
افريقيا برس – الصحراء الغربية. عمل نظام الاحتلال المغربي بشكل مفضوح بعد توقيع اتفاق وقف اطلاق النار 06 سبتمبر 1991, على افتعال الازمات ووضع العراقيل امام مساعي الامم المتحدة وجهودها لتطبيق مخطط السلام الاممي الافريقي لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية, طبقا لما نص عليه قرار مجلس الامن الدولي 690.
وفي غياب اجراءات رادعة تحد من تماديه وغطرسته, تمكن بعد ما يزيد على عقد من الزمن من تعطيل عملية السلام برمتها, ووضع الامم المتحدة مبكرا امام خيارات صعبة, اما الاستمرار في دعم عملية السلام بالصحراء الغربية, او اعلان الفشل والانسحاب.
وبدل ان تقوم هذه الاخيرة بتشكيل لجنة للخبراء لتقييم الوضع , والوقوف على الاسباب الحقيقية التي حالت دون اجراء الاستفتاء بمعزل عن ادعاءات نظام الاحتلال المغربي, تبنت بدعم مكشوف من فرنسا ادعاءاته باستحالة تنظيم الاستفتاء.
وهكذا انتقل دور بعثة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء ” المينورسو”, من اداة لتطبيق مخطط السلام الاممي الافريقي لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية, الى راعية للمفاوضات للبحث عن حل سياسي يرضي الطرفين, ويضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
والغريب في الامر هو ان العراقيل التي وضعها نظام الاحتلال المغربي في طريق تنظيم الاستفتاء, واعتمدها بعد ذلك ذريعة لرفضه, هي نفسها التي اعاد انتاجها من جديد ووضعها في طريق المفاوضات المباشرة, ليتخذها بعد ذلك ذريعة لرفضها, ويفضي بعملية السلام من جديد الى الباب المسدود, او ما اصطلح عليه بوضعية الجمود الراهنة, التي اختزلت دور الامم المتحدة من خلال بعثتها في مراقبة اتفاق وقف اطلاق النار.
ولسنا الان بصدد استعراض تلك العراقيل و الازمات, فشواهدها على الارض غنية عن التعريف, من ابرزها :
لقد اعتقد نظام الاحتلال المغربي بعد رفضه للاستفتاء, و للمفاوضات المباشرة مع جبهة البوليساريو, و خرقه للاتفاق العسكري رقم واحد دون رادع يذكر, ان وجود فرنسا بمجلس الامن الدولي قد اكتسبه مناعة من اية تبعات قد تنجر عن خروقاته المتكررة, حتى بلغ به التمادي حد التهور بهجومه بتاريخ 13 نوفمبر 2020 على المدنيين الصحراويين العزل الذين تظاهروا بشكل سلمي بالمنطقة العازلة بالكركرات.
ذلك الهجوم الذي لا يشكل انتهاكا لاتفاق وقف اطلاق النار فقط, ولكنه يعتبر تعدي سافر على الامم المتحدة في مجال نفوذها بالمنطقة التي من المفترض ان لا يتم استخدام السلاح في حيزها المحدد تحت اية ذريعة, لما لذلك من تاثير على مصداقيتها ودورها في حماية المعاهدات والالتزامات الدولية والسلم الدولي, ناهيك عن كونه ايضا انتهاك صارخ للحق في التظاهر السلمي.
لقد ادى تهور نظام الاحتلال المغربي الذي مع الاسف لم تتم ادانته لحد الان لا من طرف الامين العام للامم المتحدة ولا من طرف مجلس الامن الدولي, الى اشعال فتيل الحرب بالمنطقة من جديد, ومكن جبهة البوليساريو التي حافظت على ضبط النفس امام خروقاته المتكررة, للخروج بسلام من وضعية الجمود التي ميزت العقدين الاخرين, مما اصطلح على تسميته بمرحلة اللاحرب واللاسلم.
واستعادت بالتالي زمام المبادرة قبل فوات الاوان, لتشرع من جديد ومن ورائها الشعب الصحراوي الذي لبى النداء وكان في مستوى المرحلة وتحدياتها, في المقاومة بكل السبل المتاحة بما فيها الكفاح المسلح, لانتزاع حق الشعب الصحراوي المشروع في الحرية والاستقلال.