بقلم: محمود خطري
أفريقيا برس – الصحراء الغربية. في سنة 1948 تقريبا كانت بلدة ” بئر لحلو ” الصحراوية شاهدة على ميلاد طفل، لم يكن ” طلحها ” يعرف يوما أن ذلك المتمرد الصغير الذي تربى بين أحضانه يتسلقه مع الصبيان، سينتفض في وجه الظلام الدامس الذي ظل يرخي سدوله على الصحراء الغربية سنوات طويلة.
قاد القدر الشاب الولي مصطفى السيد الى الطنطان، ومنها سافر الى المغرب للدراسة، أين تفطن لخطط المستعمر تحاك ضد شعبه ووطنه، كانت الدراسة اهتمام الولي الاول، إلا أن طبيعته الثورية والرافضة للذل والمهانة كأي صحراوي، جعلته يهتم بكل ما من شأنه أن يمس بحرية شعبه.
وبعد انتفاضة ” الزملة ” التاريخية 1970، شد انتباه الولي ما يحاك في مدريد والرباط ضد الصحراويين، فأصبح يفكر في تنظيم ثوري، يوقف المطامع التوسعية للجيران، فقاد العديد من المظاهرات الرافضة للتواجد الاستعماري في الصحراء الغربية.
ترك الولي مقاعد الدراسة وهو الطالب النجيب، والمشهود له بالذكاء، فأعلن عن تأسيس كيان جامع للصحراويين، يجمعهم في بوتقة الوحدة والتلاحم، والثورة ضد المستعمر القديم، وضد أطماع المستعمر الجديد، الذي حاول سرقة كفاح الشعب الصحراوي، والالتفاف على تضحياته.
غادر حياة الجامعة ودفء أسوارها، مفضلا العيش في قمم الجبال، وحرارة الفيافي، طار الى العواصم والدول فاتحا ومبشرا وثائرا، يحمل قضية آمن بها وقدسها حتى حدود التصوف، أقنع اجتهد وكافح، حتى يجمع الناس على كلمة سواء، فجر من خلالها الشعب الصحراوي أكبر ثوراته وأكثرها تنظيما إنها الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
إنه الطفل المعجزة والحكيم الذي أبهر القادة والشيوخ والسياسيين، بقدرته الفائقة على التحليل والاستنباط واستشراف المستقبل، اليس هو صاحب المقولة الشهيرة ” ان الثورة لم تبن على أشياء موجودة ولكنها بنيت على اشياء حتميا ان تقع “؟ وغيرها من مقولاته التاريخية التي أظهرت أنه كان متنبي عصره وصاحب زمانه، والمعجزة التي تحقق بفكرها الكثير من أحلام وآمال هذا الشعب العظيم.
إنه الشهيد الولي، ولي الجماهير الذي عاش من أجل شعبه ووطنه، فكتب لاسمه الخلود في قلوب الصحراويين، لأنه سخر نفسه ” لخدمة الجماهير “، وعاش بسيطا بساطة الحكماء والخالدين في دفاتر العزة والكرامة.
لا يوجد صحراوي واحد، إلا ويعرف الشهيد الولي، يعرف عظمته وعطاءه وتاريخه، وأستشهد الولي وهو يعرف الصحراويين، كل الصحراويين، الذين أعطى من اجلهم جميعا فكره ودمه وعرقه، فاستحق ان ينال شرف القداسة بالنسبة اليهم.
كان الولي ” رجلا بيظانيا محبا للبيظان ” كما شهد بذلك المرحوم الصحراوي / الموريتاني احمد بابا مسكة، ولم يكن يرغب في اتون حرب مع الاشقاء، الا ان بعض الامور تأتي كرها، فلو لا خطأ المرحوم ولد داداه رحمه الله وظلمه للصحراويين، لما اكره الولي على قتال نظامه، ورغم ذلك أثبتت الايام قوة الروابط بين الشعبين الشقيقين الموريتاني والصحراوي، وفي 9 يوينو 1976 استشهد الولي بالقرب من نواكشوط، نواكشوط التي كان يراها امتدادا طبيعيا لشعبه، فسقط شهيدا وهو يقارع نظامها الذي أساء التقدير والقرار، رغم الرفض الشعبي الموريتاني لتلك الحرب الظالمة ضد الشعب الصحراوي.
أستشهد الولي، ولم تنطفئ جذوة الثورة، ولا لهيب النضال، وترك خلفه شعبا عظيما، يقدس شهداءه وتضحياتهم، فواصل السير على نهج الشهيد الولي حتى تحرير الوطن أو الموت دونه.
المصدر: المستقلة للأنباء
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس