سلاح المسيرات (الدوران) بين التصعيد الاستراتيجي والحملات الانتخابية

5
سلاح المسيرات (الدوران) بين التصعيد الاستراتيجي والحملات الانتخابية
سلاح المسيرات (الدوران) بين التصعيد الاستراتيجي والحملات الانتخابية

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بها، هذه هي القاعدة التي اثبتها التاريخ وصدقتها الجغرافيا، وعلى كل من يحلم بالتحرير ان ينطلق منها، لكن عليه ايضا ان يعلم، ان إستعمال القوة ليس قرارا عاطفياً يتخذ بشكل ارتجالي دون تحضير مسبق و مدروس للعدة والعتاد والجاهزية، و استنهاض للعوامل الضامنة لاستمرار تلك الجاهزية ، بما تتضمنه من قوة ذاتية، وعلاقات استراتيجية مع الحلفاء والاصدقاء.

وعليه ايضا طرح كل السيناريوهات المحتملة والمخططات البديلة لكل سيناريو، وكذا تقدير الزمن المفترض انه كافي لتحقيق الاهداف، اي الكفيل بجعل العمليات العسكرية ذات جدوى سياسية على طاولة المفاوضات.

لان الغاية ليست الحرب فحد ذاتها بل التحرير، هذا ما يجب على صانع القرار ان ينطلق منه، اذا اراد ان تكون لقراراته نتيجة ملموسة على الارض، و إذا كان يسعى من خلف تلك القرارات إلى التحرير طبعا.

وبالقياس على قرار العودة إلى الكفاح المسلح المتخذ في 13 نوفمبر 2020 الذي انتظره الشعب الصحراوي لسنين عديدة، و سواء كان قرارا جماعيا اتخذته الامانة الوطنية كما قال عضو الامانة البشير السيد، او كان قرار فرديا اتخذه الرئيس كما يشيع البعض، إلا إنه في الحالتين ومنذ الوهلة الاولى اتضح انه قرار ارتجالي وغير مدروس، و لم يحضر له لا لوجيستيا ولا عسكريا.

ظهر ذلك بشكل جلي في تسليم الگرگارات دون قتال تقريبا، كما ظهر في التعامل المرتبك مع الهبة الشعبية التي صاحبت القرار، ولكن الاكثر خطورة هو سوء تسيير المرحلة التي اعقبت 13 نوفمبر، خلال سنتين تقريبا على المستويين العسكري والسياسي:فعلى المستوى العسكري لم يحقق اي اختراق يذكر بل لم يحافظ حتى على المكاسب السابقة، حيث خسرنا الگرگارات والعديد من الشهداء والجرحى والكثير من العتاد العسكري، و أصبحت المناطق المحررة شبه محرمة تعود كلمة الفصل فيها لمسيرات الاحتلال.

وعلى المستوى السياسي ظل الارتباك سيد الموقف، حيث تحاول بعض القيادات ان تقنع الشعب بوجود حرب رغم احتفاظها بحكومة سلام اخضر!! يصل عدد اعضائها إلى قرابة 40 وزير، ورغم استمرار سيل مراسيم التعيين والرحالات البروتوكولية، إضافة إلى السلوكيات التي لا تمت إلى حالة الحرب بصلة.

وفي إطار هذا الارتباك كان هناك الكثير من التصريحات، جاءت على ألسنة العديد من القادة العسكريين والمدنيين، حول تصعيد الحرب وصولها إلى مناطق اوسع بما فيها المدن المحتلة و المدن المغربية، لكن مستوى العمل العسكري على الارض ظل منخفضا من جانب الجيش الصحراوي ومختصرا على الاقصاف، رغم تصعيد الطرف المغربي لهجماته الجوية حيث طالت كل الاراضي الصحراوية ورغم ان البلاغات العسكرية تعدت 600 بلاغ اي انها شارفت على استكمال السنتين.

ومع اقتراب إنعقاد المؤتمر عادت تصريحات التصعيد العسكري إلى الواجهة من جديد، مما يُصعب الفصل بين بعدها الاستراتيجي وبعدها الانتخابي، والتي كان آخرها ما جاء على لسان وزير الداخلية الذي بشر بقرب استعمال الجيش الصحراوي للمسيرات الحربية ( الدرون) وهو تهديد لا يمكن قراءته خارج احتمالين :اما ان الرجل تحدث بدافع ( ،التحمجي ) و رفع المعنويات وتصريحه مثل تصريحات زملائه السابقين لا يخرج عن نطاق الاستهلاك المحلي.

واما ان الرجل كشف سر يحضر الرئيس لتنفيذه قبل المؤتمر، وذاك يعني ان التصعيد المنتظر يراد منه ان يحقق انتصارات داخل قاعة المؤتمر اكثر من تحقيق مكاسب على الارض .

وهو ما يجعل اي تصعيد عسكري يحدث قبل المؤتمر لا يمكن ان يؤخذ في بعده الاستراتيجي، على انه مرحلة جديدة دخلتها الحرب وستتواصل، بل نزوات شخصية لا تهدف إلى التحرير بقدر ما تسعى للحفاظ على السلطة، لان اي مرحلة ذات بعد استراتيجي تدخلها الجبهة الآن يجب ان تكون نابعة من إرادة المؤتمرين وملزمة للقيادة المنبثقة عن المؤتمر وقد ترافقها تغييرات سياسية وحتى هيكلية.

و لأن اي تطور عسكري يحدث قبل المؤتمر لا يوجد ما يثبت إستمراره بعد المؤتمر، كما لا يوجد ما يبرر تأخره حتى الآن رغم مرور سنتين احتل فيها جزء جديد من الارض وسقط فيها الكثير من الشهداء الابرار.

ومن هنا يجب ان لا ننخدع باي تصعيد عسكري قد تعرفه الجبهات قبل المؤتمر، لان الهدف منه هو إعادة تثبيت القيادة الحالية في مناصبها وحماية مكاسبها الشخصية، و سينتهي بعد المؤتمر بقليل، وقد يكون ثمنه للأسف سقوط مزيد من الشهداء وظهور المزيد من الارامل والايتام.

بقلم : محمد لحسن

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس