السيناريوهات الاستشرافية للوضع في الصحراء الغربية

26
السيناريوهات الاستشرافية للوضع في الصحراء الغربية
السيناريوهات الاستشرافية للوضع في الصحراء الغربية

أفريقيا برسالصحراء الغربية. السيناريو الأول: استمرار الحرب

يتوقع ان تستمر الحرب في زخمها الحالي الى غاية شهر أكتوبر المقبل تاريخ انتهاء مأمورية بعثة المينورسو، وهذا السيناريو حاولت الرباط تجنبه حيث كثف المسؤولون المغاربة من تصريحاتهم التي تحمل جبهة البوليساريو مسؤولية انتهاك وقف إطلاق النار، وعرقلة جهود الأمين العام لتعيين مبعوث جديد، وذلك في محاولة لتوجيه الضغط نحو البوليساريو لقبول وقف الحرب.

من المرجع ان تحافظ جبهة البوليساريو على المرحلة الحالية والتي تتميز بعمليات قصف يومية ضد القواعد العسكرية المغربية المنتشرة على طول الجدار المغربي، ويدعم هذه الرؤية الموقف المتشدد للرئيس الصحراوي الذي يحظى بدعم واسع خاصة في صفوف الشباب، وان أي تراجع عن الحرب او وقفها يعني التفريط فيما تحقق من اجماع وطني وتعبئة شاملة غير مسبوقة، وسيضع القيادة الصحراوية امام ضغط شعبي غير مسبوق.

يدرك المغرب ان استعمال جبهة البوليساريو للأسلحة المتطورة على غرار الطائرات المسيرة و الصواريخ الموجهة سيكون مسالة وقت، وهو تطور ان حدث سيجعل الحرب الثانية مختلفة عن الأولى التي وجد خلال الجيش الصحراوي صعوبات في مواجهة سلاح الجو المغربي، كما ان استمرار الحرب سيرهق كاهن الخزينة المغربية التي تعاني أصلا من تداعيات جائحة كورونا والازمة الاقتصادية يضاف الى ذلك غياب مجموعة من العوامل التي شجعت المغرب على تنفيذ عملية الكركرات وفي مقدمتها الموقف الغامض لإدارة “جو بايدن” بشان اعلان “دولاند ترامب” وزوال الغطاء الذي وفرته الإدارة الامريكية لدول الخليج والذي شجعها على التدخل العسكري في سوريا واليمن وليبيا، علما ان المغرب كان يراهن على تكرار سيناريو التحالف الخليجي ضد الحوثين بالصحراء الغربية.

السيناريو الثاني: هدنة، واتفاق جديد لوقف إطلاق النار

يمكن ان يقع هذا السيناريو في المدى القريب وهو مرتبط بنجاح الأمين العام للأمم المتحدة في تعيين مبعوث جديد الى الصحراء الغربية، والذي من المنتظر ان يشرع مباشرة بعد تسلمه مهامه في دعوة الطرفين -المغرب وجبهة البوليساريو- الى محادثات لبحث سبل الخروج من الوضع الحالي، ووقف التصعيد قبل انتهاء مأورية المينورسو نهاية أكتوبر 2021، وهنا ستكون جبهة البوليساريو مضطرة الى التعاون مع المبعوث الجديد حتى لا ينظر اليها كونها الطرف المعرقل، ولكن من المحتمل جدا ان تضع شروطا كالتفاوض حول اتفاق جديد لوقف اطلاق النار، وتحديد خارطة طريق لتنفيذ مهمة المينورسو المتمثلة في تنظيم الاستفتاء، واذا قبلت جبهة البوليساريو هذا السيناريو فإنها ستستغل الهدنة التي يمكن ان تمتد لسنة في حشد مزيدا من الدعم والتعبئة ومواصلة حالة الاستنفار ، وتوجيه موارد إضافية لدعم الجيش وجعله في حالة تأهب.

السيناريو الثالث: انهاء الحرب بضغوط دولية

يعتبر سيناريو انهاء الحرب بضغط دولي ضعيف جدا بدليل ان المجتمع الدولي تجنب الخوض فيه منذ البداية لعدة اعتبارات، أبرزها ان المغرب هو الطرف الذي تسبب في اندلاع الحرب من خلال خرقه لوقف إطلاق النار، وان جبهة البوليساريو هي الطرف الذي يبادر بالهجمات العسكرية، كما ان الولايات المتحدة التي كانت تتولى في الماضي مهمة الضغط على الطرفين فقدت دورها المحايد بعد اعلان الرئيس السابق “دولاند ترامب” حول الصحراء الغربية.

وخلافا للمغرب الذي يمكن ان تنجح الضغوط الامريكية والفرنسية في اجباره على وقف انشطته العسكرية، فان جبهة البوليساريو توجد منذ 13 نوفمبر 2020 في موقف مريح يجنبها الضغوط الدولية، فروسيا مدعومة من الجزائر والاتحاد الافريقي ترى ان الطرف الصحراوي تفاعل مع الأمم المتحدة بشكل إيجابي خلال ثلاثين سنة ولا يمكن باي حال من الأحوال ممارسة ضغوط ضده في وقت يتم تجاهل اساب التصعيد المتمثلة في رفض المغرب تطبيق قرارات مجلس الامن والامعان في اساليبه الاستفزازية بالصحراء الغربية.

راهن المغرب خلال الأشهر الأولى من بداية الحرب على حدوث مثل هذا السيناريو، لذلك اعتمد سياسة إخفاء الحرب والخسائر المسجلة في صفوف قواته العسكرية من جهة، وتكثيف التحركات الدبلوماسية تجاه العواصم الغربية المؤثرة من اجل الضغط لوقف الحرب من جهة أخرى.

المصدر : دراسة اعدها قسم الدراسات بموقع صمود، ماي 2021