حكاية من اللجوء.. حديث بين ابني وجدته

12
حكاية من اللجوء.. حديث بين ابني وجدته
حكاية من اللجوء.. حديث بين ابني وجدته

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. إسمي عبد العزيز محمد حسنة، ولدت بمخيمات العزة والكرامة، لم أرى الجزء المحتل من وطني الذي يسيطر عليه النظام المغربي منذ العام 1975، لكن حكت لي جدتي عنه وكيف كان الصحراويون قبل ذلك يعيشون في ظل الإستعمار الإسباني الذي إستغل بداوتهم وعدم تفتحهم على العالم، وعمل بذلك على تجنيسهم في ما يعرف بإحصائيات 1974، بغية إدماجهم في المملكة الإسبانية وإلهائهم عن أي تصور يمكن أن يحقق لهم كيانا صحراويا مستقلا.

تواصل جدتي حكايتها عن ذلك التاريخ وما تلاه، وكلها تفاؤل بتحقيق حلم شعبها، الذي شرده الإحتلال المغربي في 31 أكتوبر 1975، بل وحاول إبادته عن بكرة أبيه، حين قصفه بقنابل النابالم والفسفور المحرمين دوليا، هنا بالضبط بدأت عبرات جدتي تنهمر لتذكرها أفرادا من العائلة ومن الجيران من بينهم شيوخ ونساء وأطفال قد قضوا بغير وجه حق، تأثرت أنا بحال جدتي وهي تجهش بالبكاء، وتصورت من صدقها الحكاية التي أبانت عن بطش وهمجية الإحتلال المغربي، بل وزاد يقيني بذلك حينما رأيت مشاهدا مماثلة يعرضها التلفزيون الوطني الصحراوي اليوم عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الجزء المحتل من الصحراء الغربية، لقد زادني كل هذا غضبا وحقدا على هؤلاء الظالمين.

لم أتمالك نفسي في الوقت الذي تواصل فيه جدتي حديثها عن مأساة التشرد بمرارة قائلة: “لقد نجونا يا بني بأعجوبة من تلك الإبادة التي طالت الشجر والحجر، لقد كنا ننتظر الموت في أي لحظة، لكننا بفضل الله وعونه شعرنا بالإطمئنان حين وطأت أقدامنا المثخنة بالجراح أرض الجزائر، لقد إحتضنتنا بلاد المليون ونصف المليون شهيد ونحن في حالة يرثى لها، حفاة عراة إلا من الصمود والإصرار على بلوغ الهدف المنشود، لقد إستقبلنا الشعب الجزائري بصدر رحب وامن لنا المقام هنا بضواحي تيندوف، أين ولدت أنت يا بني وفتحت عينيك على الدولة الصحراوية التي تدرس الآن في مدارسها وتحظى بعنايتها كغيرك من الأطفال والمواطنين الصحراويين”.

تتوقف جدتي عن الحديث هنيهة، وتربت على كتفي مردفة في تنهيدة عميقة بلهجتها الحسانية الصرفة: “يعملك أخليفة مانك أتليفة”.

ثم تواصل حديثها بلغة التقدير والعرفان، نشكر بلاد المليون ونصف المليون شهيد على مواقفها التاريخية بإحتضان الشعب الصحراوي المظلوم جورا وعدوانا، ولا يفوتنا أيضا إلا أن نشكر منظمة غوث اللاجئين وغيرها من المتضامنين مع قضيتنا العادلة على ما قدموه ويقدمونه لنا من إعانات ومساعدات مادية ومعنوية، ساهمت إلى حد كبير في تعزيز عوامل الصمود لدينا، وكل ما نتمناه في الأخير تقول جدتي بعد أن كفكفت دموعها التي كانت تنهمر في كل مرة، أن تنصفنا العدالة الدولية وان يعم السلام والوئام كل أرجاء العالم.
بقلم: محمد حسنة الطالب

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس