
أفريقيا برس – الصحراء الغربية. كشف موقع “اسلام تايمز ” اللبناني تقريرا اسود نشره حزب اليسار في البرلمان الأوروبي ومؤسسة “ومندوبات” (Mundubat)، حول عدد من الشركات الأوروبية، النشطة والعاملة في إقليم الصحراء الغربية، المتنازع عليها بين الرباط وجبهة البوليساريو.
وجاء في الاستنتاج الرئيسي للتقرير، الذي خص الشركات الأوروبية و انتهاكها للقانون الدولي في الصحراء الغربية, “أصبحت الشركات الأوروبية شركاء فعليين في جرائم الحرب، من خلال استغلال موارد الصحراء الغربية المحتلة بشكل غير قانوني، والربح من الأعمال التجارية التي ينفذها المغرب بشكل غير قانوني، وتوظيف السكان المغاربة الذين تم حشدهم في الأراضي المحتلة”.
بعد مرور عدة أشهر على أزمة سبتة، ومرور عام من قيام البوليساريو بتعليق وقف إطلاق النار في نزاع الصحراء، وبعد 46 عامًا بعد توقيع اتفاقيات مدريد الثلاثية؛ بين إسبانيا، المغرب وموريتانيا؛ تعود العلاقات بين بروكسل والرباط إلى صفائها.
وعلى الرغم من أن لحظات معينة، مثل تلك التي شهدتها مدينة سبتة قبل بضعة أشهر، أثارت التوتر بين الجانبين، يبقى المغرب كقاعدة عامة، أحد الشركاء ذوي الأولوية والمفضلين للاتحاد الأوروبي، الذي يمنح أموالًا كبيرة للبلد المغاربي؛ وللشركات الأوروبية التي تعمل في الصحراء الغربية.
وعلى الرغم من خرق وقف إطلاق النار، “استمرت الشركات الأوروبية في نهب موارد الصحراء المحتلة، وارتكبت جرائم حرب، لأنها، من بين أسباب أخرى، تستفيد من معبر الكركرات الحدودي غير الشرعي لتنفيذ عملياتها؛ إنهم يربحون من الأعمال التجارية التي ينفذها المغرب بشكل غير قانوني؛ وهم يشجعون احتلال السكان غير الصحراويين للأراضي”، يؤكد عضو البرلمان الأوروبي من مجموعة “أنتي كابيتاليستاس” (ضد الرأسمالية) ميغيل أوربان.
ما هي هذه الشركات؟
الشركات الفرنسية والإسبانية والألمانية هي الأكثر حضوراً في الأراضي الصحراوية؛ حسب القطاعات، والأكثر شيوعًا هي تلك المتعلقة بالطاقة المتجددة والتعدين والموارد الزراعية والبحرية والمتخصصة في البناء.
ويشير التقرير مباشرة إلى شركة “إندرا” (Indra) الإسبانية ،وشركة “سيمينس إنرجي” (Siemens Gamesa Renewable Energy)، متعددة الجنسيات، وشركة “إنيل غرين باور” (Enel Green Power) الإيطالية، وشركة “إنغييد” (Engied) الفرنسية و”سيما سيجيم” (CMA CGM)، وشركة “هايدلبيرغ سيمنت” (HeidelbergCement AG)، الألمانية باعتبارها مسؤولة عن الاستثمار في “الأراضي المحتلة التي تنتهك القانون الدولي” من خلال أموال من الاتحاد الأوروبي لدعم أنشطته.
ومن بين 28 شركة تستثمر أو تنشط في الصحراء الغربية، هناك عشر شركات إسبانية، جلها للاستثمار في البناء، بينما يركز الفرنسيون وجودهم في مجالات الزراعة وصيد الأسماك.
ويقول التقرير المذكور أعلاه؛ أن الشركات التي تتاجر أو تستثمر في هذا الإقليم غير المتمتع بالحكم الذاتي، “عليها التزام قانوني باحترام حقوق الإنسان”.
وقبل كل شيء، عليها “الحصول على موافقة صريحة من السكان الصحراويين وجبهة البوليساريو، الممثل المعترف به من قبل الأمم المتحدة، لاستغلال مواردهم الطبيعية، وإلا فإن هذه الجرائم ستكون مخالفة للقانون الدولي” يقول التقرير.
وعليه، خلص التقرير إلى أن هذه الشركات “شريكة في جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها المغرب”، لأنها “تساهم بأفعالها في تطبيع وإدامة الاحتلال غير الشرعي وعرقلة عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة”.
التقرير الأسود ليس الأول من نوعه
أصدرت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي في أواخر شهر سبتامبر قرارها بعدم قانونية اتفاقيتي الصيد البحري والتبادل التجاري بين المغرب والاتحاد الأوروبي التي تشمل أراضي ومياه الصحراء الغربية. ومن المنتظر أن يحمل الحكم انعكاسات مقلقة على جودة العلاقات بين الطرفين.
واعتبر الحكم، وفق مصادر قضائية أوروبية، بعدم قانونية هذه الاتفاقيات نظرا لضمها مناطق لم يتم بعد الحسم في سيادتها من طرف الأمم المتحدة وتوجد رهن نزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو.
وكان الحكم مرتقبا نسبيا بحكم وجود سابقة في هذا الشأن، حيث ألغت المحكمة الأوروبية الاتفاقيات نفسها مرتين خلال السنوات الماضية، لكن كان هناك أمل لدى الرباط في ربح هذه القضية بعدما قبلت ببنود تميز نسبيا منطقة الصحراء عن باقي مناطق المغرب ومنها تخصيص ميزانية من التعويض المالي للاتفاقية، حالة الصيد، لساكنة الصحراء، ثم دعم كل مؤسسات الاتحاد الأوروبي وبعض الدول مثل فرنسا وإسبانيا للاتفاقيات بل نصبت محامين لهذا الغرض.
وكانت جبهة البوليساريو قد اعتمدت منذ سنوات استراتيجية التنديد بما تعتبره استغلال المغرب غير الشرعي لثروات منطقة متنازع على سيادتها. وبدأت حملات دولية، سواء سياسية أمام البرلمانات أو قضائية أمام محاكم بعض الدول لمنع صادرات مثل الفوسفاط أو التشكيك في الشرعية القانونية لاتفاقيات الصيد البحري التي تمتد لمياه الصحراء الغربية.
وسيحمل هذا الحكم بدون شك انعكاسات سلبية على العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وهي العلاقات التي فقدت الكثير من جودتها بسبب ملفات مثل الهجرة ونزاع الصحراء الغربية، وآخرها انتقادات الرباط لمواقف الأوروبيين ثم بيان البرلمان الأوروبي خلال يونيو الماضي الذي يتحفظ على المغرب في ملف الهجرة ويؤيد مساعي الأمم المتحدة في الصحراء الغربية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس