أفريقيا برس – الصحراء الغربية. حاول وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، مجددا الالتفاف حول ضغوط دولية لإطلاق مفاوضات جادة بشأن نزاع الصحراء الغربية، بعد تعيين ستافان دي ميستورا مبعوثا جديدا، وذلك من خلال تحميل الجزائر مسؤولية انقلابه على تعهد وقعه مع الأمم المتحدة عام 1991 بتنظيم استفتاء تقرير المصير.
وقال وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إنه “لا يمكن التوصل لهكذا حل إلا في إطار تحمل الجزائر لمسؤولياتها كاملة في خلق واستمرار هذا النزاع” .
وشدد على “استعداد المغرب لمواصلة التعاون مع الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم وقائم على التوافق”، لكن في إطار “مبادرة الحكم الذاتي، التي قدمها المغرب عام 2007”.
وتشير هذه التصريحات إلى تواصل تهرب النظام المغربي من التزاماته السابقة، فلو كان الصحراويون يقبلون مبادرة الحكم الذاتي التي يطرحها، لكان النزاع انتهى منذ سنوات.
وحاول نظام المخزن مجددا تحويل الأنظار نحو الجزائر، التي تردد في كل مرة أنها مع قرارات مجلس الأمن والتي تؤكد بوضوح أن الجانبين يجب أن يتفاوضان على حل توافقي يقضي بتصفية الاستعمار في الصحراء الغربية.
وكان تنظيم استفتاء تقرير مصير الصحراويين مقررا عام 1991 وفق اتفاق وقعه النظام المغربي مع الأمم المتحدة وتعهد بتنفيذه قبل أن ينقلب عليه ويواصل التهرب منه إلى اليوم أي لمدة 30 سنة.
وظل النظام المغربي يأمل تغير المعطيات لصالحه بعد تأكده من أن نتائج الاستفتاء ستكون لصالح الاستقلال، حسب المبعوث الأممي السابق للصحراء الغربية كريستوفر روس.
وخلف هذا الهروب المستمر، تواصل معاناة الصحراويين تحت القمع في المدن المحتلة وكذا اللاجئين الذين ينتظرون العودة إلى أرضهم، وكذا تنفيذ الرباط والمجتمع الدولي لتعهد عمره 30 سنة بتنظيم استفتاء تقرير المصير.
ولمّح وزير الخارجية رمطان لعمامرة إلى هذه المواقف المتجددة لنظام المخزن من النزاع، بالتأكيد خلال لقاء مع نظيره الصحراوي بنيويورك، أن حق الصحراويين في تقرير المصير غير قابل للتصرف من أي طرف.
الصحراء الغربية: هل سيدعو بوريطة فرنسا واسبانيا وأصحاب القنصليات أيضا للتفاوض؟
ومطلع أفريل 2020، أطلق بوريطة نفس التصريحات بالقول إنه على الجزائر، أن تتحمل مسؤوليتها في قضية الصحراء الغربية، عبر الجلوس على طاولة الحوار لتدافع عن وجهة نظرها.
وحسبه “الحل الأممي لقضية الصحراء ضروري ويستحيل دون جلوس الجزائر على طاولة الحوار”.
وكانت هذه التصريحات، ردا على دعوة وزير الخارجية السابق صبري بوقادوم، إلى إطلاق مفاوضات جادة بين طرفي النزاع وهما المغرب وجبهة البوليساريو، من أجل كسر الجمود والبحث عن حل مقبول للطرفين برعاية أممية.
وهذا الموقف من الجزائر، ظل نفسه منذ بداية النزاع، كما أنها طرف ملاحظ في المفاوضات السابقة رفقة موريتانيا باعتبارهما بلدين جارين ومعنيين بالنزاع.
وظل موقف الجزائر واضحا، وهو دعم جهود الأمم المتحدة في حل النزاع المسجل لديها كقضية تصفية استعمار، وذلك عبر استفتاء حر ونزيه بإشراف أممي يحسم فيه الصحراويون خيارهم.
ووافق النظام المغربي عام 1991 بوساطة أممية على وقف إطلاق النار، وتنظيم استفتاء لتقرير المصير بعدها بستة أشهر، لكنه التف بعدها على الاتفاق وبقي يناور لمنع أي استفتاء لتقرير المصير إلي اليوم.
وبالقياس على هذه الخرجة الجديدة لبوريطة، فإن المفاوضات التي يريدها نظام المخزن مستقبلا، لن تكون فقط مع جبهة البوليساريو الممثل الوحيد للشعب الصحراوي، بل يجب إدخال أطراف أخرى.
وإذا كان بوريطة يرى في الجزائر طرفا في النزاع، فكان عليه أيضا أن يضم إلى طاولة المفاوضات دولا مثل إسبانيا التي سلمته الأرضي الصحراوية مقابل السكون عن سبتة ومليلية، باعتبارها مسؤولة تاريخيا عن النزاع.
كما أنه وفق هذا المنطق، سيكون على الأمم المتحدة دعوة فرنسا إلى طاولة المفاوضات باعتبارها الدولة رقم واحد دوليا وفق جبهة البوليساريو التي تعطل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، خلال جلسات مجلس الأمن وخارجها وتعلن جهارا نهارا أنها مع مخطط الحكم الذاتي.
كما يجب على الأمم المتحدة، وفق هذا الحل الذي يقترحه بوريطة، دعوة قرابة 20 دولة فتحت قنصليات في مدينتي العيون والداخلة المحتلتين، رغم أن الأمم المتحدة وكل قرارات مجلس الأمن ومحاكم العدل الدولية تعتبر الإقليم غير مستقل.