اتهام المغرب بالاعتقالات التعسفية بالصحراء الغربية

6
اتهام المغرب بالاعتقالات التعسفية بالصحراء الغربية
اتهام المغرب بالاعتقالات التعسفية بالصحراء الغربية

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. دقت مؤسسة البشير للتنمية، وهي منظمة غير حكومية تتمتع بالمركز الاستشاري الخاص لدى الأمم المتحدة، ناقوس الخطر بشأن ما وصفته بـ”الاستخدام المستمر والممنهج للاعتقال التعسفي من قبل السلطات المغربية في الصحراء الغربية”، معتبرة إياه استراتيجية متعمدة لتجريم المقاومة وقمع حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.

وفي بيان كتابي قُدِّم إلى الدورة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان وإلى الدورة 78 للجمعية العامة الأممية، شددت المنظمة على أن الاعتقال التعسفي “يبقى أداة مركزية في الاستراتيجية الأوسع للمغرب لقمع الحقوق المدنية والسياسية للصحراويين، وخنق الأصوات المقاومة، وتجريم الدعوة السلمية لتقرير المصير.”

ووفقًا للبيان، فإن المدافعين عن حقوق الإنسان الصحراويين، والصحفيين، والطلاب، يُحتجزون بشكل روتيني دون أي أساس قانوني، ويتعرضون للتعذيب أو سوء المعاملة، ويُدانون في محاكمات لا تفي بالمعايير الدولية للعدالة.

وأشار البيان إلى أن الاعتقالات تأخذ شكلين: سجن طويل الأمد عقب محاكمات غير عادلة، واعتقالات قصيرة المدى غير موثقة تهدف إلى المضايقة.

وقالت المنظمة أن “الاعتقال التعسفي في الصحراء الغربية ليس سلسلة من الحوادث المنعزلة، بل هو سياسة متعمدة وممنهجة تنتهجها السلطات المغربية.” وتهدف هذه الإجراءات إلى ترهيب الأفراد، وخلق مناخ من الخوف، وإسكات المقاومة المشروعة داخل المجتمع الصحراوي.

وأكدت المنظمة أن العديد من الاعتقالات تجري بدون مذكرات توقيف، وغالبًا ما تكون مرتبطة بالاحتجاجات السلمية أو النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي أو التعبير عن الرأي السياسي. ويُحرم المعتقلون من الوصول إلى المحامين، ويُحتجزون رهن الحبس الاحتياطي المطوّل، ويتعرضون للتعذيب أو سوء المعاملة.

وأوضحت الوثيقة أن “المحاكمات تنتهك بشكل روتيني معايير المحاكمة العادلة الدولية، حيث تعتمد المحاكم على اعترافات منتزعة بالقوة وتفشل في ضمان استقلال القضاء”، مضيفة أن الأحكام “قاسية وغير متناسبة، وتهدف بوضوح إلى ردع المزيد من النشاط الحقوقي.”

ووُصفت الاعتقالات التعسفية قصيرة الأمد، التي تستهدف الطلاب على وجه الخصوص، بأنها تحدث خلال الفترات السياسية الحساسة مثل ذكرى أحداث المقاومة الصحراوية أو أثناء المظاهرات العامة. وأفاد الضحايا بتعرضهم للإساءة اللفظية والجسدية، والاستجوابات القسرية، والتهديدات، ليُفرج عنهم لاحقًا دون أي توثيق، وهو ما يمنع الأسر والمجتمع المدني من السعي لتحقيق العدالة أو الإنصاف، مما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب.

ولفتت المنظمة الانتباه إلى عدة قضايا بارزة تُجسد ما وصفته بسياسة المغرب في تجريم المعارضة السلمية، من بينها حالة الحسين البشير إبراهيم، المدافع عن حقوق الإنسان المحكوم عليه بالسجن 12 عامًا بعد إجراءات “شابتْها انتهاكات خطيرة لمعايير المحاكمة العادلة.”

كما أشارت الوثيقة إلى قضية الصحفي خطري دادا، المحكوم عليه بـ20 سنة في السجن على أساس أدلة مشكوك فيها، وقضية مجموعة اكديم إزيك التي ضمّت 24 ناشطًا صحراويًا تعرضوا للتعذيب والمحاكمات الجائرة عقب تفكيك مخيم الاحتجاج السلمي سنة 2010.

وأكدت المؤسسة أن “هذه القضايا ليست حوادث معزولة بل جزء من سياسة أوسع لتجريم المعارضة في الصحراء الغربية”، مشددة على أن المحاكم المغربية تعتمد على “إجراءات قضائية عقابية وذات دوافع سياسية لإسكات الأصوات الصحراوية.” ورغم النتائج المتكررة لفريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التي تؤكد عدم شرعية هذه الاعتقالات، أشارت المنظمة إلى أن “السلطات المغربية لم تتخذ أي إجراء تصحيحي.”

وانتقدت الوثيقة رفض المغرب المتواصل لتنفيذ توصيات الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة أو توفير سبل الإنصاف للضحايا، مبرزًة أن “الأفراد الذين يعتبرون معتقلين تعسفيًا لا يزالون في السجون، ولم تُجرَ تحقيقات مستقلة في مزاعم التعذيب والإكراه.” كما نددت المؤسسة بـ”استمرار غياب الوصول الدولي إلى الصحراء الغربية” أمام المراقبين الحقوقيين والصحفيين وآليات الأمم المتحدة، محذرة من أن غياب آلية لمراقبة حقوق الإنسان ضمن ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) يكرس ثقافة الإفلات من العقاب.

ودعت مؤسسة البشير في توصياتها مجلس حقوق الإنسان الأممي والدول الأعضاء للتحرك بحزم، مطالبة بـ”الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع السجناء السياسيين الصحراويين المعتقلين تعسفيًا، بما في ذلك أعضاء مجموعة اكديم إزيك، وخطري دادا، والحسين البشير إبراهيم.” كما طالبت المجلس بإدانة الاعتقالات التعسفية، وضمان امتثال المغرب لمعايير المحاكمة العادلة الدولية، ووضع حد لاستخدام التعذيب وسوء المعاملة.

واختتم المؤسسة بدعوة لإصلاحات هيكلية، بما في ذلك منح الوصول غير المقيّد إلى الصحراء الغربية للإجراءات الخاصة للأمم المتحدة والمراقبين المستقلين، وإنشاء “آلية دائمة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.” كما جدّدت التأكيد على “حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة.”

وتُعتبر مؤسسة البشير للتنمية منظمة غير حكومية تتمتع بالمركز الاستشاري الخاص لدى الأمم المتحدة، وتركز على التعليم، والرعاية الصحية، والأنشطة الإنسانية بالوسائل السلمية. وتقدم دورات تعليمية مجانية، وخدمات صحية، وتدعم التضامن الاجتماعي، وتدافع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان. (واص)

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس