وداعا خالتي و معلمتي و ملهمتي

14
وداعا خالتي و معلمتي و ملهمتي
وداعا خالتي و معلمتي و ملهمتي

افريقيا برسالصحراء الغربية. وداعا خالتي و معلمتي و ملهمتي: انها الحياة لا تخلو من افراح و اتراح و من صحة و مرض و من ابتسامة و دموع و من حياة و موت. . . و اكثر ما فيها من و جع هو ما نتعرض له عندما يغادرنا اعز من لدينا ليتركوا قلوبنا على نار لا تنطفى و فراق لا يعوضه ما تبقى من اعمارنا و حنين لا تمحيه السنين.

و قبل أن تجف دموعي بسبب رحيل ابتي و عمي الغالي ها نحن اليوم نقول و داعا لخالتي العزيزة و الدتنا جميعا لالة ددي سيدي مولود.

ان قلمي لا يستطيع ان يجود بكلماته و لا يجرؤ على وصف سيدة عظيمة مهما حاول لجلل المصاب و فداحة الخسارة برحيل خالتي المغفور لها باذن الله نكون قد طوينا كتابا نادرا عن الحياة و ذكريات خالدة لن تزول.

 

كانت شمسنا التي انارت طريقنا لسنين رغم مرارة اللجوء و ظلامه الدامس. . . كانت املنا حين تهون النفوس و حلمنا بغد افضل . . حلم انتهى باكرا برحيلها المفاجي و الصامت بدون وداع. . . .

كانت خالتي رحمة الله عليها صفحة من حياتنا مليئة بالمودة و الوفاء و الطيبة و الحنان و الصفاء و النية الصادقة و الاخلاص. وهبتني الحب و العطف منذ صغري و كانت الام الكريمة لنا جميعا.

تحزن لحزننا و تفرح لافراحنا. تشاركنا همومنا و ترفعوا هممنا عندما تهون العزائم. كانت خير والدة لأبنائها و أجمل و اقرب خالة للجميع. كانت اول من ادخلني معترك المسؤولية و انا الشابة العديمة الخبرة و شجعتني على الاهتمام بالشأن العام و حب فعل الخير للاخرين و خاصة الضعفاء.

 

كانت مثالا في الوطنية و النضال و نكران الذات من اجل حرية و استقلال شعبها. أفنت عمرها في خدمة القضية الوطنية و ظلت وفية لعهد الشهداء حتى اخر رمق. . .

لم تتوانى لحظة واحدة عن ادائها واجبها الوطني حيث اعطت نموذجا فريدا لقوة المرأة الصحراوية و ارادتها التي لا تقهر. احبت العمل و أصرت بكل تفان على اتقانه و في ادق تفاصيله.

حرصت ان تكون بلديتها الاولى في كل شي و كانت قائدة ميدانية محنكة تتقن لغة الافعال بدل لغة الكلام. . . . وتتقدم الصفوف في أي فعل نضالي. . . حتى اخر اللحظات من عمرها المبارك.

و لكن الاهم من كل هذا انها ظلت انسانة عظيمة في انسانيتها و فية لاخلاق مجتمعها الصحراوي و مبادئه حيث ملكت قلبا كبيرا احتضن الجميع و روحا طاهرة ترفعت عن صغائر الامور .

 

كانت دائما تنصحنا لفعل الخير و مراعاة المحتاجين و العطف على الضعفاء. . .

كانت من اوائل المؤسسين لجمعية اخوات المقاتل و لم تتوانى يوما عن دعمنا و تحفيزنا نحن الشابات من اجل تنفيذ الفكرة و جعلها و اقعا. . . كانت و كانت. . . .

 

. و ستبقى حية في قلوبنا. خالدة في ذكراياتنا و قدوة لنا و لابنائنا من بعدنا. . . وداعا يا اغلى الناس. كم هو مؤلم فراقك و لكن كوني على يقين أنك ستبقينا معنا بافعالك و مكارمك و ستبقى صورتك الجميلة معلقة في اذهاننا و لن تفارقينا ما حيينا.

و اعذرينا فان الدموع لم تفارق اعيننا فشدة الوجع امطرت دموعا من دون ارادتنا و عجزت عن تحمل فقدانك المفاجي. . و لكن مالنا الا الرضاء و القبول بقضاء الله خيره و شره و ما تبقى لنا الا الرجاء و الدعاء لك: فيارب ارحم خالتي و اغفر لها ذنوبها و ارحمها و اعف عنها و ابدلها اهلا خيرا من اهلها و دارا خيرا من دارها. اللهم نور مرقدها. وطيب مضجعها وآنس وحشتها ونفس كربتها و قها عذآب القبر. امين يا رب العالمين و انا لله و انا اليه رجعون. . . . مريم سعيد