حالنا وما يحاك لنا

1
حالنا وما يحاك لنا
حالنا وما يحاك لنا

بقلم: الديش محمد الصالح

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. أدخَلت حالة الانتظار والترقب على مدار 30 سنة من وعود الأمم المتحدة القضية الصحراوية في حالة غيبوبة كان قرار استئناف الكفاح المسلح يوم 13 نوفمبر 2020 بمثابة الجرعة التي أيقظتها، حيث أعاد هذا القرار الأمل في نفوس الصحراويين الذين تنادوا من كل فج عميق، كل يحمل كفنه على كتفه، في هبة غير مسبوقة اظهرت مدى تعلق الإنسان الصحراوي بوطنه واستعداده اللامتناهي للتضحية من أجله.

لكن سرعان ما انخفض مفعول تلك الجرعة بعدما استعصى على إدارة الشأن العام الاستثمار في تلك الهبة وربط القول بالفعل للنهوض بواقعنا الوطني ليلتحق بركب الجبهة العسكرية.

علق الصحراويون آمالا كبيرة على المؤتمر السادس عشر لإحداث التحول المطلوب، لكن ما حدث كان عكس المتوقع، حيث شهدت ولاية الداخلة ما هو اشبه بسوق عكاظ من طغيان لمظاهر النرجسية، القبلية، الولاءات، التبجيل، المدح والتنافس المحموم على الكراسي، ليتوج المؤتمر بمنتصر وبخاسر.

والخطير في الأمر ان المنتصر في هذه المحطة لم ينتصر للمصير بلملمة الجرح، بل سعى الى تكريس سياسة “إن لم تكن معي فأنت ضدي”، التي تجاوزت حدودها مستويات القيادة الى اقحام القواعد الشعبية فيها مما حول انظار هذه الاخيرة عن حالها المترهل وعن التهديد الخطير المحدق بالمصير الذي من المفروض أن تكون مواجهته على رأس اولوياتها.

لقد أوصلتنا هذه السياسة لحالة يرثى لها من ضعف في السلطة ومؤسسات الدولة، انفلات أمني نتيجة طغيان المخدرات والجريمة، التراخي واللامبالاة ما جعل القلق يزداد على المصير في ظل مؤامرات دولية خطيرة، يقودها الثلاثي، امريكا وفرنسا الى جانب اسبانيا، الذين دفعوا الحسن الثاني سنة 1975 الى غزو وطننا.

هذا الثلاثي نفسه يعيد الكرة اليوم برفع سقف دعم احتلال أرضنا الى مستوى الاعتراف بسيادة المملكة المغربية عليها، ظنا منه ان طول الوقت قد انهكنا، ومستغلين فرصة اعادة صياغة قواعد التحالفات وتحكم المصالح في العلاقات الجديدة، وكذلك التوتر الاقليمي الذي تغذيه أطراف تتقاطع مصالحها مع عدونا تسعى الى استهداف حليفنا الاستراتيجي، لمحاولة الالتفاف على حقوقنا المشروعة ومكاسبنا المحققة.

لقد بدأت هذه الآلة في التحرك لفرض الأمر الواقع بمد المحتل المغربي بكل انواع السلاح المتطور للتفوق عسكريا وتشجيعه على التحالف مع كل أنواع الشياطين من إسرائيل والإمارات المتحدة وغيرهما وتوريط الشركات العالمية في نهب الخيرات الصحراوية، في افق ترويم مجلس الامن الدولي للقبول بهذا الأمر الواقع.

بناء على ما سبق، ومن باب الاستشعار بمرارة هذا الواقع وحجم وخطورة التحديات، ارتأت مجموعة من المناضلين، نشر عريضة مفتوحة الى القيادة الوطنية يوم 10 ماي 2025، تزامنا مع تاريخ تأسيس رائدة الكفاح المسلح، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، تحمِّلها فيها مسؤولية تردي اوضاعنا وتلتمس منها عقد مؤتمر استثنائي في أجل أقصاه نهاية سبتمبر القادم، للرجوع الى الشعب، مصدر السلطة، الذي عودنا على المفاجأة عندما يتعلق الامر برفع التحدي والتضحية من اجل الوطن.

كما تدعو هذه العريضة الصحراويون الى التوقيع عليها وفتح نقاش وطني أخوي، سلمي، صادق ومثمر لإثراء مضامينها الرامية الى القطيعة النهائية مع السياسات، الممارسات والظواهر التي تسيء لحركة تحرير مثلنا أعطت الغالي والنفيس وحققت مكاسب عظيمة على مذبح الحرية والكرامة.

هذه العريضة، التي وصل عدد الموقعين عليها المئات، لا قت تفاعلا كبيرا داخل المجتمع، وأقل ما يقال بأنها لفتت انتباه الشعب للتأمل في واقعه بدل الانشغال بقضايا جانبية لا تفيد في شيء.

سيظل الإيمان والثقة كبيران في قدرة الشعب الصحراوي، الذي قاوم لأكثر من خمسين سنة كل اشكال الاطماع والهيمنة وعانى اشد انواع الآلام وقدم اعظم التضحيات، على تجاوز نقاط ضعفه واستنهاض قوته الذاتية لرد كيد الكائدين وفرض خيار دولته المستقلة التي لا رجعة فيها، الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، في هذا العالم المترامي الأطراف، أحب من أحب وكره من كره.

المصدر: المستقلة للأنباء

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس