المؤتمر و الإنعطافة المأمولة

12
المؤتمر و الإنعطافة المأمولة
المؤتمر و الإنعطافة المأمولة

لحسن بولسان

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. مع الإعلان عن تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر السادس عشر لجبهة البوليساريو لم يتوقف الجدل ، ولم ينته النقاش حول النتائج المرتقبة لهذه المحطة الوطنية ،و يرى المتابع للمشهد الوطني، صورا كثيرة تثير تساؤلات لا تعد ولا تحصى ،وأظن أن هناك ما هو أكثر إلحاحا للدفع بالسؤال الجوهري: ماذا بعد؟ والواقع ان المنطق يقتضي في حده الأدنى انتظار نتائج المؤتمر ، ومن ثم تقييم الموقف والقرارات على ضوء ذلك، و تبقى هذه الملامح و الاسئلة بمثابة عناوين تؤشر للمرحلة الحالية بكل مسؤولياتها ،مع العلم ان المسألة الجوهرية لا تبدو في توصيفات الوضع الراهن ، بقدر ما هي في تلك القرارات التي سيتخذها المؤتمر ونتائجه؛والأهم هو هذا السياق المهيمن على الوضع العام ، والذي يعكس إلى حد بعيد رغبة الشعب الصحراوي في المضي أبعد في كفاحه التحرري.
واستخدام كل الأوراق الممكنة الغائب منها والمغيب استشرافا لمتطلبات المعركة القادمة.

الجاد والحذر معها، وتقتضي التعامل بحدّ أقصى من المسؤولية، و خلق خارطة جديدة لكفاحنا الوطني تأخذ بعين الاعتبار حساسية المرحلة و تحدياتها لتجاوز الأمر الواقع الذي فرض علينا….

وقد اصبح جليا اليوم إلحاح كل الغيورين الوطنيين على حتمية ووجوب إعادة البناء على أسس جديدة بعيدة عن العواطف و الشخصنة ، و تراعي الوضعية الحالية بكل واقعية وبروح البناء للمستقبل ؛ لأنه من الخطأ التعاطي مع الواقع الوطني بمنطق حسابي شخصي بحت وحتى ضيق،بل إن المنطق يقتضي رؤية أرحب و أوسع تستوعب كل ما يحيط بالمعادلة الوطنية من تعقيدات ، ليس أقلها حساسية ودقة المرحلة التي يمر بها الكفاح الوطني اليوم على جميع الاصعدة و المستويات.

و الاكيد ان كل مكابرة و عناد في الطرح و الموقف هي مدمرة ، و ان شخصنة أي تصور في التقييم او في الاجابات على أسئلة الواقع الوطني الراهن مدعاة للتشرذم والتفرقة ؛ و بالتالي فلضمان النجاح و الانسجام لا بد أن نعمل بعيدا عن كل أشكال تلك المناكفات التي اصبحت تصاحبنا سواء على مستوى عناصر القيادة القاعدة .

ومن المؤسف حقا أنه لا تزال هناك بعض العيوب التي تشوش على الإنسجام المرجو في المواقف خاصة ذات الصلة بالقضايا الوطنية المصيرية، و هو ما ندفع ثمنه غصة وحسرات موجعة اليوم ليصبح الإصلاح المشخصن ضالة، علما ان تمييز الأشخاص بني على الفكر وليس على تقديس الذوات……!!!وانسجاما مع المنطق العام حين تكون تلك الأصوات بهذه الوتيرة من الارتفاع فهي تعبر عن وضع طارئ نعيشه كل لحظة بتفاصيله و الشعب يودع يوميا شهداءه….

ان الحديث عن تفعيل الجبهة قديم جديد، وبالتالي أضحى موضوع الإصلاح والتغيير والتطوير والتجديد إنشغالا يوميا للرأي العام الوطني ، وأصبح السؤال المتكرر والمطروح يدور حول طبيعة هذا التفعيل و حدود الإصلاح.

وإشكالية الإصلاح الهيكلي والتأطير داخل الحركة ولذلك تعالت بعض الاصوات لتجهر أنه لم تعد جائزة وضعية الجمود طوال هذه السنين دون أن نفتح الطريق للشباب والكفاءات، معتبرة أن هذا الموضوع لم يعد يحتمل المجاملات أو العواطف…الا ان ذلك يحتاج إلى ادراك عميق، و خاصة من قبل مناضلي الجبهة التي تحظى بتفويض شعبي مباشر ، لطبيعة هذا التفعيل المنشود وكيف يؤتي ثماره ولا يعيق مسار التحرير بكل تحدياته وإنجازاته وحتى بكبواته.

فما هي الأوراق و الأراء والأفكار و الإقتراحات التي قدمتها اللجنة التحضيرية و قبلها خلية التفكير؟ ، و هل يمكن البناء عليها لإنجاح عملية التفعيل المرجوة؟؛من الواضح اننا و أخذا بما أنجز من اقتراحات و افكار لا زلنا في بداية المشوار.

و كل المؤشرات ليست أكثر من توطئة معتادة ،ان لم تكن متكررة، متواضعة لما سيتكشف بعد حين، خصوصاً ما يتعلق ببعض القضايا الحساسة التي لم يحسم أمرها، فثمة قضايا تطفو على السطح لابد من التعاطي معها بكل مسؤولية ، بعضها يصلح ان تقدمه اللجنة للقاعدة ، وبعضها الآخر حسب وجهة نظري تتحمل القيادة وحدها مسوولية تفكيك خيوطه لأن حساسية المرحلة وفهم تعقيداتها تقتضي بالضرورة موقفاً مسؤولا أولا من قبل القيادة و إستكشاف بدائل إستراتيجية للمرحلة الحالية…و لا شك أن من سمات الإصلاح ، وفي معظم الحالات، يكون من أجل تدعيم ما هو موجود بالفعل دون المساس بجوهره ، غير أن الثابت اليوم ان الانعطافة اصبحت امرا حتميا لا تفرضه فقط تداعيات الخيار العسكري الذي تم سلكه منذ سنتين ، بل أيضاً مقتضيات المواجهة المستعرة مع الاحتلال و من يدعمه وعلى جميع المستويات : العسكرية والإعلامية والدبلوماسية، و الاجتماعية …فنتمنى أن تكون فترة ما قبل المؤتمر و هذا الإستحقاق في حد ذاته منصة إجماع بين مختلف الآراء والتوجهات لإعادة تقييم مرحلة كفاحنا الوطني والوقوف على أسباب تعثره أحيانا ، والوسائل الكفيلة بإقالته من عثراته التي أصبحت تشل سيره الحسن وهذا أمر مشاهد وملحوظ في الواقع الوطني للأسف الشديد….

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس