أفريقيا برس – الصحراء الغربية. لماذا لا تصبح الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عضواً في الأمم المتحدة؟بقلم: عبد الله بونا/خبير استراتيجي موريتاني31 غشت 2025ممن أغرب مفارقات النظام الدولي المعاصر أن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الممتدة على مساحة 266 ألف كيلومتر مربع لا تزال محرومة من مقعدها الطبيعي في الأمم المتحدة بينما تحظى عشرات الدول الأوروبية الأصغر مساحةً وسكاناً باعتراف سيادي كامل ومكانة في الأسرة الدولية.
الصحراء الغربية بتاريخها العظيم قديماً وحديثاً وبنضال شعبها المتجدد ضد الإحتلال المغربي منذ نصف قرن وقبله النضال ضد المستعمر الإسباني إلى متى يغمض الغرب المنافق عينه عنها وهي أكبر من أن لا تُرى.
إنها ليست مسألة “قانون” أو “عدد” أو “مساحة”، بل مرآة تعكس اختلال العدالة الدولية حين تصطدم بمصالح القوى الإستعمارية القديمة.
الصحراء الغربية أكبر من بريطانيا:المملكة المتحدة بقوتها النووية وكرسيها الدائم في مجلس الأمن لا تتجاوز مساحتها 243,610 كم2 أي أنها أصغر من الصحراء الغربية بما يعادل مساحة الكيان الصهيوني.
المفارقة صارخة:دولة أصغر مساحةً تحتكر حق الفيتو في أخطر مؤسسة أممية بينما يُحرم شعب بأكمله من مجرد مقعد في الجمعية العامة.
أليس هذا من علامات خلل بنية النظام الدولي؟دول أوروبية أصغر من ولاية صحراوية واحدة.
أوروبا تعج بدول “الميكروستيتس”:١_ موناكو (2 كم2)٢_ سان مارينو (61 كم2)٣_ ليختنشتاين (160 كم2)٤_ مالطا (316 كم2)٥_ أندورا (468 كم2)٦_ لوكسمبورغ (2,586 كم2)وإذا أضفنا دولاً بحجم سلوفينيا، ألبانيا، بلجيكا، هولندا، سويسرا، والدنمارك (من دون غرينلاند) نجد أن الصحراء الغربية تتفوق عليها مجتمعة بمساحتها.
لادولة أوروبية نظمت مسيرات خضراء أوصفراء أومن أي لون لاحتلال جاراتها الأصغر ولا توجد في أوروبا حملات تضليل توسعي تدعي أن تلك الدول امتداد طبيعي لها!
عربياً:
الصحراء الغربية أكبر من ست دول عربية مجتمعة هي:
١_ الكويت (18 ألف كيلومتر).
٢_ الإمارات (83 ألف.
كيلومتر).
٣_ قطر (10 آلاف كيلومتر).
٤_ لبنان.
٥_ البحرين.
وهي أكثر سكاناً مواطنين من الإمارات وأكثر سكاناً من قطر ثلاثة أضعاف.
المفارقة العددية والسياسية:
سكان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الذين يتجاوزون 1.2 مليون نسمة يفوقون مجموع شعوب الميكروستيتس الأوروبية أضعافاً ومع ذلك يُقال عن الصحراويين إنهم “قلة لا تبرر دولة”.
حجج واهية سقطت أمام الواقع حين مُنحت دول بحجم “مدينة” علماً ومقعداً وسيادة مطلقة.
ازدواجية المعايير الأوروبية:
أوروبا التي اعترفت بموناكو (2 كم2) وسان مارينو (61 كم2)، تتلكأ أمام قضية الصحراء الغربية بحجج واهية عن “الإستقرار” و”الإمكانات”.
كأن الإستقرار لم يكن مشكوكاً فيه في البلقان عند ولادة كوسوفو وتفكيك يوغوسلافيا، أو كأن الإمكانات لم تكن ضئيلة عند الإعتراف بمالطا أو ليختنشتاين.
هنا يظهر الوجه الحقيقي:
القضية ليست في المساحة ولا السكان بل في الفيتو الفرنسي وحسابات مدريد وباريس وسياسات المكر بالمغرب العربي وشمال إفريقيا وفي بقاء الصحراء الغربية منطقة مفتوحة لرهانات الغاز والفوسفات والمحيط الأطلسي.
الثروات والعمق الإستراتيجي للصحراء الغربية:
إلى جانب المساحة والسكان والتاريخ تمتلك الصحراء الغربية كنزًا استراتيجيًا يجعلها من أثمن الأقاليم الإفريقية:
أولا:
منجم بوكراع:
أكبر منجم فوسفات منفرد في العالم باحتياطي يتجاوز ملياري طن يمثل نسبة معتبرة من المخزون العالمي.
ثانيا:
ساحل أطلسي ممتد على طول 1100 كيلومتر:
من أغنى المصائد البحرية عالميًا إذ يشكل مع موريتانيا ما يُعرف بـ”المثلث الذهبي للأسماك”.
ثالثا:
احتمالات نفط وغاز ضخمة على اليابسة وفي البحر:
تؤكدها الدراسات الزلزالية الحديثة ضمن الإمتداد الجيولوجي نفسه الذي جعل موريتانيا والسنغال تكتشفان حقول غاز عملاقة.
رابعا:
إمكانات هائلة للطاقة المتجددة (الرياح والشمس):
تجعل الإقليم قادرًا على التحول إلى قطب طاقوي عالمي.
هذه الثروات لا تمنح الصحراء الغربية فقط مقومات دولة طبيعية بل تجعلها فاعلًا اقتصاديًا محوريًا لو اعترفت بها الأمم المتحدة ومنحتها السيادة الكاملة.
مقارنة مع فلسطين المحتلة:
المفارقة لا تقف عند حدود أوروبا وحدها ففلسطين التي ما زالت تعيش تحت الإحتلال الصهيوني حصلت على صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة منذ عام 2012م رغم أن مساحتها لا تتجاوز 27 ألف كيلومتر مربع.
أي أصغر من الصحراء الغربية بعشر مرات تقريبًا.
فإذا كان الشعب الفلسطيني وهو تحت الإحتلال المباشر قد نال اعترافاً رمزياً بكيانه السياسي فبأي منطق يُحرم الشعب الصحراوي من الإعتراف بدولته وهو الذي يملك أرضاً أوسع وشرعية قانونية أوضح وحاضنة إقليمية تعترف به منذ عقود (الإتحاد الإفريقي)؟
إنها ازدواجية معايير مكشوفة منطق القوة يحكم بدل قوة المنطق ومصالح باريس ومدريد تُرجّح على حق تقرير المصير لشعب كامل وعلى حساب دول وشعوب المغرب العربي.
سؤال مفتوح للنظام الدولي:
المسألة لم تعد سؤالاً يقول:
هل تستحق الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية مقعدًا أم لا؟.
فالمعايير الموضوعية كلها متوفرة:
1_ مساحة تفوق معظم الدول الأوروبية والعربية.
2_ سكان يفوقون شعوب عشرات الدول المعترف بها.
3_ تاريخ مستقل زاخر بالسيادة وحاضر كثيف الصفحات المسطرة بدماء الشهداء الصحراويين ونضال وآلام شعب حر يرفض الذل والعار.
4_ شرعية قانونية تستند إلى مبدأ حق تقرير المصير ولائحة من القرارات الدولية وأحكام المحاكم الدولية والأوروبية.
فالسؤال الحقيقي هو:
إلى متى تبقى العدالة الدولية رهينة لميزان قوى تمسك خيوطه باريس ومدريد وحلفاؤهما بازدواجية في الرؤية والمعايير وسوء تقدير للموقف؟
الصحراء الغربية اليوم مرآة لنظام دولي عاجز عن الوفاء بمواثيقه.
فهو الذي ترك غزة تباد وتجوع وهو الذي يعد العدة لحريق أكبر على خاصرة أوروبا الجنوبية.
يظن أنه سيتحكم فيه لكنها حسابات خاطئة تماماً كحساباتهم في غزة وأوكرانيا مع الفارق.
فالجحيم الكامن تحت البركان الصحراوي ستتدفق حممه في كل اتجاه ما لم ينتبه العالم لأهمية إنصاف الشعب الصحراوي.
وإذا كانت الأمم المتحدة قد رفعت أعلام موناكو وأندورا وسان مارينو وإذا كانت فلسطين المحتلة قد نالت اعترافًا رمزياً فبأي منطق يُبقي النظام الدولي علم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية خارج مبنى الأمم المتحدة في نيويورك؟الصحراويون يستحقون ذلك.
موضوع يستحق القراءة وإعادة القراءة والتمعن في محتوياته.
ملاحظة: منقول بتصرف بسيط جدا في الشكل لا في الجوهر
المصدر: المستقلة للأنباء
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس