أهمية الحياد والتوازن لنجاح الدور الأمريكي في الصحراء الغربية

6
أهمية الحياد والتوازن لنجاح الدور الأمريكي في الصحراء الغربية
أهمية الحياد والتوازن لنجاح الدور الأمريكي في الصحراء الغربية

امحمد/ البخارى

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. من البديهي التأكيد على أن قرار الولايات المتحدة الأمريكية القيام بلعب دور المحرك أو المنشط للمجهودات الرامية إلى إحلال السلام في منطقة ما من العالم أو للتدخل لإنهاء نزاع معين أنه يبشر باقتراب انفراج أكيد أو بتعقيد عظيم.

القوة العسكرية الهائلة لزعيمة حلف الناتو و قدرتها الاقتصادية العظيمة و امتلاكها لحق الفيتو على مستوى مجلس الأمن بالإضافة إلى توليها للقلم في موضوع الصحراء الغربية يجعلها، بكل يقين، قادرة على لعب الدور، باسم المجتمع الدولي. و الذى كان غائبا منذ عشرات السنين، و ذلك لفرض الشرعية الدولية .

مرافقة التحرك الأمريكي الأخير، بمناسبة جولة مساعد نائب كاتب الدولة، جوشوا هاريس، إلى المنطقة بنشاط اعلامي ملحوظ و تصريحات لهذا المبعوث تعلن عن نية أمريكية للعمل في اتجاه التوصل إلى الحل الذي ينهي ” نزاعا عمر طويلا ” حسب ما صدر عن المسؤول الأمريكي نفسه.

الزخم الإعلامي المذكور تمت متابعته على أكثر من صعيد لأن وتيرة هذا التحرك الأمريكي و الظرفية التي جاء فيها يؤشران على نوع من الاهتمام، غير العادي أو المعتاد، و الذى يطرح العديد من التساؤلات.

فهل ينتظر أن يكون الدور الأمريكي حاسما لإحلال السلام ؟

يسود الاعتقاد لدى العديد من المراقبين و في أوساط المهتمين بقضايا المنطقة بأن التطورات الجارية حاليا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و في الساحل و الصحراء تشجع الولايات المتحدة على بذل المجهودات الضرورية بهدف الدفع نحو الانفراج لتفادي المزيد من الإنزلاقات و المواجهات.

ما يسهل الدور الأمريكي في موضوع الصحراء الغربية هو أن القضية الصحراوية مصنفة كقضية تصفية استعمار لها إطار محدد و أسس و مبادئ من نوع القواعد الآمرة و الملزمة تجعل الطريق معبدا أمام المجهودات التى تهدف إلي التوصل إلى الحل السلمي، العادل والدائم.

و يعزز الدور الأمريكي وجود بعثة الأمم المتحدة للإستفتاء في الصحراء الغربية في عين المكان لها مهمة محددة تم منعها من تنفيذها لسببين إثنين واضحين، وضوح الشمس، لدى الإدارة الأمريكية، هما:

1- عرقلة الطرف المغربي لتنظيم الإستفتاء، بعد قناعته من خسارته، و تملصه من التزاماته الموقع عليها مع الطرف الصحراوي ضمن اتفاق السلام/ مخطط التسوية لسنة 1991.

2- تقاعس مجلس الأمن عن القيام بدوره في فرض تنفيذ ذلك الاتفاق الذي أبرم تحت إشرافه و بضمانة منه وهذا بتواطؤ من داخله و من طرف بعض أعضائه.

الحياد و التوازن الضروريان لتوفير فرص النجاح للدور الأمريكي.

لكي يكتب النجاح للدور الأمريكي لا بد له من التمسك بالحياد و تحقيق التوازن وذلك يتطلب التسليم في واشنطن بالمبادئ والقواعد القانونية المؤطرة للقضية الصحراوية و التشبث بتطبيق الاتفاق المبرم بين الطرفين بعد 16 سنة من الحرب.

الحل العادل والدائم للنزاع الصحراوي- المغربي، مرهون بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية في موضوع الصحراء الغربية والتي ترتكز على عدة أبعاد منها:

1- أن للشعب الصحراوي الحق في تقرير المصير و الإستقلال و أن كفاحه في هذا الإطار و لتحقيق ذلك، كفاح تحريري وطني مشروع يمنحه الحق في الدفاع عن النفس ضد العدوان الأجنبي.

2- أنه ليس للمغرب الحق في تغيير الحدود الدولية المعترف بها و لا في ضم أراضي الصحراء الغربية بالقوة و حيازتها في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

3- أن المجتمع الدولي (المنظمات و المحاكم الدولية و القارية) لا تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية.

4- أن مخطط التسوية لسنة 1991 هو الحل الذى وقع عليه الطرفان و صادق عليه مجلس الأمن بالإجماع باعتباره الحل العادل التوافقى و العملى كما جاء، بدون لبس، في فقرته الخامسة.

5- وأن جميع أعضاء الأمم المتحدة ملزمون بمساندة الشعب الصحراوي بكل الوسائل لتحرير وطنه من الإستعمار والإحتلال الأجنبي.

يتضح من كل ما سبق أن الخيارات الواقعية و التوافقية الممكنة، و التي تفرض نفسها، إذا كان الأمر يتعلق بالبحث الجدي وذي مصداقية عن الحل العادل والدائم هي :

أ- إما أن تتوفر الإرادة لتنظيم إستفتاء تقرير المصير باعتباره الإتفاق المبرم بين الطرفين تحت إشراف منظمتي الأمم المتحدة و منظمة الوحدة الأفريقية/ الإتحاد الأفريقي.

ب- أو إما أن تحصل القناعة، لدى واشنطن و باريس خاصة، بأن الحل يتطلب أن يقف المغرب عند حدوده وأن ينهي احتلاله اللاشرعي و سياسة فرض الأمر الواقع و الضم و حيازة الأراضي بالقوة و أن يعترف بالحدود الدولية لكل جيرانه بمن فيهم الجمهورية الصحراوية التى يجلس إلى جانبها في قمم الإتحاد الأفريقي و مؤتمرات الشراكة مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والمنظمات الإقليمية و القارية.

إنهاء الإحتلال المغربي اللاشرعي يفتح الباب واسعا أمام تعاون مثمر و شراكة حقيقية ليس فقط بين الجمهورية الصحراوية و المملكة المغربية و إنما كذلك على المستوى المغاربي و بينهما مع الشركاء في الميادين الإقتصادية و التجارية و العلمية و في ميادين مكافحة الإرهاب واستتباب الأمن في ربوع المنطقة.

إن الحلول التى تبتعد عن مقتضيات الشرعية الدولية و أحكامها وقراراتها ليس لها أي مستقبل و لن يكتب لها النجاح و لا تنتج سوى الإحتقان و التعفن اللذين يولدان الإنفجار.

إن أحدى مميزات النزاع في الصحراء الغربية، بالمقارنة مع النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، تكمن في أن لكل من الجمهورية الصحراوية و المملكة المغربية إقليم محدد و حدود دولية معترف بها معززة بقرارات المحاكم الدولية و القارية التى لا تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية و بتأكيد جميع المنظمات الدولية لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير و الإستقلال.

لا بد أن تحضر القناعة بالمبادئ الإنسانية و التمسك بالقيم المشتركة و إحترام قواعد و أسس العلاقات الدولية و هي الشروط الضرورية التى يجب أن تتوفر عندما تتوفر نية حقيقة و إرادة ملموسة للفصل بين الظالم و المظلوم.

إن مضمون الحياد المطلوب من الولايات المتحدة الامريكية يعني احترام القانون والشرعية الدوليين فيما يتعلق بالصحراء الغربية، بغض النظر عن نوع العلاقة مع كل واحد من طرفي النزاع الصحراوي- المغربي على حدة و هو الذي يضمن التوازن الذي يشترط في الدور الأمريكي لكي يجمع كل أسباب النجاح.

المصدر: sh24h

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس