“الحكم الذاتي” للصحراء الغربية… زوبعة في فنجان !

1
“الحكم الذاتي” للصحراء الغربية… زوبعة في فنجان !
“الحكم الذاتي” للصحراء الغربية… زوبعة في فنجان !

طاهر فطاني

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. تكييف مسودة المشروع بالكامل لتتماشى مع الاقتراح المغربي مكافأة للمخزن
خرقٌ واضح للمواثيق الأممية لن يمنح المغرب أي شرعية أو امتيازات إضافية
القرار الأمريكي لن يغيّر في الواقع من الطبيعة القانونية لتصفية الاستعمار
تتجه الأنظار هذا الخميس نحو مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أين يستعد أعضاء مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار أمريكي حول ملف الصحراء الغربية، والذي أثار جدلاً واسعاً داخل أروقة المجلس، بسبب احتوائه على بنود تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق بوضع الأقاليم التي لا تتمتع بالحكم الذاتي، وتتعارض بشكل مباشر مع أحكام القانون الدولي المتعلق بتصفية الاستعمار.

بعيداً عن تفاصيل قرار مجلس الأمن، يبرز سؤال جوهري حول مصير اللائحة التي تعد محاولة صريحة لفرض سياسة الأمر الواقع في ملف الصحراء الغربية، لأنها تُقصي مباشرةً خيار تقرير المصير للشعب الصحراوي وتزيد من تعقيد مسار المفاوضات بين جبهة “البوليساريو” والمغرب، وتحولت بذلك إلى مجموعة من الإملاءات لا تترك أي مجال للتفاوض أو للحلول الوسطى القادرة على فتح باب الحوار بين طرفي النزاع.

لائحة مجلس الأمن ستزيد من تعكير الأجواء وتعقيد الأزمة القائمة بين جبهة “البوليساريو” ودولة الاحتلال، المغرب، لأنها تحمل في طياتها شروطاً تعجيزية وغير قابلة للتفاوض، تُعتبر غير مقبولة من الناحية القانونية.

من جهة أخرى، فإن هذه اللائحة لن تساهم في تغيير الواقع على الأرض في هذا الملف المسجل رسمياً لدى الأمم المتحدة ضمن قضايا تصفية الاستعمار، كما أنها لن تمنح المغرب أي شرعية أو امتيازات إضافية، فالمملكة لا تزال تحتل الأراضي الصحراوية وتستنزف ثرواتها الطبيعية، ويستمر هذا الاستغلال من خلال الاستفادة من عائدات الصفقات التجارية المبرمة مع الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الغربية، بالرغم من الأحكام العديدة الصادرة عن المحكمة الأوروبية التي قضت صراحةً بمنع استغلال الثروات الطبيعية للصحراء الغربية من قِبل الاحتلال المغربي.

أما من الجانب القانوني البحت، فإنّ هذه اللائحة لن تضفي الصفة الرسمية والشرعية على ما يُعرف بـ”الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”، لأن اللائحة تمثل خرقاً واضحاً للشرعية الدولية، ولا يمكن للأمم المتحدة أن تساهم في إقرار إجراء يتعارض مع مواثيقها المتعلقة بتقرير مصير الشعوب، خاصة تلك القضايا المسجلة في اللجنة الرابعة (لجنة تصفية الاستعمار).

بالنظر إلى مضامين اللائحة، يتضح أن الصياغة الأمريكية قد تبنت مخطط الحكم الذاتي المغربي بشكل كامل، حيث أغفلت الإشارة إلى تقرير المصير كخيار آخر، بل على العكس، اشترطت ممارسة حق تقرير المصير حصرياً في إطار “مخطط الحكم الذاتي”، مع منح المغرب “السيادة على الصحراء الغربية” بشكل صريح.

وبالتالي تكون الولايات المتحدة قد حولت القضية الصحراوية إلى قضية أمريكية، تدافع عنها بشراسة وترفض إدراج أو إجراء أي تعديلات على مضمون اللائحة وضربت، واشنطن، بذلك عرض الحائط كل الاقتراحات والتعديلات الجوهرية التي تقدمت بها الدول الأعضاء في مجلس الأمن، سواء كانت دائمة العضوية أو غير دائمة، ما يؤكد قوة التبني الأمريكي للمقترح المغربي.

أكثر من ذلك، واشنطن بصفتها حاملة القلم (Penholder) في ملف الصحراء الغربية بمجلس الأمن، أقدمت على تكييف مسودة المشروع بالكامل لتتماشى مع الاقتراح المغربي، متجاهلة بذلك ما تم التوافق عليه بين الدول الأعضاء، من دون الأخذ بعين الاعتبار مقترحات الشركاء الآخرين في المجلس.

وبهذا الإجراء، تكون الولايات المتحدة قد انحرفت عن مبدأ ومهام “حامل القلم” المحايدة، وتحولت بوضوح إلى طرف مباشر في النزاع.

لم تكن الولايات المتحدة وحدها من تقود جبهة الدفاع عن المشروع المغربي؛ فقد تولت دول أخرى، على غرار الإمارات العربية المتحدة، وفرنسا، والكيان الصهيوني، حملة الإقناع داخل مجلس الأمن، حيث أجرت هذه الدول اتصالات مكثفة نيابة عن المغرب، سعياً لحشد الدعم للمشروع، والذي يأتي كمكافأة مباشرة للمغرب، نظراً لوقوفه إلى جانب الكيان الصهيوني في عدوانه على غزة، وبهذا، يكون النظام المغربي قد قبض ثمن خيانته للقضية الفلسطينية، مقايضاً ملف الصحراء الغربية بملف القضية المركزية للأمة.

المصدر: الشروق أونلاين

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس