خطة التسوية الأممية الأفريقية لحل قضية الصحراء الغربية

1
خطة التسوية الأممية الأفريقية لحل قضية الصحراء الغربية
خطة التسوية الأممية الأفريقية لحل قضية الصحراء الغربية

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. بعث اليوم رئيس الجمهورية الصحراوية والأمين العام لجبهة البوليساريو، السيد إبراهيم غالي، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، أطلعه فيها على آخر تطورات القضية الصحراوية، وخاصة الوضع في المناطق الصحراوية المحتلة.

وأستهل رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة رسالته بالتذكير بأن الأمم المتحدة تحتفل هذا العام بالذكرى الثمانين لتأسيسها، وهي فرصةٌ لتأكيد الالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ولإبراز الدور المحوري للأمم المتحدة بوصفها ركيزةً للنظام متعدد الأطراف وضامنةً للسلم والأمن الدوليين ومدافعةً عن حقوق الإنسان والشعوب.

كما ذكّر بأنها أيضا مناسبة للتذكير بأنه ما دامت الدول والشعوب المستعمَرة لم تنل حريتها فإن دور الأمم المتحدة لا يزال وسيبقى بالغ الأهمية في تحقيق ذلك الهدف، بالإضافة إلى إرساء قواعد السلم والأمن والاستقرار في العالم وضمان احترام حقوق الانسان والشعوب والدفاع عن الشعوب المظلومة وإحقاق حقها في الحرية والعيش بكرامة.

وبعد التذكير بالطبيعة الدولية للقضية الصحراوية كقضية تصفية استعمار مُدرجة في جدول أعمال الجمعية العامة وهيئاتها الفرعية، أشار رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة إلى أنه في هذا العام تكون قد انقضت خمسون سنةً على غزو دولة الاحتلال المغربي للصحراء الغربية في 31 أكتوبر 1975 في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة وحق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.

وبخصوص موضوع حقوق الإنسان، أكد رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة أن الاحتلال العسكري المغربي غير الشرعي المتواصل للصحراء الغربية مازال يُمثل الانتهاك الأكبر لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والذي أدى إلى انتهاكات ممنهجة وصارخة لحقوق شعبنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي انتهاكات تم توثيقها وإدانتها من قبل العديد من المنظمات الدولية والأفريقية وكذلك مختلف هيئات الأمم المتحدة.

وتُظهر التقارير الصادرة عن تلك المنظمات وكذلك عن جمعيات حقوق الإنسان الصحراوية أن دولة الاحتلال المغربي تواصل ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد المدنيين الصحراويين، وبخاصة نشطاء حقوق الإنسان والصحفيون والمدونون والنشطاء الإعلاميون، في الصحراء الغربية المحتلة الذين يتعرضون لسياسة ممنهجة من العقاب الجماعي وجميع أنواع العنف الجسدي والنفسي بسبب نشاطهم السلمي ودفاعهم العلني عن حق شعبهم في تقرير المصير والاستقلال.

ونبه رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة إلى أن السجناء السياسيين الصحراويين، وعلى رأسهم مجموعة أكديم إزيك، مازالوا يعيشون في ظروف مأساوية داخل سجون دولة الاحتلال المغربي، حيث يتعرضون يومياً لممارسات مهينة وعقابية بما في ذلك الحرمان من الرعاية الطبية والعلاج والعزل وحظر المراسلات. وناشد من جديد وبإلحاح الأمين العام للأمم المتحدة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع السجناء السياسيين الصحراويين ليتمكنوا من العودة إلى وطنهم ولم شملهم مع عائلاتهم.

وأضاف أن سلطات الاحتلال المغربي تواصل انتهاج سياسة الأرض المحروقة بهدف معلن يتمثل في اقتلاع الصحراويين من ديارهم وأراضيهم في إطار سياسة استعمارية استيطانية ممنهجة، بالإضافة إلى سياسة التفقير والحرمان والإقصاء والتمييز العنصري ضد الصحراويين ونهب الثروات الصحراوية بالتواطؤ مع أطراف أجنبية في انتهاك صارخ لحق الشعب الصحراوي في السيادة الدائمة على موارده الطبيعية.

وفي هذا الصدد، ذكّر رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة بالحكمين الصادرين في 4 أكتوبر 2024 عن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي التي أكدت، بالإضافة إلى إعادة تأكيد “الوضع المنفصل والمتميز” للصحراء الغربية بما يتماشى مع قرار الجمعية العامة 2625 (د-25)، عدم شرعية الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب التي تشمل الصحراء الغربية لأنها أبرمت في انتهاك وتجاهل لموافقة الشعب الصحراوي وحقه في تقرير المصير والسيادة الدائمة على موارده الطبيعية.

كما أشار إلى أن قوات الاحتلال المغربية، ومنذ انتهاكها لوقف إطلاق النار في 13 نوفمبر 2020، ماتزال تستخدم جميع أنواع الأسلحة، بما فيها الطائرات المسيّرة، لقتل عشرات المدنيين الصحراويين ومدنيين من الدول المجاورة أثناء عبورهم الأراضي الصحراوية المحررة، مؤكداً على أن الاستهداف المتعمد للمدنيين والأهداف المدنية يُشكل جريمة حرب وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وانتهاكاً لقواعد القانون الإنساني الدولي.

وأضاف رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة القولَ إن سلطات الاحتلال المغربي تواصل فرض حصار عسكري وتعتيم إعلامي شامل على الإقليم ومنع هيئات الأمم المتحدة ومقرريها والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الدولية والمراقبين من دخوله، وذلك بهدف التغطية على جرائمها البشعة ضد المدنيين الصحراويين.

وشدّد بهذا الخصوص على أنه من غير المقبول على الإطلاق أن يُسمح لدولة الاحتلال المغربي باستخدام “حق النقض” ضد دخول هيئات الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية المحتلة، وطالب بضرورة أن تتمتع هيئات الأمم المتحدة والمراقبون المستقلون ووسائل الإعلام بحرية الوصول الكاملة إلى المناطق الصحراوية المحتلة.

كما طالب بضرورة أن تتحمل الأمم المتحدة وأن تفعّل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية تجاه الشعب الصحراوي، مع ما يستلزم ذلك من إنشاء آلية مستقلة ودائمة للأمم المتحدة لحماية الحقوق الأساسية للشعب الصحراوي وتقديم تقارير ميدانية ومنتظمة عن الوضع في الإقليم إلى هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتوسيع ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لتشمل عنصراً لحقوق الإنسان.

وأكد رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة من جديد على أن خطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية، التي قبلها الطرفان، جبهة البوليساريو والمغرب، في عام 1988 وصادق عليها مجلس الأمن بالإجماع في قراريه 658 (1990) و 690 (1991)، هي الاتفاق الوحيد المتفق عليه بشكل متبادل والذي يتسم بالطابع العملي والمعقول للتوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم لإنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية.

وأشار في هذا الصدد إلى أن عجز الأمم المتحدة وأجهزتها المعنية عن التعامل بحزم مع عرقلة المغرب المتعمدة ورفضه الوفاء بالتزاماته بموجب خطة التسوية الأممية الأفريقية قد شجع دولة الاحتلال على التمسك بموقفها المتعنت والمتمرد على الشرعية الدولية، كما أن المواقف غير المسؤولة والقائمة على منطق المقايضة التي اتخذتها بعض الحكومات في الآونة الأخيرة جعلت دولة الاحتلال تعتقد أنها تستطيع “شرعنة” الأمر الواقع الاستعماري في الصحراء الغربية المحتلة والحصول في نهاية المطاف على ما لم تتمكن من تحقيقه بالقوة.

وأشار رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة إلى أن جبهة البوليساريو برهنت مراراً وتكراراً، من خلال أفعال ملموسة، على التزامها الصادق بتحقيق السلام العادل والدائم. وبينما تبقى ملتزمة بالتنفيذ الكامل للولاية التي أنشأ مجلس الأمن من أجلها بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، فإنها أيضاً تظل مستعدة للعمل مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بهدف التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم لإنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية على أساس الاحترام الكامل لإرادة الشعب الصحراوي وحقه غير القابل للتصرف أو المساومة أو التقادم في تقرير المصير والاستقلال.

وفي هذا الصدد، جدد استعداد جبهة البوليساريو الكامل للدخول مع المغرب في مفاوضات مباشرة وجادة وذات مصداقية وبحسن نية ودون شروط مسبقة أو إملاءات تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم لإنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية وفقاً لقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة.

وفي الختام، شدد رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة على أن خمسين سنة من الاحتلال غير الشرعي لإقليم لا يزال خاضعاً لعملية تصفية الاستعمار ويتعرض شعبه لأفظع انتهاكات حقوق الإنسان وللحرمان من حقه الأساسي في تقرير المصير والحرية أمر لا يجب التسامح معه بعد الآن. ولذلك فإن إنهاء الاحتلال المغربي للصحراء الغربية بجميع أشكاله ومظاهره هو اختبار حقيقي لمصداقية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وهو ما يحتم مضاعفة الجهود لتحقيق إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في أفريقيا، الذي يعد السبيل الوحيد لاستعادة السلم والاستقرار في شمال غرب أفريقيا.(واص)

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس