لحسن بولسان
أفريقيا برس – الصحراء الغربية. في وقت كانت و ما زالات الأنظار مشدودة إلى غزة ولبنان و منطقة الشرق الاوسط، حيث تتصاعد صرخات المقاومة والكرامة، أعاد الصحراويون المنظار إلى ساحة ضفتي البحر الابيض المتوسط، مؤكدين أن نضالهم من أجل الحرية والاستقلال لا يقل أهمية. في لحظة تاريخية مدوية، تلقى المتورطون في نهب خيرات الشعب الصحراوي، وعلى رأسهم فرنسا وإسبانيا، ومن وظف كأرنب سباق للنهب، صفعة قوية من محكمة العدل الأوروبية. قرارات المحكمة الأخيرة، التي أكدت عدم شرعية الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والدولة المحتلة فيما يتعلق بالصحراء الغربية، لم تكن مجرد حكم عابر؛ بل كانت بمثابة صدمة هزت عروش المتواطئين وكشفت الوجه القبيح لمن يحاولون تبرير استغلالهم لخيرات أرض ليست لهم.
ففي مشهد يختزل نفاق السياسة الفرنسية، خرجت الحكومة ببيان يزعم أنها “تأخذ علمًا” بقرارات محكمة العدل الأوروبية بشأن الصحراء الغربية، بينما الحقيقة أن فرنسا ليست أكثر من عدوٍ للشعب الصحراوي. منذ الغزو المغربي، لعبت فرنسا دورًا عدوانيًا في دعم الاحتلال، حيث أمدّت المغرب بالسلاح والتغطية الدبلوماسية لتثبيت استعماره للصحراء الغربية. تظل فرنسا شريكة في النهب، متمسكةً بنهج يعكس عداوتها الواضحة للشعب الصحراوي.
عندما تتحدث فرنسا عن “الاستثمار” في الصحراء الغربية، فإنما تشير إلى عمليات نهب موصوفة لخيرات الشعب، مما يفضح نفاقها ويجعلها تتبنى دور الجلاد تحت قناع المساعد. جاء قرار محكمة العدل الأوروبية ليُسلط سيف العدالة على فرنسا، ويهز عرش ماكرون بصفعة قوية تكشف زيف ادعاءاته، لتُظهر للعالم أن زمن التواطؤ قد ولى، وأن شعوب الأرض لن تظل صامتة أمام خيانة الحقوق! جاء هذا القرار اذا، ليكون بمثابة جرس إنذار لماكرون و لغيره، و أن العدالة لا تغفو!
أما إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة، فقد خرجت بموقف مثير للسخرية، مليء بالتناقضات، مستمرةً في سياساتها القذرة، متجاهلة مسؤوليتها التاريخية تجاه من عانوا من سياساتها الاستعمارية. وزير خارجيتها، الذي يُلملم جملته المكرهة عن احترام قرار المحكمة، يبدو كأنه يمثل دور المهرج في مسرحية هزلية، حيث يلوح بتصريحات لا تُغني ولا تُسمن. إذا كانت مدريد حقًا تحترم العدالة، لكان من الأجدر بها أن تتخلص من رداء التناقضات وتكون في مقدمة المدافعين عن حقوق الشعب الصحراوي، بدلاً من المساهمة في فضيحة سياسية تُضاف إلى تاريخها الحافل بالتناقضات.
النظام المغربي، يبدو أنه قرر إنتاج مسرحية هزلية بعنوان “كيف نزين الفشل”، حيث تسعى الخارجية المغربية لتجميل واقعها المتعثر من خلال بيانات تسويقية. ومع ذلك، تعكس هذه البيانات ارتباكًا وفوضى، إذ أن ادعاءهم بعدم إشراكهم في قرار محكمة العدل الأوروبية يشبه محاولة إنقاذ قارب يغرق. بينما يحتفل الصحراويون بانتصاراتهم، يستمر المغرب في تزيين فشله بتبريرات ضعيفة مثل “أخطاء قانونية”. وفي الوقت الذي تؤكد فيه الشرعية الدولية دعمها للشعب الصحراوي، يظل الاحتلال المغربي في حالة من العزلة والتخبط، حيث يبدو أنه يفضل الفكاهة على مواجهة الحقيقة.
وعلى المقلب الأخر يبرز النصر الصحراوي كحقيقة لا يمكن تجاهلها، حيث أثبت الشعب الصحراوي، رغم قلة عدده، أن الإرادة الصلبة قادرة على تحقيق المستحيل. تمكن الصحراويون من الحصول على قرار المحكمة الأوروبية من خلال جهودهم المستمرة والمثابرة في الترافع عن قضيتهم في المحافل الدولية، مما منح مطالبهم الشرعية وأكد على ضرورة احترام حقوقهم.
جاءت قرارات المحكمة كخطوة تاريخية، تعلن انتهاء حقبة تجاهل حقوق الشعب الصحراوي وتؤكد على أهمية العدالة؛ لتبرز جبهة البوليساريو كقوة رئيسية، اكيد أنها ستستثمر في هذا المكسب القانوني لتعزيز موقفها في كفاحها من أجل الحرية و الاستقلال.
المصدر: sh24h
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس