القطاع الخاص: وحش يحتاج الى ترويض

2
القطاع الخاص: وحش يحتاج الى ترويض
القطاع الخاص: وحش يحتاج الى ترويض

علالي محمود

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. يشهد القطاع الخاص في المخيمات في العقد الاخير نمو متسارع بشكل فوضوي وغير مقنن وإن كان ارتفاع معدل نمو السوق المحلي الخاص مؤشر ايجابي من المنظور الاقتصادي الا انه على مستوى مخيمات اللجوء كان بمثابة النعمة التى تحولت الى نقمة بالنسبة للقطاع العام المحرك الرئيسي للخدمات الضرورية.

بعد أن استنزف تدريجيا اليد العاملة النشطة والشابة من قطاعات حساسة في الدولة والحركة على مستوى وزارات التعليم والصحة والاعلام والامن، بدأت آثاره الجانبية تساهم في اضعاف هيبة الدولة ومكانته في المجتمع، ولا يمكن استبعاد ان يتوغل نفوذه في مفاصل الدولة والحركة.

يمكننا ان نقول اذا أسقطنا نظرية مالتوس الاقتصادية على حالنا ان القطاع الخاص ينمو وفق متتالية هندسية(32.16.8.4.2.1) بينما ينمو القطاع العام وفق متتالية حسابية (6.5.4.3.2.1).

ومن بين أبرز آثار توحش القطاع الخاص على القطاع العام في الدولة والحركة في واقع لجوء تتوقف فيه حياة اللاجئين على المساعدات الانسانية:✓ خلق انطباع غير حقيقي عن القدرة الشرائية للاجئ الصحراوي لدى المانحين و المنظمات المنفذة مايؤدي الى انخفاض الدعم والذي بدوره ينعكس بالسلب عليهم لاسيما الفئات الهشة من الاطفال و النساء وكبار السن.

✓ هجرة اليد العاملة النشطة من المؤسسات الوطنية (التعليم و الصحة و الإعلام والامن )، خاصة في ظل ثبات الذي تشهده استفادات الموظفين في القطاع العام نحو الرواتب المغرية في القطاع الخاص الشئ الذي أسهم في ضعف أداء المؤسسات الحكومية.

✓ نشر ثقافة الاستهلاك المفرط من خلال ضخ السوق بالسلع والبضائع من الكماليات غير ضرورية في واقع لجوء وتشرد مما فاقم من أزمة المديونية التى تثقل كاهل الموظفين العمومين.

✓ لايساهم في تعزيز روح التكافل و التناسق والانسجام الاجتماعي (عوامل الوحدة الوطنية)، ففرص التوظيف فيه غالبا ما تكون من نصيب ذوي القربى من فصيلة الدم الاجتماعي.

✓ افقدت ثقافة الربح السريع الانسان الصحراوي قيمة العمل، وهذا مايفسر نفور الشباب من الوظائف ذات الحجم الساعي الطبيعي لاسيما في التعليم والصحة نحو ركوب موجة المخاطر لتلبية احتياجاتهم بشكل اسرع واكثر مردودية.

✓ تأخر سن الزواج في اوساط الشباب الصحراوي بسبب ارتفاع تكاليفه في ظل سوق فوضوي اسعارها تواصل معانقة السماء مايؤدي الى انخفاض معدلات التكاثر الاجتماعي.

✓ خلق طبقات اجتماعية وتفاوت بين عامة الشعب فالهوة شاسعة بين عمال القطاع العام والخاص فالمعلم والشرطي والطبيب يزواج بين الاستفادة والديون لتلبية احتياجات الشهر بينما يعيش التجار الذين لا يدفعون فلس واحد لدولة في بحبوحة مالية.

✓ انتشار ثقافة المادة في المجتمع وجنوح الشباب الى امتهان الجريمة المنظمة من سرقة ومخدرات وغيرها للحصول على المال وتحول رجال المال الى قادة رأي ومؤثرين اجتماعين لهم كلمة تتجاوز قوة وهيبة الدولة والحركة.

✓ لم يعد للعلم والمعرفة مكانة اجتماعية ما أدى الى ازدياد معدلات التسرب المدرسي في اوساط التلاميذ والتخلي عن فكرة الدراسة في اوساط الجامعين وهذه نقطة خطيرة على المدى البعيد.

✓ التفكك الاسري الذي يبرز أحيانا في شكل طلاق أو تعليق للعلاقة الزوجية أو هجرة صامتة بفعل عدم قدرة الآباء على تلبية الاحتياجات المبالغة فيها في ظل سوق يعج بالكماليات وعقلية اجتماعية استهلاكية لاترحم.

ورغم ان هذه الصورة غير قابلة للتعميم الا ان على الدولة ان لا تتاخر اكثر في رسم حدود لهذا الوحش المفترس الذي بدا منذ عقد في التوغل السريع في حدودها الاجتماعية والاقتصادية ولا يستبعد ان يشاطرها الحياة السياسية فمن غير المعقول ان تظل هذه العلاقة السقيمة وغير المتكافئة بين القطاع العام والقطاع الخاص على حالها.

المصدر: المستقلة للأنباء

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس