
افريقيا برس – الصحراء الغربية. *اعتداء المغرب على الصحراويين حوَّل صراع الصحراء المجمد إلى ملتهب*النظام المغربي باع فلسطين للصهاينة مقابل تغريدة في تويتر*الجزائر البلد العربي الوحيد الذي عبّر بكل وضوح عن رفضه التطبيع*التطبيع خيانة كبرى لتضحيات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة*التدافع السياسي السلمي أهم ما يميز المشهد السياسي الجزائري*قانون الانتخابات النيابية والمحلية الجديد أعطى المرشح مكانةً أكبر*فرنسا ما زالت أسيرة تاريخها الاستعماري.
.
ونفوذها في إفريقيا تراجع*عدم انخراط المسلمين في الحياة السياسية الفرنسية أسهم في اختلال التوازن*الجزائر تدعم الحل السياسي في ليبيا وبناء مؤسساتها على أسس ديمقراطية* الإمارات لا تملك عناصر القوة لتتدخل في الشأن الجزائريحاوره : عبد الحميد قطب اعتبر إدريس ربوح، رئيس مجلس إدارة جمعية الجزائريين الدولية، اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بمغربية الصحراء، إهانة لمبادئ الدولة الأمريكية، لافتاً إلى أن النظام المغربي في المقابل باع فلسطين للصهاينة مقابل تغريدة في تويتر.
وعدَّ رئيس جمعية الجزائريين الدولية في حواره مع “الحقيقة بوست”، التطبيع مع الكيان الصهيوني خيانة كبرى لتضحيات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، مؤكداً أن الجزائر هي البلد العربي الوحيد الذي عبّر بكل وضوح عن رفضه التطبيع.
وعن قانون الانتخابات الجديد الذي اعتمد مؤخراً في الجزائر، أوضح إدريس ربوح أنه أعطى المرشح للمجلس النيابي أو المجالس المحلية مكانةً أكبر، مفيداً بأن التدافع السياسي السلمي أهم ما يميز المشهد السياسي الجزائري.
* بداية، كيف ترون اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء المتنازع عليها ؟ـ الصحراء الغربية قضية مدرجة في الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار، وهناك مسار أممي لتسوية القضية وفق الشرعية الأممية وقرارات مجلس الأمن انطلق بعد وقف إطلاق النار بين المملكة المغربية والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) سنة 1991، حيث عيّنت الأمم المتحدة مبعوثين لها لرعاية المفاوضات التي جرت بين طرفي النزاع بحضور الجزائر وموريتانيا كعضوين مراقبين.
إلا أن المغرب فجّرت الوضع مؤخرا من خلال اعتدائها على المدنيين الصحراويين في معبر “الكركرات” الرابط بين الجمهورية الصحراوية والجمهورية الموريتانية، ليشتعل النزاع مجدداً ويتحوّل من حالة الصراع المجمد إلى الصراع الملتهب.
الموقف الأمريكي* ألا يعد هذا الاعتراف محاولة أمريكية صهيونية لتأجيج النزاع بين الشقيقتين العربيتين؟ـ الولايات المتحدة كانت تقف موقف المعتدل في القضية الصحراوية وتؤيد الحل السلمي وفق قرارات الشرعية الدولية، إلا أن الرئيس الأسبق دونالد ترمب أراد من خلال الصفقة التي أبرمها مع الملك المغربي، تحقيق هدف تطبيع المغرب مع الاحتلال دون النظر إلى المواقف التاريخية لبلاده، وهو ما يعد إهانة صريحة لمبدأ تقرير المصير الذي يعتبر من مبادئ الدولة الأمريكية.
وأحسن وصف لما حدث هو ما ذكرته صحيفة معاريف بأن الذي حدث هو: احتلال مقابل احتلال. *هل كان هذا الاعتراف مقابل تطبيع المغرب مع “إسرائيل”؟ـ بكل تأكيد، هو عملية مقايضة احتلال مقابل احتلال كما أطلقت عليه الصحافة الصهيونية.
.
النظام باع فلسطين للصهاينة مقابل تغريدة في تويتر لرئيس أمريكي يؤمن بمنطق الصفقات ولا علاقة له بمبادئ بلاده، الداعمة لتقرير مصير الشعوب، وموقفها المؤيد للأمم المتحدة، في حق الشعب الصحراوي بتقرير مصيره.
*في المقابل هناك ضغوط على الجزائر للحاق بقطار التطبيع رغم إعلان الرئيس تبون رفضه ذلك.
.
هل يمكن أن نشهد تطبيعاً جزائرياً في المستقبل؟ـ الجزائر هي البلد العربي الوحيد الذي عبّر بشكل واضح عن رفضه التطبيع مع الكيان الصهيوني، بل اعتبرت هرولة الدول العربية للتطبيع مع الصهاينة دون احترام مبادرة السلام العربية التي أقرتها الجامعة العربية؛ نكراناً صريحاً وخيانة كبرى لتضحيات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة التي يعترف العالم بها، والشرعية الدولية له بإقامة دولته على أرضه المحتلة.
الجزائر عصية على الضغط والابتزاز لأنها دولة نشأت بعد ثورة مسلحة تحريرية تدرك حجم الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، ومن واجبها مد يد العون له وليس لمغتصبي أرضه كما فعلت أنظمة عربية لا تعرف قيم التحرر ومساندة القضايا العادلة كالقضية الفلسطينية.
*كيف ترى المشهد السياسي الجزائري بعد توقف نسبي لحراك الشارع والاستعداد لإجراء انتخابات برلمانية ومحلية؟ـ أهم ما يميز المشهد السياسي الجزائري، التدافع السياسي السلمي ومنطق التفاوض بين السلطة وقوى المجتمع السياسية والاجتماعية والثقافية وجميع الفاعلين في الحراك الشعبي، الذين يدرك كثير منهم أن الانخراط في المسارات المؤسساتية يمكّن من إحداث إصلاحات سياسية على مستوى منظومة الحكم، حتى إن كانت تدريجية ولا تأخذ المظهر الثوري الصريح.
النظام الانتخابي*بخصوص الانتخابات. . كيف ترى النظام الانتخابي الجديد الذي تتجه البلاد لاعتماده؟ـ بعد حل المجلس الشعبي الوطني، وهو الغرفة الأولى للبرلمان، فإن أهم ما في مشروع قانون الانتخابات الجديد أنه أعطى المرشح للمجلس النيابي أو المجالس المحلية مكانة أكبر، حيث لم يعد للترتيب في القائمة الانتخابية التي تعدها الأحزاب والمستقلون قيمة كبيرة، ما يدفع بالكثير لخوض مغامرة التنافس الانتخابي والسعي لكسب الناخبين لشخصه قبل القائمة التي ينتمي إليها.
*بين وقت وآخر نشهد تصريحات وانتقادات لسياسيين ومسؤولين جزائريين للسياسة الفرنسية، كان آخرها انتقاد وزير الخارجية تفجير قنبلة نووية فرنسية في صحراء الجزائر منذ عقود.
.
لماذا هذا التصعيد الجزائري تجاه فرنسا في هذا التوقيت؟-العلاقات الجزائرية – الفرنسية معقدة جداً؛ لأن فيها الكثير من العوامل التاريخية والاقتصادية والثقافية، ودور البلدين في البحر المتوسط ومنطقة الساحل والصحراء، وبالخصوص الحرب في الصحراء الغربية بين الجمهورية الصحراوية المدعومة من الجزائر والمغرب المدعومة من طرف فرنسا.
. هذه كلها ملفات صعبة في علاقات البلدين، لهذا نشاهد فيها تصاعداً وانخفاضاً وفق تطورات الملفات المختلفة.
وكما تعرفون، فرنسا تشهد تراجعاً لنفوذها في إفريقيا، وبالخصوص في شمالها وغربها، نتيجة الضغوط الشعبية لدول القارة والرافضة لمواصلة الهيمنة الفرنسية عليها، والدور المتصاعد للجزائر في المنطقة، وفي كامل القارة، من خلال تقوية مؤسسات الاتحاد الإفريقي والتحالف بين دوله الرئيسية “الجزائر وجنوب إفريقيا ونيجيريا”؛ لإعطاء دور أكبر للأفارقة على مستوى مؤسسات الأمم المتحدة.
*ولماذا تتعنت فرنسا وترفض الاعتذار عن الحقبة الاستعمارية الفرنسية للجزائر؟ـ من المعروف أن فرنسا ما زالت أسيرة تاريخها الاستعماري الذي جلب لها العداوات مع شعوب عدة تضررت من هذا الاستعمار وما صاحبه من جرائم، وبالخصوص الجزائر.
وحتى الأجيال الجديدة من النخب الفرنسية، لم تستطع أن تصحح ما اقترفته دولتهم من مآس وجرائم ضد الإنسانية، كان آخرها التفجيرات النووية بصحراء رقان في بداية ستينيات القرن الماضي، والتي تعادل أربعة أضعاف القنبلة النووية الأمريكية في هيروشيما وناجازاكي، وبسببها تضررت الجزائر وموريتانيا ومالي.
الذاكرة التاريخية ثقيلة جداً بجرائم فرنسا، ولا يمكن أن نتجاوزها إلا بتقديم الاعتذارات اللازمة للجزائر وكل دول المنطقة، وتقديم التعويضات المستحقة لشعوبها.
العلمانية الفرنسية*بشكل عام، كيف ترى السياسات الفرنسية تجاه المسلمين في ضوء إساءة ماكرون للإسلام؟ـ فرنسا بلد علماني متطرف في علمانيته، ولا يفصل بين الدين والدولة، لكنه يحارب مظاهر التدين، ما يسهم في ديمومة التوتر، في حين أن جيرانه الأوروبيين، وبالخصوص بريطانيا، يعتمدون سياسة مستوعبة للتطورات التي يشهدها المجتمع البريطاني، الذي أصبح مجتمعاً متعدد الديانات كحال كل أوروبا، التي أصبح فيها الإسلام الدين الثاني، وهناك تحول تاريخي في القارة العجوز التي تستقبل ملايين المهاجرين من المسلمين، فضلاً عن اعتناق الكثير من المواطنين الأوروبيين للديانة الإسلامية.
وهنا تجد العلمانية الفرنسية نفسها في امتحان حقيقي، فهل هي مع فصل الدين عن الدولة ومساواة المواطنين في الحقوق والواجبات كما تذكر قيم الثورة الفرنسية، أم أنها علمانية معادية ومحاربة للدين.
من جانب آخر، عدم اهتمام المسلمين بالحياة العامة والسياسة أسهم بشكل كبير في اختلال التوازن في فرنسا، والذي سيستمر نحو مزيد من التوتر إذا لم ينخرطوا في الحياة السياسية لتسيير الخلافات بين مكونات المجتمع من خلال مؤسسات الجمهورية الفرنسية.
* ما تقييمكم للعلاقات الجزائرية – التركية على المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية؟ـ العلاقات الجزائرية – التركية تعيش أزهى فتراتها منذ تأسيس الجمهوريتين، وهي من حسن إلى أحسن بفضل الإرادة السياسية المشتركة في تعزيز هذه العلاقة، خاصة بعد السعي الحثيث لتركيا للعودة إلى عمقها العربي والإسلامي والإفريقي والآسيوي، وهي الدوائر ذات الأولوية في السياسة الخارجية الجزائرية، حيث تعود تركيا إلى هذا العمق بعد تحررها من الهيمنة الإمبريالية الغربية بقدوم حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس أردوغان.
وقد شهدت العلاقات تصاعد الاستثمارات المتبادلة، بحيث أصبحت الجزائر من أوائل الدول العربية والإفريقية في التبادل التجاري مع تركيا، فضلاً عن العلاقات العلمية والثقافية التي يسندها التاريخ المشترك أثناء فترة الدولة العثمانية، والتي كانت الجزائر وتركيا جزءاً من هذه الدولة العظيمة.
كما شهدت العلاقات نقلة نوعية في التعاون الأمني، ويتوقع أن ترقى هذه العلاقة إلى مستوى التعاون في مجال الصناعة العسكرية، خاصة أن تركيا تملك إمكانيات كبيرة في الميدان، وكذلك الجزائر، خاصة في تصنيع السلاح الروسي الذي بدأت تركيا اقتناءه في سابقة تاريخية لها.
*هل هناك تدخلات إماراتية في الملف الجزائري على غرار تدخلاتها في تونس؟ـ الجزائر دولة تملك قدرات اقتصادية وعسكرية وأمنية كبيرة، فلا يمكن لدول كبيرة أن تتجاوز حدود العلاقة المتفق عليها، فما بالك بدول لا تملك من عناصر القوة إلا المال والريع البترولي، الذي لا يمكن أن يكون وسيلة لوحده لتحقيق النفوذ الذي ربما ينجح مع دولة ضعيفة في المنطقة العربية مهما كان حجمها، لكن لا يمكن أن يكون له أي تأثير مع الجزائر التي تملك قرارها السياسي المستقل والمسنود باستقرار اقتصادي ومالي، فضلاً عن جيش قوي ومنظومة أمنية تتبوّأ المراتب المحترمة عالمياً والأولى إفريقيّاً وعربياً.
المصالحة الليبية* أخيراً، كيف رأيت المصالحة الليبية ومخرجات ملتقى الحوار؟ـ لقد دعت الجزائر منذ بدء الصراع في ليبيا، كأول دولة في شمال إفريقيا والبحر المتوسط، إلى الحل السياسي بين الأشقاء الليبيين، وبالتالي من الطبيعي أن تفرح وترحب باتفاق المصالحة بين الفرقاء السياسيين الليبيين، وتدعم جهود المصالحة والحكومة المنبثقة عن ذلك، إلى جانب دعمها المسار الأممي للوصول إلى انتخابات في نهاية السنة لتدخل ليبيا مرحلة من الاستقرار السياسي وتبنى مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية، وهذا ما تأمل الجزائر تحققه للشعب الليبي الشقيقالمصدر : الحقيقة بوست