول متبادل.

بمعنى آخر، إذا لم توافق جبهة البوليساريو على الخطة المغربية، فلن تُعتمد، ويترك مجلس الأمن الباب مفتوحًا لمقترحات أخرى.

فإذا كانت الخطة المغربية تتمتع بأولوية في المفاوضات دون أن تُعتمد رسميًا، وإذا كان القرار يطالب باحترام حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية، فالمسألة لا تزال مفتوحة.

*ثانيًا: التناقضات القانونية والسياسية*المشكلة الأولى في القرار أن مجلس الأمن أشار إلى أن السيادة المغربية “قد” تكون الحل الأنسب، دون أن يعترف بها صراحة.

فهو لا يُقرّ بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، لكنه يقول إنها “قد تكون” أفضل الحلول الممكنة.

المشكلة الثانية أن القرار يدعو إلى التفاوض حول خطةٍ تنكر تقرير المصير (الخطة المغربية)، بينما يطالب في الوقت نفسه بأن يتضمن الحل مبدأ تقرير المصير، وهذا تناقض واضح.

لماذا تُعدّ الخطة المغربية مناقضة لمبدأ تقرير المصير؟ لأنها مبنية على فرضية لم يعترف بها مجلس الأمن، وهي أن الصحراء الغربية جزء من المغرب.

المشكلة الجوهرية التي تواجه المغرب والولايات المتحدة هي الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1975، والذي يعترف بحق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير.

وقد حدّد هذا الرأي الإطار القانوني للقضية، وهو ملزم لمجلس الأمن، الذي لا يملك صلاحية تغييره.

ومن ثم، يجب أن ينصّ أي قرار لاحق على احترام هذا الحق بشكل صريح.

يؤسفني أن أشير إلى أنه خلال خمسين عامًا، لم تُترجم هذه الوثيقة الجوهرية إلى اللغة الإسبانية من قبل وزارة الخارجية الإسبانية أو الحكومة الجزائرية أو جبهة البوليساريو، وقد تولى مركز CESO-USC هذه المهمة مؤخرًا.

*ثالثًا: تحليل التصويت*إذا انتقلنا من محتوى القرار إلى تحليل التصويت، يمكن استخلاص ما يلي:من جهة، نجد الدول المؤيدة بوضوح: الولايات المتحدة وفرنسا، وهذا متوقع.

فقد صرّحت الولايات المتحدة (ولا يُعلم ما إذا كانت فرنسا فعلت ذلك أيضًا) بأن الخطة المغربية هي “الأساس الوحيد” للتفاوض، ولم يشاركها هذا الموقف أي طرف آخر.

من المهم الاطلاع على تفسيرات تصويت الدول المؤيدة.

فمثلًا، دافعت سلوفينيا وكوريا في بياناتهما عن مواقف تتعارض تمامًا مع مضمون القرار الذي أيّدتا، وهو ما يُظهر حجم الضغوط الأمريكية والفرنسية.

أما الدنمارك، فقد أوضحت أن تصويتها لصالح القرار لا يعني اعترافًا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهذا توضيح مهم.

أما الجزائر، فلم تكن هناك مفاجآت، إذ كرّرت ما فعلته العام الماضي: رفض المشاركة في التصويت.

*الامتناعات الثلاثة ودلالاتها*الجانب الأكثر إثارة للاهتمام هو امتناع ثلاث دول عن التصويت: روسيا، الصين، وباكستان، وجميعها قوى نووية لا يمكن ابتزازها أو الضغط عليها من الولايات المتحدة أو فرنسا أو المملكة المتحدة.

إن امتناع هذه الدول الثلاث، ذات الوزن السياسي الهائل، يُعدّ تحذيرًا واضحًا لواشنطن وباريس.

بالنسبة لباكستان: تأثر موقفها سلبًا بالسابقة المحتملة لقضية كشمير.

ومع أن المغرب زبون للأسلحة الباكستانية، فإن امتناعها عن التصويت يعكس حساسية الموقف.

وعندما امتنعت تونس عام 2021 عن التصويت على قرار مشابه، ردّ المغرب بهجومٍ دبلوماسي عليها، لكن من المستبعد أن يفعل ذلك مع باكستان أو الصين.

أما روسيا: فامتناعها كان متوقعًا.

ويُرجَّح أن التغييرات الجوهرية في صياغة القرار، بما في ذلك حذف الإشارة إلى الخطة المغربية كأساس “وحيد” للتفاوض، جاءت نتيجة تهديد روسيا باستخدام حق النقض (الفيتو).

كانت موسكو مستعدة لاستخدام الفيتو لو أصرت واشنطن على الصيغة الأصلية.

ومن المفارقات أن الولايات المتحدة صوّتت في النهاية لصالح قرارٍ لا ينص على ما كانت تدعو إليه.

الصين: امتناعها هو الأبرز؛ إذ لم يسبق أن امتنعت عن التصويت في مثل هذه القرارات، رغم امتلاكها استثمارات ضخمة في المغرب.

وقد يُفسَّر موقفها في ضوء التوتر مع الولايات المتحدة، خصوصًا بعد لقاء الرئيس شي جين بينغ بالرئيس ترامب قبل يومٍ من التصويت.

ويبدو أن الصين أرادت إرسال رسالة ضمنية بأنها لن تمنح واشنطن أي نصر دبلوماسي مجاني.

*رابعًا: ما الذي قد يحدث الآن؟*في رأيي، هناك احتمالان رئيسيان، وقد يبرز ثالث بعدهما.

*الاحتمال الأول:* أن تتفاوض جبهة البوليساريو على استفتاء يستند إلى الخطة المغربية.

وقد صرّح وزير خارجية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، السيد بيسط، بوضوح أنه إذا قبلها شعب الصحراء الغربية، فإن البوليساريو ستقبلها كذلك.

وهذا يستلزم تحديث الإحصاء السكاني لعام 1999، وهو ما سيرفضه المغرب على الأرجح.

وسيتطلب ذلك استمرار بعثة المينورسو في عملها.

*الاحتمال الثاني:* تصعيد الحرب.

فقد أقرّ الرئيس الجزائري في مقابلة مع صحيفة لوبينيون الفرنسية بتاريخ 3 فبراير/شباط 2025، بأنه لا يزوّد جبهة البوليساريو بالأسلحة التي تطلبها.

وهذا يعني أن الحرب ما تزال منخفضة الحدة، لأن الجزائر وروسيا لا ترغبان في رفع مستوى التصعيد.

لكن إذا تغيّر هذا الموقف، فقد يُعاد التوازن بين الطرفين.

*الاحتمال الثالث:* إذا استحال التوصل إلى اتفاق بشأن الخطة المغربية، وهو أمر متوقع، أو إذا تصاعدت الحرب، فقد يُعاد طرح خيار تقسيم الإقليم، وهو المقترح الذي قدّمه سابقًا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة.

*الخلاصة*من الواضح، في تقديري، أن هذا القرار لن يؤدي إلى حلٍّ نهائي للنزاع في الصحراء الغربية، بل قد يُفاقم الوضع — كما ذكرت إحدى الدول (الجزائر على الأرجح) خلال جلسة مجلس الأمن.

فالقرار يمنح الخطة المغربية أولوية دون اعتمادها، ويُقرّ بحق تقرير المصير دون تحديد آلياته، مما يكرّس الغموض ويفتح الباب أمام مزيد من التوتر السياسي والعسكري.

*انتهى الموضوع*.

*أُقدّر صبر القرّاء الذين قرأوا النص كاملًا*[02/11, 14:37] Ghali: Mohamed-Liman Ali Ami

*ترجمة لقراءة في القرار الأخير لمجلس الأمن حول الصحراء الغربية**محمد ليمام محمد عالي سيد البشير*بحسب تحليل المختص الاسباني *كارلوس رويث ميغيل*، أستاذ القانون الدستوري بجامعة سانتياغو دي كومبوستيلا الإسبانية، فإن السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة يقر بنفسه بأن القرار المتعلق بالصحراء الغربية لا يعترف بخطة الحكم الذاتي المغربية، بل ينبغي أن يكون بدايةً لعملية حل النزاع.

وإذا كان هذا ما يقوله مُعدّ القرار نفسه، فإن ذلك كافٍ لتوضيح طبيعته.

وافق مجلس الأمن على مشروع القرار بشأن الصحراء الغربية، الذي قدّمته الولايات المتحدة، بأغلبية 11 صوتًا مؤيدًا، وامتناع ثلاث دول عن التصويت (روسيا، الصين، وباكستان)، ورفض دولة واحدة المشاركة في التصويت (الجزائر).

*تحليل عاجل*وافق مجلس الأمن على مشروع القرار بشأن الصحراء الغربية الذي قدّمته الولايات المتحدة، مع امتناع روسيا وباكستان عن التصويت.

ومن المفترض أن يكون هذا هو مشروع القرار الذي تمّت الموافقة عليه.

أولًا، أفترض أن النص المُعتمد هو المسودة التي سُرّبت أمس، والتي وصفها البعض بأنها “مزيفة”.

سأعلّق على محتوى النص أولًا، ثم أُحلّل التصويت.

*أولًا: في مضمون القرار*أول وأهم ما يجب قوله هو أن هذا القرار لا يُقرّ خطة “الحكم الذاتي” المغربية.

وبناءً على ما تقدّم، يؤكد القرار ويُبقي على خطة التسوية سارية المفعول، ولهذا السبب تحديدًا يمدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لمدة عام واحد.

القرار يؤكد القرارات السابقة، أي تلك التي صدرت بعد الموافقة على خطة التسوية، ويمدّد ولاية بعثة المينورسو.

وعلى عكس ما حدث مع خطة التسوية التي وافق عليها مجلس الأمن، فإن الخطة المغربية لم تُعتمد.

ماذا سيحدث إذًا لخطة “الحكم الذاتي” المغربية؟ يطلب مجلس الأمن من الأطراف التفاوض على أساسها، وهذا يكشف أن الخطة لم تُعتمد رسميًا.

التغيير في هذا القرار، مقارنةً بالقرارات السابقة، هو أن مجلس الأمن، وإن لم يُوافق على الخطة المغربية، يطلب صراحةً من الطرفين التفاوض على أساسها.

فهل هذا ما أراده المغرب؟ جزئيًا فقط.

لقد أوقف المغرب المفاوضات عام 2008، التي بدأت في مانهاست، متمسكًا بضرورة إعطاء الأولوية لخُطته على خطة جبهة البوليساريو.

وقد أُقرّت الآن هذه الأولوية، لكن المغرب أراد أكثر من ذلك، وهو ما لم يحصل عليه.

ماذا أراد؟ أراد المغرب، كما نصّ عليه مشروع القرار الأول الذي قدّمته الولايات المتحدة (وسُرّب في 18 أكتوبر/تشرين الأول)، أن يكون مقترحه “الأساس الوحيد” للمفاوضات.

وهكذا، ينجح المغرب في إعطاء مقترحه “أولوية” في المفاوضات، لكنه لا ينجح في جعله “الأساس الوحيد” للتفاوض.

علاوة على ذلك، ورغم أن المقترح الصحراوي لم يُستبعد، فإن المغرب حرص على عدم ذكره، كما كان الحال منذ عام 2007.

وفي رأيي، اختارت جبهة البوليساريو توقيتًا غير مناسب لتقديم “مقترحها الموسّع”، والدليل على ذلك أنه لم يُذكر في النص النهائي للقرار.

القرار المعتمد، كما هو الحال في المسودة الأولى المقدّمة من الولايات المتحدة (المُسربة في 18 أكتوبر/تشرين الأول)، يُشير إلى ضرورة احترام “حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية”.

ولذلك، فليس صحيحًا أن التغييرات في المشروع الأولي اقتصرت على الإشارة إلى هذا الحق.

كما لا يُغلق القرار الباب أمام أي مقترحات أخرى غير الخطة المغربية، إذ “يدعو الأطراف إلى تقديم مقترحات تدعم حلاً نهائيًا مقبولًا من الطرفين”.

وهذه العبارة ذات أهمية كبيرة؛ لأنها تعني أن الخطة المغربية لا تُعتمد إلا بقبول متبادل.

بمعنى آخر، إذا لم توافق جبهة البوليساريو على الخطة المغربية، فلن تُعتمد، ويترك مجلس الأمن الباب مفتوحًا لمقترحات أخرى.

فإذا كانت الخطة المغربية تتمتع بأولوية في المفاوضات دون أن تُعتمد رسميًا، وإذا كان القرار يطالب باحترام حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية، فالمسألة لا تزال مفتوحة.

*ثانيًا: التناقضات القانونية والسياسية*المشكلة الأولى في القرار أن مجلس الأمن أشار إلى أن السيادة المغربية “قد” تكون الحل الأنسب، دون أن يعترف بها صراحة.

فهو لا يُقرّ بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، لكنه يقول إنها “قد تكون” أفضل الحلول الممكنة.

المشكلة الثانية أن القرار يدعو إلى التفاوض حول خطةٍ تنكر تقرير المصير (الخطة المغربية)، بينما يطالب في الوقت نفسه بأن يتضمن الحل مبدأ تقرير المصير، وهذا تناقض واضح.

لماذا تُعدّ الخطة المغربية مناقضة لمبدأ تقرير المصير؟ لأنها مبنية على فرضية لم يعترف بها مجلس الأمن، وهي أن الصحراء الغربية جزء من المغرب.

المشكلة الجوهرية التي تواجه المغرب والولايات المتحدة هي الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1975، والذي يعترف بحق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير.

وقد حدّد هذا الرأي الإطار القانوني للقضية، وهو ملزم لمجلس الأمن، الذي لا يملك صلاحية تغييره.

ومن ثم، يجب أن ينصّ أي قرار لاحق على احترام هذا الحق بشكل صريح.

يؤسفني أن أشير إلى أنه خلال خمسين عامًا، لم تُترجم هذه الوثيقة الجوهرية إلى اللغة الإسبانية من قبل وزارة الخارجية الإسبانية أو الحكومة الجزائرية أو جبهة البوليساريو، وقد تولى مركز CESO-USC هذه المهمة مؤخرًا.

*ثالثًا: تحليل التصويت*إذا انتقلنا من محتوى القرار إلى تحليل التصويت، يمكن استخلاص ما يلي:من جهة، نجد الدول المؤيدة بوضوح: الولايات المتحدة وفرنسا، وهذا متوقع.

فقد صرّحت الولايات المتحدة (ولا يُعلم ما إذا كانت فرنسا فعلت ذلك أيضًا) بأن الخطة المغربية هي “الأساس الوحيد” للتفاوض، ولم يشاركها هذا الموقف أي طرف آخر.

من المهم الاطلاع على تفسيرات تصويت الدول المؤيدة.

فمثلًا، دافعت سلوفينيا وكوريا في بياناتهما عن مواقف تتعارض تمامًا مع مضمون القرار الذي أيّدتا، وهو ما يُظهر حجم الضغوط الأمريكية والفرنسية.

أما الدنمارك، فقد أوضحت أن تصويتها لصالح القرار لا يعني اعترافًا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهذا توضيح مهم.

أما الجزائر، فلم تكن هناك مفاجآت، إذ كرّرت ما فعلته العام الماضي: رفض المشاركة في التصويت.

*الامتناعات الثلاثة ودلالاتها*الجانب الأكثر إثارة للاهتمام هو امتناع ثلاث دول عن التصويت: روسيا، الصين، وباكستان، وجميعها قوى نووية لا يمكن ابتزازها أو الضغط عليها من الولايات المتحدة أو فرنسا أو المملكة المتحدة.

إن امتناع هذه الدول الثلاث، ذات الوزن السياسي الهائل، يُعدّ تحذيرًا واضحًا لواشنطن وباريس.

بالنسبة لباكستان: تأثر موقفها سلبًا بالسابقة المحتملة لقضية كشمير.

ومع أن المغرب زبون للأسلحة الباكستانية، فإن امتناعها عن التصويت يعكس حساسية الموقف.

وعندما امتنعت تونس عام 2021 عن التصويت على قرار مشابه، ردّ المغرب بهجومٍ دبلوماسي عليها، لكن من المستبعد أن يفعل ذلك مع باكستان أو الصين.

أما روسيا: فامتناعها كان متوقعًا.

ويُرجَّح أن التغييرات الجوهرية في صياغة القرار، بما في ذلك حذف الإشارة إلى الخطة المغربية كأساس “وحيد” للتفاوض، جاءت نتيجة تهديد روسيا باستخدام حق النقض (الفيتو).

كانت موسكو مستعدة لاستخدام الفيتو لو أصرت واشنطن على الصيغة الأصلية.

ومن المفارقات أن الولايات المتحدة صوّتت في النهاية لصالح قرارٍ لا ينص على ما كانت تدعو إليه.

الصين: امتناعها هو الأبرز؛ إذ لم يسبق أن امتنعت عن التصويت في مثل هذه القرارات، رغم امتلاكها استثمارات ضخمة في المغرب.

وقد يُفسَّر موقفها في ضوء التوتر مع الولايات المتحدة، خصوصًا بعد لقاء الرئيس شي جين بينغ بالرئيس ترامب قبل يومٍ من التصويت.

ويبدو أن الصين أرادت إرسال رسالة ضمنية بأنها لن تمنح واشنطن أي نصر دبلوماسي مجاني.

*رابعًا: ما الذي قد يحدث الآن؟*في رأيي، هناك احتمالان رئيسيان، وقد يبرز ثالث بعدهما.

*الاحتمال الأول:* أن تتفاوض جبهة البوليساريو على استفتاء يستند إلى الخطة المغربية.

وقد صرّح وزير خارجية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، السيد بيسط، بوضوح أنه إذا قبلها شعب الصحراء الغربية، فإن البوليساريو ستقبلها كذلك.

وهذا يستلزم تحديث الإحصاء السكاني لعام 1999، وهو ما سيرفضه المغرب على الأرجح.

وسيتطلب ذلك استمرار بعثة المينورسو في عملها.

*الاحتمال الثاني:* تصعيد الحرب.

فقد أقرّ الرئيس الجزائري في مقابلة مع صحيفة لوبينيون الفرنسية بتاريخ 3 فبراير/شباط 2025، بأنه لا يزوّد جبهة البوليساريو بالأسلحة التي تطلبها.

وهذا يعني أن الحرب ما تزال منخفضة الحدة، لأن الجزائر وروسيا لا ترغبان في رفع مستوى التصعيد.

لكن إذا تغيّر هذا الموقف، فقد يُعاد التوازن بين الطرفين.

*الاحتمال الثالث:* إذا استحال التوصل إلى اتفاق بشأن الخطة المغربية، وهو أمر متوقع، أو إذا تصاعدت الحرب، فقد يُعاد طرح خيار تقسيم الإقليم، وهو المقترح الذي قدّمه سابقًا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة.

*الخلاصة*من الواضح، في تقديري، أن هذا القرار لن يؤدي إلى حلٍّ نهائي للنزاع في الصحراء الغربية، بل قد يُفاقم الوضع — كما ذكرت إحدى الدول (الجزائر على الأرجح) خلال جلسة مجلس الأمن.

فالقرار يمنح الخطة المغربية أولوية دون اعتمادها، ويُقرّ بحق تقرير المصير دون تحديد آلياته، مما يكرّس الغموض ويفتح الباب أمام مزيد من التوتر السياسي والعسكري.

المصدر: المستقلة للأنباء

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس