طرود الخير تداوي أوجاع اللاجئين والمحتاجين في مخيمات الشتات بالأردن

13

الصحراء الغربية – افريقيا برس. يتوافدون من ساعات الصباح الباكر إلى دائرة الشؤون الفلسطينية في مخيم جرش، يجلسون على الأبواب وفي القاعات، ينتظرون طرودا غذائية يغذون بها أطفالهم، وبطانيات يلتحفونها في الشتاء، وقسيمة تؤمن لهم غالونًا من مادة الكاز أو أسطوانة من الغاز للتدفئة والطبخ.

بكمامته البالية، ينتظر اللاجئ الفلسطيني نمر أبو صالح (66 عاما) طرده الغذائي، فهو يعيل أسرة من 10 أفراد، زوجته وابنه الوحيد مصابان بأمراض مزمنة، ينتظرون ما يحضره لهم من مساعدات وقسائم للتدفئة، في بيت متهالك مغطى بالصفيح.

يقول أبو صالح -للجزيرة نت- “أطوف على المزارع المجاورة للمخيم بحثا عن عمل يؤمن عبوة من الدواء لزوجتي، أو إبرة مسكنة لعلاج ابني”، ويتابع “يجود علينا المحسنون بأكياس من الأغذية تكفينا لأيام، وبقية الشهر نأكل مما يتوفر من خبز وخضار، ومع الأسف أصبحت أعجز عن توفير نفقة العلاج الشهرية لزوجتي وابني، وذلك لعدم وجود عمل أشتغل به”.

ثلج وزينكو
ومما فاقم من معاناة عائلة أبو صالح أن انهال عليهم سطح المنزل المعدني (الزينكو) قبل أيام نتيجة تراكم الثلوج، فالثلوج التي أدخلت الفرحة على الأردنيين، أدخلت الحزن والألم على المحتاجين وزادت معاناتهم، وفق حديث زوجة أبو صالح.

ويعيش في مخيم جرش المعروف بمخيم غزة في شمال الأردن نحو 30 ألف لاجئ فلسطيني -حسب أرقام وكالة الأونروا- الغالبية العظمى منهم لا يتمتعون بالجنسية الأردنية كبقية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن.

ويعاملون معاملة الأجانب مما يحرمهم من العلاج في المستشفيات الحكومية، والتعليم لأبنائهم، والعمل في كثير من القطاعات العامة والخاصة، وهذا يرفع نسب البطالة بين الشباب والفتيات إلى أكثر من 80%، في حين منحتهم الحكومة الأردنية حق تملك قطعة أرض، ورخص لقيادة السيارات، وبعض الامتيازات لتسهيل أمور حياتهم المعيشية.

أطفال وطرود
وتتشارك الأسر المتعففة من الأردنيين واللاجئين الفلسطينيين والسوريين معاناة الفقر والعوز، وأثناء جلساتهم بانتظار المساعدات يتشاركون في أحاديثهم الهموم والمعاناة من فصل الشتاء، يتبادلون أرقام هواتف الجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدات، والعيادات الطبية التي تؤمن العلاج المجاني للفقراء.

في بيت اللاجئ الفلسطيني الأربعيني حسن الخطيب تلقّف الأطفال الطرود الغذائية بلهفة، التفوا حولها يبحثون فيها عن لعبة تفرحهم أو حلوى تسعدهم، لكن بحثهم اصطدم بعبوات من المعقمات والمنظفات وبعض المأكولات.

ويقول الخطيب للجزيرة نت “أعيل 8 أفراد كلهم صغار يحتاجون إلى كل شيء، كنت أعمل في السباكة وصيانة المنازل، إلّا أنني فقدت النظر بعيني بسبب حادث، فأقعدتني عن العمل وبتّ أنتظر المساعدات”.

وتشكو زوجته سوسن مصطفى (42 عاما) برد الشتاء ومرض أطفالها بسببه؛ تقول للجزيرة نت “بتنا ننتظر قسائم الكاز والغاز قبل الطرود الغذائية، لأن البرد القارس يجلب الأمراض، ولا نستطيع مواجهته إلا بالتدفئة، وإذا نفد الوقود أشعلنا بعضا من الحطب والأخشاب”.

وتجاور الخطيب عائلات من اللاجئين السوريين، سكنت المخيم منذ سنوات نظرا لرخص إيجار المساكن هناك؛ تقول السبعينية أم صلاح الحمصي للجزيرة نت “نتشارك مع أهالي المخيم هموم اللجوء، ورغم الفقر والحاجة اللذين نعانيهما، نتبادل أطباق الطعام والحلوى بين بعضنا بعضًا”.

200 ألف مستفيد
هذه المرة، الطرود المقدمة تتضمن أغذية ومواد تنظيف وتعقيم لمواجهة وباء كورونا، وبطانيات وقسائم للحصول على ملابس، وغالونات من المحروقات المستخدمة في التدفئة والطبخ، قدمتها جمعية قطر الخيرية بالتعاون مع الهيئة الخيرية الهاشمية.

يقول مدير ممثلية قطر الخيرية في الأردن منذر الحاج حسن -للجزيرة نت- إن حملة الشتاء لهذا الموسم تهدف إلى توفير الاحتياجات اللازمة لأكثر من 200 ألف مستفيد على مدار الحملة للأشهر الثلاثة المقبلة، استشعارا للحالة الإنسانية التي يعانيها اللاجئون، ودعما للأسر الأردنية العفيفة التي تأثرت نتيجة تداعيات جائحة كورونا.

وتسعى حملة دفء وسلام -وفق الحاج حسن- إلى توفير احتياجات الشتاء الضرورية في مجالات الغذاء والإيواء والتدفئة، بتأمين عدد من المواد التي تحتاج إليها الفئات المستهدفة من السلال الغذائية، والملابس الشتوية، والبطانيات، ووقود التدفئة، ومستلزمات النظافة والصحة والتعقيم في ظل الاحتياج المتواصل إلى الوقاية من الجائحة.