ليس هناك خطوط حمراء عندما يتعلق الأمر بالوطن …

2
ليس هناك خطوط حمراء عندما يتعلق الأمر بالوطن ...
ليس هناك خطوط حمراء عندما يتعلق الأمر بالوطن ...

الغيث امبيريك

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. كثيرا ما نسمع في نقاشنا السياسي ومن خلال نقد بعض الرفاق لتدبير الشأن العام الصحراوي، مصطلحات من قبيل ( هذا ماهو وقت، الظرف إستثنائي ، لماذا الآن بالضبط….) كلمات توجه لنا بإستمرار، لعدم الحديث عن وضعنا الداخلي والخارجي، وما يعتريه من ضعف و فساد وسوء تسيير وقبلية

يرافق ذلك في كثير من الاحيان، محاباة و مبررات لضعف نخبنا ، وغالبا ما يكون هذا التبرير من البطانة المستفيدة من الوضع، أو البلطجية المأجورة وأساليب التهديد والوعيد تارة والاغراءات أو الابتزاز تارة اخرى، مراهنة في ذلك على السياسة البوليسية (المستنبطة من سياسات العدو المغربي ) التي تستبيح كل شيء بلا ضوابط ولا محرمات، من أجل أن يبقى ولي النعمة على الكرسي العاجي المتحرك، السؤال المطروح هنا : ما الهدف من محاولة إسكات الشعب؟ وهل إسكاته عن قول الحق فيه مصلحة للقضية الوطنية!!

لا أظن أن هنا مصلحة عامة في إسكات الشعب عن قول الحق و العمل به، لأنه علينا أن نفكر كمواطنين أحرار كرماء، شركاء حقيقيين في القضية الوطنية، وليس مجرد أجراء أو مستأجرين ضعفاء متفرجين ينأون بانفسهم عن مواجهة الواقع المرفوض، كمن يرى النار في بيته والداء في شخص أمه المريضة ويهمل الحريق و الداء.

السلطة المطلقة الاستثنائية في كل شيء، والبعيدة عن المساءلة والمحاسبة مفسدة مطلقة، وهي من الاسباب الرئيسية التي أدت بالكثير من شعبنا الى الهجرة وفقدان الحس بالانتماء للوطن لصالح الولاءات والقبيلة، بعدما طال إنحراف القيادة السياسية عن مسار ثورة ٢٠ ماي الخالدة، فالقضية حسب الكثيرين لم تعد قضية كل الشعب، خصوصا بعد المؤتمر السادس عشر وما رافقه من بهرجة وعنجهية قسمت الشعب بين موالاة ومعارضة، دون إعطاء أي إعتبار ” للتمثيل الشرعي و الوحيد “وأختزلت القضية في بعض القيادة السياسية، التي تتقن التفنن في التضليل والتنصل من المسؤوليات، بإيجاد المبررات والركوب على شماعة العدو المغربي الجاهزة لكل من ينتقد الوضع السياسي، لا أحد يتحمل مسؤولية أخطائه، قائدا كان أم مقيودا، فضلا أن يعتذر أو يعتزل.

نحن لسنا ضد قيادتنا الوطنية ولا خصوما لها وإنما طالبي إصلاح، لا نعرف عدوا غير من إحتل أرضنا وشرد شعبنا، فوفروا على انفسكم المسافة ولا تصنعوا من شعبكم أعداء لكم، فالماركة المسجلة باسم الكثير منكم والتي لم يتحرر نفسيا من عقدتها السابقة ، إنتهى زمنها مع ظهور جيل جديد في تكوينه الفكري و التربوي التحريري يرفض الوصاية والعمل بشعار _أنا أو الطوفان _وعلي وعلى أعدائي ، لأن (الترقاع) والمسكنات الشعبية في تسيير الشأن العام بتدوير الفشل أصبحت من الماضي.

وعلى هذا الأساس يجب أن نحرر النفوس قبل تحرير الوطن، لأن الدعم أو السكوت عن الأداء السياسي المخيب للآمال والحسابات الخاطئة والخطط الارتجالية ، والأداء الهزيل لقيادات نرجسية وأنتهازية ، تستخف بالشعب ولا تعطي أي إعتبار لكلامه ، مستمدة شرعية زائفة من مؤتمر مسرحية لم يشارك فيه كل الصحراويين، وعليه لابد من إتخاذ قرارات جريئة بأياد غير مرتعشة ، للحفاظ على القضية ووحدة الشعب، فالخلود في السلطة والتوريث والفساد والتجاوزات الخطيرة عواقبها وخيمة، على القيادة نفسها وعلى القضية.

يقول الله سبحانه وتعالى: ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال:46].

لا تتنازعوا على السلطة قبل تحرير الوطن، وبناء الدولة على كامل أرضنا، تشجيع الحوار وتعزيز المصالحة الوطنية هو الطريق السليم، فالدول تبنى بالقانون والديمقراطية الحقة وبالقيم الاخلاقية والمبادئ الحكيمة والشفافية والحرية والمساواة والمسؤولية وإحترام حقوق الإنسان، لا بالعاطفة والتمني والتصريحات والوعود والأحلام.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس