أفريقيا برس – الصحراء الغربية. بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر تغريدته الشهيرة بتطبيع المغرب علاقاته مع الكيان الصهيوني واعترافه بمغربية الصحراء الغربية، ظن نظام المخزن انه ربح إلى الأبد قضية الصحراء الغربية، وتوهم بأن التطبيع لن يكون إلا خدمة بسيطة يقدمها مقابل المكسب الكبير، غير ان مع مرور الوقت ورحيل ترامب كل الموازين تغيرت وتحول انتصاره المزعوم في الصحراء الغربية إلى معضلة داخلية تكبر ككرة الثلج يحركها غضب الشارع المغربي الرافض للتطبيع الذي انتقل من التنديد بالتطبيع إلى المطالبة بإسقاط النظام.
دائما ما عبر المغرب عن استعداده للتحالف مع الشيطان من أجل حسم نزاعه مع جبهة البوليساريو حول السيادة في الصحراء الغربية، فكان يدفع بسخاء على الشخصيات النافذة ومجموعات الضغط في الولايات المتحدة وبكل مناطق صنع القرار من اجل استمالة مواقف الدول والمنظمات لصالحه، لكنه فشل على مدار العقود الأربعة منذ تفجر النزاع في الصحراء الغربية في إقناع الدول النافذة بالاعتراف بسيادته على الصحراء الغربية، ولم يستطع ان يحقق حلمه إلا مع الرئيس الامريكي المغامر دونالد ترامب، الذي اعترف له بمغربية الصحراء في آخر أنفاس عهدته الرئاسية، لكن مقابل خدمة طالما حلم بها حلفاؤه الصهاينة الا وهي التطبيع العلني والكامل مع المملكة المغربية الذي يراس ملكها لجنة القدس التي تعنى بالدفاع عن القدس.
المخزن المغربي الذي ظن انه ضرب عصفورين بحجر من جهة كسب اعتراف امريكي ومن جهة اخرى كسب حليف يتقاسم معه الكثير من المواصفات كدولتين محتلتين باطماع توسعية، لكن الرباط لم تكن تتصور لحظة بان خليفة ترامب لا يتقاسم معه نفس التصورات ولا المقاربات في ادارة علاقاته الخارجية ومصالحه.
وقبل ان يصطدم المخزن بالواقع الجديد، كان قد فتح جبهات صراع مع دول وازنة اوربيا على غرار المانيا واسبانيا، بسبب رفضهما الاستجابة لمطالبه بالاعتراف بمغربية الصحراء الغربية، لكن صدمة المغرب كانت اكبر عندما لمس تراجع واشنطن عن محتوى تغريدة ترامب خاصة في شقها المتعلق بالقضية الصحراوية، خاصة مع تصريحات وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن الذي لم يشر فيها إلى تغريدة ترامب وطالب في كل مرة بدور اممي لتسوية النزاع ودعمه للمبعوث الاممي ستيفان ديميستورا، وكانت الصدمة اكبر خلال اللقاء الأخير الذي جمع بلينكن بنظيره المغربي ناصر بوريطة بواشنطن اين عبر له عن رفضه الالتزام بإعلان ترامب لكنه حيا خطوة المغرب بالتطبيع مع “إسرائيل”.
ويشار إلى ان الكونغرس صوت على قرارات تمنع تمويل بناء قنصلية أمريكية بالداخلة المحتلة، إلى جانب منع مشاركة المغرب في المناورات متعددة الأطراف إلا في حال أظهر التزامه بالانخراط عمليا في حل أزمة الصحراء الغربية.
والغريب في قضية التطبيع مقابل الاعلان عن مغربية الصحراء الغربية من طرف ترامب، هو ان حتى رئيس مكتب الاتصال ال”اسرائيل”ي بالمغرب دافيد غوفرين رفض دعم المغرب خلال حوار له مع وكالة الانباء الاسبانية، حيث اكد انهم يدعمون حلال سياسيا للقضية وتحاشى الحديث عن سيادة المغرب عن الصحراء الغربية.
المغرب الذي ربح التطبيع وخسر الاعتراف بمغربية الصحراء، يجد نفسه اليوم أمام غضب متصاعد في أوساط الشارع المغربي الذي عبر على مدار الأشهر الماضية رفضه للتطبيع وخيانة القصر الملكي للقضية الفلسطينية، رغم كل القمع الذي واجه به أعوان المخزن للمتظاهرين.
ويظهر أن الشارع المغربي كسر جدار الخوف من خلال تحديه للقصر الملكي بالاحتجاج على وضعه المعيشي المتردي و “تغول المخزن ” وانتقل من مطالب بتحسين ظروفه المعيشية ورفض التطبيع إلى المطالبة بإسقاط النظام كما جرى الامر بعدة مسيرات احتجاجية بكبريات المدن المغربية على غرار مدينة فاس والرباط.
ويرى مراقبون بان نظام المخزن الذي كان يطمح من خلال صفقة ترامب إلى كسب بشكل نهائي قضية الصحراء الغربية مقابل تطبيع علاقاته مع الصهاينة، لم يربح من الصفقة سوى التطبيع ولم يسجل اي نقاط اضافية في قضية الصحراء الغربية، لكن خسر المزيد من النقاط خاصة على مستوى الكونغرس الامريكي وحتى على مستوى البيت الأبيض الامريكي، وفي المحصلة ربح رضى اللوبي الصهيوني وخسر الاعتراف بمغربية الصحراء وفوق كل ذلك خسر السلم الداخلي بفعل الانتفاضة التي تعيشها مدن المغرب ضده.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس