الهاتف الغبي والممل… هل يهجر الجيل الجديد التكنولوجيا الذكية؟

3
الهاتف الغبي والممل... هل يهجر الجيل الجديد التكنولوجيا الذكية؟
الهاتف الغبي والممل... هل يهجر الجيل الجديد التكنولوجيا الذكية؟

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. أعادت شركة نوكيا في عام 2017 إطلاق هاتفها الأشهر 3310، المُلقب بـ”الدبابة” أو “العصي على الكسر”. النسخة الجديدة لا تحوي كثيراً من الميزات في الهواتف الذكية المعتادة، وما لبثت أن تلاشت الضجة حول الهاتف، الذي حاول أن يجاري العصر.

هذه العودة إلى القديم بقيت مستمرة لسنوات، خصوصاً مع إعادة إنتاج الأفلام القديمة بصورة أكثر عصرية وصوابية سياسية، واستعادة جماليات “الزمن القديم”، أي الثمانينيات والتسعينيات، إذ كانت الهواتف النقالة ما زالت نادرة، أو شديدة “الغباء”، كما في Stranger Things أو Captain Marvel، الصرعة التي تزامنت مع فضائح التجسس وانتهاك الخصوصية وتحويل بياناتنا إلى علف للخوارزميات وشركات الإعلان، وما ترافق مع ذلك من ضرر لحق بالجيل زي، الذي يدخل حالياً بداية الربع الأول من عمره.

الهاتف الغبي في أسبوع ميلانو للأزياء

اقتصاد الانتباه هذا هدّد الجيل الجديد، الذي أصبح واعياً لمقدار التلاعب الذي يخضع له، ووصل الأمر إلى حد انطلاق صرعة الهاتف الغبي تحت شعار “استعد حياتك”، الذي يتيح للمستخدم التلاعب بخصائص الهاتف، فيقلل عدد ساعات الاستخدام. وكما الشعار، يساعد المستخدم على الانغماس بالحياة الواقعية.

“الهاتف الغبي” الذي ما زال سعره إلى الآن غير محدد، أعلن عنه في “أسبوع ميلانو للأزياء”، نتاج التعاون بين اثنتين من أكبر الشركات الاستهلاكية؛ شركة هاينكان للجعة، وبوديغا للأزياء. كلتاهما من أهم ملوثي الكوكب. لكن لا يهم، الجيل الجديد لا يستطيع الاستغناء عن الشاشة ووضع الهاتف بعيداً، بل لا بد من الاستثمار حتى في “اضطرابه”، ومراكمة الربح من “رغبته” باستعادة حياته.

على رغم النوايا الحسنة المحيطة بهذا المُنتج الذي لم يصدر بعد، وما زال سعره مجهولاً، نحن أمام تجلٍّ جديد لماكينة الرأسمالية، التي حتى لو رفضت منتجاتها الآنية، تعيد النظر بنفسها وتنتج ما يلائم “رغبات” المستهلكين الجدد، الباحثين عن وسيلة للانعتاق من سطوة المراقبة الرأسمالية وحصاد البيانات وانتهاك الخصوصيّة.

لكن، هل نستطيع فعلاً الاستغناء عن الهواتف الذكيّة التي تهيمن على حياتنا، خصوصاً في الدول التي تفعّل ميزاتها بأكملها، بعكس كثير من الدول العربيّة؟ هل سيستغني مثلاً الجيل الجديد عن الدفع عبر الهاتف؟ أم ستبقى الساعة الذكيّة موجودة إلى جانب الهاتف الممل؟

كل هذه الأسئلة وغيرها مفتوحة على النقاش. لكن، لنفكّر: عادة ما يتم الاستغناء عن الهواتف الذكية ضمن ما يعرف بـ”نزع السموم الرقميّة”، وهي الموضة التي تحوّلت إلى أفلام ومسلسلات تناقش ضرر الهواتف الذكية وضرورة الابتعاد عنها، وليس الاستغناء عن ميزاتها، تلك التي في حال فعلاً تم نبذها بعيداً، كيف ستستمر شركات التسويق الرقمي، وكيف سيستمر اقتصاد الشاشات بأكمله؟

اقتراح تسويقي

ما نعلمه حتى الآن، أن الهاتف الغبي ما زال اقتراحاً تسويقياً، و”موضة” أطلقت في “أسبوع الموضة”، بدعم من عملاقين استهلاكيين عابرين للقارات، ما يعني أننا ما زلنا في ذات النموذج الاقتصاديّ. أما سؤال أن الهاتف يطوى كما تلك “القديمة” فقد قدمت سامسونغ ذات التصميم، وذات الضجة أحاطت به؛ هاتف فينتج، يحوي كل مواصفات الهاتف الذكي. ليبقى السؤال: هل فعلاً يستطيع الجيل زي الاستغناء عن كل تطبيقات التواصل الاجتماعي؟ هل يستطيع الذهاب إلى المتجر لشراء أي شيء عوضاً عن أمازون؟ والأهم، كيف سيستمع للموسيقى من دون سبوتيفاي؟

في نقاش بين مُصممي الهاتف، يطرح سؤال: “هل تريد من الناس حذف فيسبوك؟”، الجواب “لا، أريد تقديم خيار آخر”. يتفادى المصمم هنا الإجابة الواضحة، التي تلخص بكلمة واحدة “نعم”، لكن هل ستسكت شركات التواصل الكبرى في حال كان هناك هاتف لا يشغل برامجها؟

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس