إبراهيم غالي بعد الشفاء

10
إبراهيم غالي بعد الشفاء
إبراهيم غالي بعد الشفاء

أفريقيا برسالصحراء الغربية. أعلن النفير في شعب لاجئ وتبرم من وقف إطلاق نار لم يخدم قضية شعبه لزهاء ثلاثين عاما؛ ثم مالبث أن فاجأه المرض-الجائحة؛ فاستشفى في إسبانيا وتنقه في الجزائر طويلا.

ترك جيشه يخوض حربا ضروسا بقيادة مشتركة بين أجهزة الدولة الصحراوية؛ ويبدو أنه في فترة نقاهته ثمة مؤشرات على أنه استطاع الحصول على مضادات للمسيرات منذ شهرين تقريبا فخلق توازنا بين سماء معركته وأرضها.

قبل عودته اليوم لمخيمات اللاجئين الصحراويين لمزاولة عمله في مكتبه بالرابوني؛ أجرى جلسات تنسيق أمنية وسياسية مع هرم السلطة الجزائري؛ على ضوء توكيد ديميستورا كمبعوث أممي للمنطقة وتعيين مبعوث جزائري خاص بالمغرب العربي والصحراء الغربية؛ والقطيعة الدبلوماسية الثانية بين الجزائر والرباط. وقد يراقب من مكتبه المشهد الانتخابي المزلزل في المغرب وحالة النشوز الأورو متوسطي المستفحلة؛ خصوصا على طرفي مضيق جبل طارق.

أحاطت رحلته العلاجية عواصف سياسية وأمنية وروايات كثيرة زاد زخمها طول نقاهته.

فمن قائل باستحالة برئه مطلقا ومن قائل باحتدام الحديث عن استخلافه على هرم الدولة والتنظيم الصحراويين. ومن قائل بتلبسه بمرض آخر زاده الفيروس المستجد احتدادا.

اليوم في نهاية الصيف بعد أن غادر في نهاية الشتاء؛ يقطع الشك باليقين فيعود لمكتبه وإلى بيت الطين وخيمة اللاجئ التي اعتلته منذ ستة وأربعين عاما.

إبراهيم غالي هو أكثر قادة الدنيا وظائف؛ يرأس دولة عضوا مؤسسا في الاتحاد الإفريقي؛ ويقود منظمة تحرير من أعرق المنظمات في القارة وجيشا من الثوار؛ ويتولى مسؤولية أمن وتعليم وطبابة أكبر وأقدم تجمع للاجئين في العالم، وينتصب كآخر كهل على وجه الأرض يحمل السلاح كقائد ليعود وشعبه بكرامة إلى بيوتهم ويخضع لبروتوكولات طبية وإكراهات جيوسياسية مهولة.

الشيخ الصحراوي المقاتل إبراهيم غالي يعود لسوح الوغى ومكاتب السياسة وقد اشرأبت أعناق الصحراويين طويلا لمعرفة مصيره وتطورات مرضه. يعود وقد شغل الناس وصنع الحدث في شبه المنطقة؛ يعود ويعود معه الأمل لمآقي الحيارى وجفون الأرامل وشفاه اليتامى من بني جلدته الذين تعودوا على هادم اللذات بسبب وبدون سبب.

أكبر ما يهمني في عودة الرجل هو تلك الأحاديث الجانبية بينه وبين صبية حيه؛ حين يستوحي من ابتساماتهم أجندته ويغالبونه باستفهاماتهم البريئة الصامتة: هل سنصبح في سنك قبل أن نعود لوطننا؟ وأين هي الهدايا التي انتظرناها طويلا؟ وأين كنت كل هذه المدة؟.

وتظل القضية الصحراوية وزغاريد اللاجئات وترحيباتهن بالقادمين باللهجة الحسانية من جوف الأمل المتثاقل سيمفونية ملحمية ملهمة عصية على التصفح سهلة التجلي؛ ويبقى أهم صنابيرها وطرفاها الفصيحان هم ألو الشيبة فيها والولدان الذين نيطت عليهم تمائمهم في خضمها.

(بقلم: إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا)