جون بولتون ينفي صلة البوليساريو بالإرهاب الآن

5
جون بولتون ينفي صلة البوليساريو بالإرهاب الآن
جون بولتون ينفي صلة البوليساريو بالإرهاب الآن

بقلم: السيد حمدي يحظيه

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. جون بولتون هو واحد من صقور الحزب الجمهوري الأمريكي، وهو شخصية معروفة ومتشددة في الدعم الأعمى للسياسات الأمريكية الخارجية بأخطائها وتهورها، وشغل أكبر المناصب في الإدارة الأمريكية منذ عهد بوش الابن وصولا إلى إدارة ترامب الأولى، فتولى منصب سفير الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة، وشغل منصب كاتب الدولة للأمن القومي في عهد إدارة ترامب الأولى، كما عمل معاونا لجيمس بيكر خلال تولي هذا الأخير مهمة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية.

زار جون بولتون مخيمات الشعب الصحراوي في اللجوء، وتعرّف على حيثيات القضية الصحراوية، ومنذ تلك الزيارة، بعد تقييم الوضع جيدا تكوّن لدى بولتون استنتاج يجمع بين تطبيق القانون الدولي ومصالح بلاده، فتحوّل إلى مُدافع كبير عن تطبيق القانون الدولي في الصحراء الغربية، ولم يعد يترك مناسبة تمر إلا وطلب من إدارته أن تضغط لتنظيم استفتاء يقرر من خلاله الشعب الصحراوي مصيره.

ومن أشهرِ مواقفه وُقوفُه، بقوة، ضد إدارته وضد حزبه الجمهوري حين اعترف ترامب بالحكم الذاتي سنة 2020م، إذ طالب حينها بالتراجع عن تلك الحماقة، واعتبرها خطأ فادحا سيضر بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة مستقبلا.

البوليساريو ليست حركة إرهابية

ويوم 28 ماي 2025م، كتب بولتون في جريدة “واشنطن تايمز” الأمريكية، مقالا شهيرا ومُهما يعدّ بمثابة صرخة تحذيرية لكل الذين يصطادون في المياه العكرة، ويحاولون المس بسمعة البوليساريو أو تصنيفها “حركة إرهابية”.

يقول بولتون في بعض فقرات مقاله المتميز: “وفي مواجهة المتغيرات في المنطقة، بدأ خصوم البوليساريو بالترويج لدعاية جديدة تزعم –من دون أدلة– أن الجبهة باتت خاضعة لنفوذ إيران.

وقد يكون الهدف من هذه المعلومات المضللة صرف انتباه الولايات المتحدة عن العراقيل المغربية المتواصلة لمنع إجراء الاستفتاء.

وبلغت هذه الادعاءات حد القول إن مقاتلين من البوليساريو تلقوا تدريبات على أيدي ميليشيات أجنبية موالية لإيران في سوريا إبان حكم النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد.

وربما نتيجة لهذا الخطاب المعادي للصحراويين، تم تقديم مشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي يصنف جبهة البوليساريو منظمةإرهابية.

وهذا الادعاء لا أساس له من الصحة، إذ يُعد الصحراويون من أكثر شعوب المنطقة اعتدالاً في مواقفهم الدينية.

لم يخضع الصحراويون يوماً للتطرف الذي اجتاح الشرق الأوسط بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، فالادعاءات التي تزعم بأن الصحراويين عرضة للدعاية الشيعية الصادرة من طهران تُكذّبها حقيقة الوجود طويل الأمد للمنظمات الدينية الأميركية غير الحكومية في المخيمات، والتي تقدّم خدمات تعليمية وطبية…. يجب أن تعود السياسة الأميركية بشأن الصحراء الغربية إلى منطلقاتها في عام 1991م، من خلال دعم استفتاء يتيح للصحراويين تحديد مستقبلهم بأنفسهم”.

مما سبق، يمكن أن نستنتج أن جون بولتون، المعروف ببرغماتيته، يرى أن دعم الولايات المتحدة لحل قضية الصحراء الغربية طبقا للقانون الدولي هو، من جهة، أسهل وأعدل حل وهو الحل الديمقراطي العادل، ومن جهة أخرى هو الذي سيضمن للولايات المتحدة الكثير من المصالح في منطقة شمال غرب إفريقيا، التي يقول إنها ستكون منطقة نفوذ للصين وروسيا.

أسباب خروج بولتون عن صمته

حين تتكلم شخصية أمريكية معروفة من الحزب الجمهوري، تنتمي للصقور، مثل جون بولتون، ويبرئ ساحة جبهة البوليساريو من الإرهاب، فهذا يعني أن هناك الكثير من البرغماتيين الأمريكيين يفكرون تفكيرا معقولا مثله، ويعني، أيضا، أن هناك حديثا في بعض الأوساط المحدودة في الولايات المتحدة الأمريكية عن محاولات تصنيف البوليساريو “حركة إرهابية”.

يعدّ حديث بولتون، الآن، تنبيها مُهمًّا لوجود مخطط فاشل حاول المخزن تنفيذه في الولايات المتحدة الأمريكية، ابتداء من يوم 8 ابريل 2025م.

حتى نَعرف فصول تلك الخطة المخزنية الفاشلة لا بد من تتبّع أجندتها لنرى إنها أقرب إلى مسرحية سيئة الإخراج منها إلى خطة متقنة لها أسس.

الكرونولوجيا التالية تكشف المخطط (أ) والمخطط (ب) اللذين حاول المخزن تنفيذهما في واشنطن في ابريل الماضي: يوم 8 ابريل 2025م، وتنفيذا للمخطط (أ) التقى وزير خارجية المخزن مع كاتب الدولة الأمريكي للخارجية، روبيو، بطلب من نتنياهو، ليحصل منه على قرار بفتح قنصلية في الداخلة المحتلة، ويحصل على تجديد الاعتراف بالحكم الذاتي، لكن كانت النتيجة كارثية: رفض الوزير الأمريكي الحديث عن القنصلية في الداخلة المحتلة، وأصبح الحكم الذاتي مرتبطا بالتفاوض حوله وبقبول الشعب الصحراوي له.

هذا الفشل جعل وزير خارجية المخزن ينتقل، مباشرة، إلى المخطط (ب) وهو محاولة تصنيف البوليساريو حركة “إرهابية”.

في هذا الإطار، التقى وزير خارجية المخزن في اليوم ذاته -8 ابريل-مع مايكوالتز، مستشار الأمن القومي الأمريكي، وطلب منه تصنيف البوليساريو حركة إرهابية.

لتعبيد الطريق أمام المخطط (ب)، نشرت جريدة واشنطن بوست، يوم 14 ابريل، مقالا تتحدث فيه، من دون أدلة، عن علاقةٍ مزعومةٍ للبوليساريو بإيران وحزب الله.

ولمزيد من الدعاية، نشر معهد أمريكي مغمور للأبحاث اسمه “هدسون” (مجموعة تفكير)، يوم الجمعة 18 أبريل 2025م، تقريرا يدبّج فيه بعض الأكاذيب لربط البوليساريو بالإرهاب.

بعد نشر التقرير الغبي المذكور، وفي يوم 19 ابريل، جدد النائب الجمهوري جو ويلسون، الحديث عن علاقة البوليساريو بـ”الإرهاب”.

تتزامن هذه التحركات والتصريحات الفاشلة مع تحركات موازية يقوم بها المخزن لمحاولة جمع أصوات عناصر أخرى تدعم مسعاه مثل رئيس الحكومة الإسبانية السابق خوسي لويس ثاباتيرو، ووزير الدفاع الاسباني السابق خوسي بونو، وابن الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو، ووزير الدفاع البريطاني السابق ليام فوكس، وبعض الشخصيات الفرنسية…لكن مخطط تصنيف البوليساريو حركة إرهابية، باء بالفشل، وكذّبه حزب الله، وإيران، وسوريا، وليبيا واليمن، خاصة بعد تراجع جريدة واشنطن بوست عن ادّعاءاتها، وبعد زيارة مؤسسة منتدى الدفاع الأمريكية للشعب الصحراوي، ومطالبتها الإدارة الأمريكية بالضغط لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية.

المصدر: الشروق أونلاين

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس