الملك و عقدة الصحراء الغربية

16
الملك و عقدة الصحراء الغربية
الملك و عقدة الصحراء الغربية

محمد فاضل الهيط، مدير الاذاعة الصحراوية الأسبق

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. حنظلة هي قضية الصحراء الغربية ، مرة كالعلقم ، تحملها الحسن الثاني على مضض حتى فارق الحياة ولم يُحقق أمنيته بطي الملف. كان الحسن الثاني يزبد، يرغي، يتوعد و يهدد أية دولة اومنظمة تعاكس إحتلاله للصحراء الغربية ، فقطع علاقاته مع العديد من البلدان وتخلى عن عضويته في منظمة الوحدة الإفريقية وشن حملة ضد كل من يساند الشعب الصحراوي والنتيجة هي إقتناع الحسن الثاني بنفسه – بعد ستة عشر سنة- من الحرب الضروس و المقاومة الشرسة بأن لا مخرج للعرش سالما بجلده غير الإنصياع الى القانون الدولي و القرارات الأممية القاضية بإجراء استفتاء يختار من خلاله الصحراويون مستقبلهم.

اليوم يُطلعنا آخر ملوك العلويين في خطاب مايسمى “ثورة الملك والشعب” أن ما يؤرقه و ينغص عيشه ويكدرصفوة حياته هو مشكل الصحراء الغربية، لهذا لم يخطء جلالته عندما قال:” هو النظارة التي ينظر بها المغرب الى العالم”، أي بدونها سيصبح أعمى طميس ، في لغة السياسة أنه بدون الصحراء سيصبح المغرب لايساوي “بصلة” كما قال الإخواني بن كيران، إن العرش العلوي المهتري مصيره مرهون بهذه القضية.

إن الملك المتعب،المريض يطلب من العالم طوق النجاة لعرشه، بالدوس على القانون الدولي و على ميثاق و قرارات الأمم المتحدة فيما يخص الصحراء الغربية. إنه يلوح بالتهديد الذي يخفي التودد و التملق لدول بعينها يعتقد بأن كسب تأييدها سيطوي ملف الصحراء الغربية كما حاول يائسا قبله أبوه الحسن الثاني.

فكلام ” السادس” موجه بالخصوص الى فرنسا التي يستعد رئيسها لزيارة الجزائر أواخر هذا الأسبوع مرفوقا بوفد هام للرفع من مستوى العلاقات الفرنسية الجزائرية الى مستويات أفضل، خاصة ان الجزائر أصبحت لاعبا أساسيا في السياسة الطاقوية فيما يخص أوروبا التي تنتظر شتاءا صقعيّا أشهبا، كما تحولت الجزائر الى قطب الرحى في المعادلة الدولية الجديدة المتجهة نحو عالم متعدد الأقطاب ، ” هذه الزيارة ستساعد في تقوية العلاقات الثنائية في اتجاه المستقبل و تعزيز التعاون الفرنسي الجزائري في وجه التحديات الإقليمية” يلخص الرئيس إيمانويل ماكرون فحوى زيارته الى العاصمة الجزائر.

إن “النظارة” التي يرى بها المخزن السلطاني العالم شوشت عليه الرؤية بحيث أصبح يرى دولة كبيرة مثل فرنسا، قزم بحجم جزر القمر، يمكن ممارسة الضغط عليها بل حتى تهديدها ويعتقد أنه بالإستقواء باسرائيل واللوبيات الصهيونية في العالم يمكنه إرغام المجتمع الدولي على الإعتراف له بسيادة مزعومة على الصحراء الغربية و نسي “جلالته” أن دويلة اسرائيل فضلا عن هدفها في تدجين الشعب المغربي وسلخه عن نصرة فلسطين و القدس الشريف جعلت من المغرب قنطرة مرور والتغلغل في افريقيا،الشيء الذي يعارض مصالح فرنسا ويدفع الى تقليص وزنها أمام المنافسة الشرسة لدول أخرى مثل تركيا و الصين و روسيا و أمريكا التي توجهت في المدة الأخيرة بكل ثقلها الى القارة السمراء لتدارك تأخرها.

إن الملك يدرك جيدا بأن ليس هذا هو الوقت الذي يُطلب من فرنسا تأييدها له في احتلال الصحراء الغربية علانية، بحيث العلاقات المغربية الفرنسية تمر بأسوء مرحلة تعرفها منذ أن تجرأ المخزن على التجسس على الحكومة و الرئيس الفرنسيين من خلال التطبيق الإسرائيلي “بغاسوس”. الأسبوع الماضي غادرت السفيرة الفرنسية الرباط بطريقة غير عادية مما وضع علامات استفهام كثيرة وفي الوقت نفسه لم ترد السفارة الفرنسية على طلب التأشيرات الى فرنسا للمئات من المغاربة بما فيهم الطلبة الدارسين في الجامعات الفرنسية كما رفضت التأشيرة لعدد من المسؤولين المروكيين الكبار ، الشيء الذي سجلته الصحافة المخزنية باستغراب ودهشة، فضلا على أنه منذ مدة لم يزور مسؤول فرنسي المغرب و لا وزير مروكي فرنسا.

إن العشق الحميمي الذي ظل يجمع فرنسا بالمغرب يعرف منذ زمن فتورا و برودة كان أقصى تجلياته عدم رغبة الرئيس ماكرون في مقابلة الملك المقيم بباريس منذ شهور فضلا عن عزوف الصحافة الفرنسية عن تبيض وجه المملكة المغربية كما دأبت على فعله.

و الخلاصة أن الملك إما أصيب بعمى الألوان ومن خلال “نظارته الجديدة التي أصبح يرى بها العالم” أصبح لا يفرق بين التمرة و البعرة أو أنه أصيب بالخرف وعدم التركيز حتى يقول ما قاله يوم 20غشت، او ربما مستشاروه يريدون بهدلته و التقليل من شأنه خاصة أن الحرب داخل القصر الملكي بداء دخانها يترأى للعيان، و إما ظن “جلالته” أنه بهذا التودد و التملق المغلف بالتهديد المزيف لفرنسا سيجعل هذه الأخيرة لاتميل أكثرالى الجزائر على حساب المغرب خاصة في ما يتعلق بالترتيبات الجيوسياسية في المنطقة وإحترام الشرعية الدولية بخصوص قضية الشعب الصحراوي.

إن عقدة الصحراء الغربية ستبقى تلاحق العرش الملكي و تنهش أوصال المملكة العلوية حتى إنهاء وجوده في المغرب وتخليص شعوب المنطقة من عدوانيته و توسعه، اللهم إذا عاد النظام السلطاني الى رشده و سلك سبيل الحكمة وتصحيح خطأه التاريخي بغزو و إحتلال الصحراء الغربية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس