بعد عام من الحرب في الصحراء الغربية وضع إنساني معقد

24
مخيمات تندوف

بقلم: نفعي أحمد محمد

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. أدت الحرب في الصحراء الغربية إثر انتهاك المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار إلى نزوح 30 ألف عائلة من المناطق الصحراوية المحررة إلى المناطق المجاورة على الأراضي الموريتانية، لأن أغلبية السكان من البدو وهم مرتبطين بمواشيهم والأماكن التي تتوفر فيها المراعي وهو الشيء المفقود في مخيمات اللاجئين الصحراويين جنوب غرب الجزائر.

قرابة 4749 عائلة دخلت المخيمات لتبدأ حياة جديدة وهذا بالاعتماد طبعاً على المساعدة القليلة التي يتلقاه الصحراويون من برنامج الغذاء العالمي، فضلاً عن تأثير أربعة سنوات من الجفاف الذي ضرب المنطقة والذي تسبب في فقدان الكثير من المواشي وهي المصدر الأول الذي يعتمد عليه سكان المناطق الصحراوية المحررة لتأمين معاشهم بحسب الهلال الأحمر الصحراوي.

إنتهت الاحتفالات المخلدة ليوم الوحدة الوطنية عاماً آخر في خضم وضع صعب في ولاية الداخلة كباقي الولايات بسبب أزمة كورونا، ذكرى يمكن القول أنها كانت، من بين أمور أخرى، بمثابة مطالبة المجتمع الدولي بإجراء استفتاء لتقرير المصير يسمح للصحراويين اختيار مستقبلهم بحرية وينهي الاحتلال المغربي.

في مخيمات اللاجئين الصحراويين، تعاني الثلثان من النساء من فقر الدم، وثلث الأطفال يعانون من سوء التغذية المزمن، في السابق كان اللاجئون الصحراويون يساعدون بعضهم البعض، لكن الوضع اليوم تغير، فقد غادر الشباب المخيمات إلى مراكز التدريب العسكرية ثم إلى جبهات القتال، وقد كان لذلك تأثير سلبي على اللاجئين سيما اقتصاديا.

اللاجئون الصحراويون وصلوا إلى جنوب غرب الجزائر قرب مدينة تندوف منتصف السبعينيات هربًا من قصف الطيران المغربي على الصحراء الغربية بعد انسحاب إسبانيا وغزو الأراضي الصحراوية من قبل المغرب وموريتانيا.

على الرغم من أن هذه المخيمات الخمسة تم إنشاؤها بصفة مؤقتة لكن و بعد الـ46 مازالوا ينتظرون حلاً يضمن لهم حقوقهم في الحرية والاستقلال و العودة إلى أراضيهم .

بالإضافة إلى الآثار السلبية الناجمة عن التهجير القسري واللجوء، يجب على اللاجئ الصحراوي أن يواجه الظروف المناخية الصعبة التي تسود منطقة الحمادة على حدود الجزائر مع الصحراء الغربية، المعروفة بتضاريسها الصعبة.

ما يقارب الثلاثة أجيال من الصحراويين ولدوا ونشأوا في هذه المخيمات ومن بين أولوياتهم مضاعفة جهودهم للحصول على حياة كريمة لهم ولعائلاتهم.

لقد تغيرت الأمور بشكل جذري في المخيمات، مع استئناف الحرب منذ 13 نوفمبر الماضي، عدد كبير من الشباب الصحراويين تخلوا عن وظائفهم في أوروبا والرحيل إلى المخيمات ثم إلى جبهات القتال من أجل وطنهم.

أصبح الوضع الإنساني في مخيمات اللاجئين الصحراويين أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى، حيث أدت القيود والتدابير التي فرضها وباء كوفيد-19 إلى شل الأنشطة التجارية الصغيرة المدرة للدخل، وانخفضت بشكل كبير هذه الأنشطة التجارية وخدمات النقل الخاصة إلى جانب النقص الكبير في المساعدات الإنسانية وخاصة الغذائية منها بشكل ملحوظ، حيث يواجه برنامج الأغذية العالمي تحديات كبيرة في توفير الحد الأدنى من الحصص الغذائية نتيجة نقص التمويل.

وقد سبق لمؤسسة الهلال الأحمر الصحراوي أن تحدثت بالتفصيل عن المخزون الاحتياطي لديها، وقد دقت ناقوس الخطر بعد تسجيل نقص في المساعدات المقدمة للاجئين مع تزايد موجة النزوح الجديدة لآلاف العوائل التي جاءت من المناطق المحررة بعد استئناف الكفاح المسلح والذي هو أيضا تزامن مع حالة غير مسبوقة من الجفاف.

بالفعل أدى استئناف القتال بين الجيشين الصحراوي والمغربي بعد أحداث الكركرات إلى التهجير القسري لـ 30 ألف عائلة من المناطق المحررة التي تديرها السلطات الصحراوية إلى المناطق المجاورة على الأراضي الموريتانية.

العائلات التي اضطرت إلى النزوح من الأراضي الصحراوية المحررة، خوفًا من الاشتباكات العسكرية التي اندلعت قبل عام؛ قرابة 45 في المئة منها كانت تقطن في مناطق أمهيريز،  تيفاريتي، بير لحلو، أبير تغيسيت، ميجك، أغوينيت، زوگ والدوگج وغيرها

وبحسب الهلال الأحمر الصحراوي، فإن نسبة 42 في المئة من العائلات النازحة إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين بحاجة إلى علاج طبي عاجل، لأن النزوح والظروف المناخية تسببتا في أمراض مختلفة، بالإضافة إلى الذعر والصدمات الناجمة عن الحرب، كما أن حوالي 65 في المئة من هذه العائلات بحاجة إلى مأوى، حيث كان لابد من إيوائهم من قبل عائلات أخرى في المخيمات. فيما 53 في المئة من العائلات تفتقر إلى خزانات مياه للشرب والاستحمام، و نسبة 42 في المئة فقط من العائلات تمكنت من جلب بعض أغراضها المنزلية والأواني والأدوات الأخرى معها، بينما 88 في المئة من العائلات تعتمد أساساً على الأنشطة التجارية الصغيرة وبعض الخدمات كنقل المسافرين العابرين بين مخيمات اللاجئين وموريتانيا. أما ما نسبته 12 في المئة من العائلات تعتمد على الماشية، ولكن بسبب الجفاف خلال السنوات الثلاثة الأخيرة تأثرت هي الأخرى.

على مستوى المنظمات الدولية، أكدت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في مخيمات اللاجئين الصحراويين في تقاريرها؛ أكدت هشاشة الوضع الإنساني واعتماد اللاجئ الصحراوي على المساعدات الإنسانية الدولية، وهو الأمر الذي أكده الأمين العام للأمم المتحدة نفسه في تقاريره السنوية، حيث تحدث عن قلق بشأن أزمة التمويل لهؤلاء اللاجئين. وفي تقييمها للأمن الغذائي للاجئين في بداية جائحة كورونا في أبريل 2020، ارتفعت نسبة اللاجئين الصحراويين الأكثر ضعفًا من 77 في المئة إلى 88 في المئة، وبعد عام من هذه الدراسة، زادت هذه النسبة بشكل كبير.

إن الوضع الإنساني في مجمله يعاني من مشاكل جمة بسبب العوامل الثلاث “كوفيد19، الحرب، الجفاف” وعدم القدرة لحد الآن سد فجوة التمويل الكبيرة في هذه المخيمات.